Friday

14-03-2025 Vol 19

الدور الروسي في مستقبل المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة

طهران – خاص شؤون آسيوية –

بقلم أمينة سليماني*

 

مرت المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة بعد توقيع الاتفاق النووي الشامل بین إيران و خمسة زائد واحد بالكثير من التقلبات. فقد أدى وصول ترامب إلى السلطة وقراره تمزيق الاتفاق النووي، بالإضافة إلى أحداث مثل اغتيال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني، وتغير الرئاسة في إيران والولايات المتحدة، وتغيير المصالح السياسية للطرفين، إلى بقاء هذه المفاوضات غيرمكتملة فضلاً عن عدم وصولها إلى نتائج واضحة بعد مقتل الرئيس الإيراني.

لقد تركت فترة رئاسة ترامب الثانية، بعد انتهاء ولايته، تأثيراً كبيراً على الأزمات العالمية وخاصة العلاقات بين إيران والولايات المتحدة. ادعى ترامب قدرته على إنهاء الأزمات في منطقة الشرق الأوسط وأزمة أوكرانيا بسرعة، ليعيد تقديم نفسه كقوة عظمى. فقد كان يعتقد أنه يمكنه التوصل إلى اتفاق أكثر شمولاً وأكبر وأفضل من الاتفاق النووي مع إيران، اتفاق يشمل القضايا النووية وكذلك القضايا الإقليمية وحقوق الإنسان. كان ترامب دائمًا يؤكد على أن الاتفاق النووي كان “اتفاقًا كارثيًا” سمح لإيران بمواصلة أنشطتها النووية والإقليمية. وبينما كان يعتقد أنه الأقوى في الوصول إلى اتفاقات سريعة وفعّالة، استخدم الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية ضد إيران كأداة رئيسية لمواجهة سلوكها النووي والإقليمي. إن سياسة “الضغط الأقصى” هذه، والتي تهدف إلى إجبار إيران على قبول مطالب الولايات المتحدة، لا تزال أحد التحديات الرئيسية في العلاقات بين البلدين.

فيما يتعلق بمفاوضات إيران مع الولايات المتحدة وحل مشكلة العلاقات بين البلدين عبر الحوار، هناك آراء متعددة داخل إيران. بشكل عام، هناك ثلاث توجهات رئيسية في هذا السياق بين التيارات السياسية الإيرانية:

الرأي الأول يعارض تمامًا التفاوض والتفاعل الدبلوماسي مع الولايات المتحدة، ويرى أن التفاوض مع أمريكا هو أمر عديم الجدوى، ويعتبره أداة للتدخل وسببًا في إضعاف البلاد بسبب التجارب التاريخية، وعدم الوفاء المستمر من قبل الولايات المتحدة ونقضها المتكرر للعهود.

الرأي الثاني يضم المؤيدين للتفاوض تحت أي ظرف، ويتضمن هذا التيار العديد من الإصلاحيين، الذين يعتقدون أن التفاعل والتفاوض مع الولايات المتحدة هو الطريق الأهم لتحقيق الانفراج الاقتصادي وحل القضايا الكبرى لإيران مع المجتمع الدولي. يعتقد هذا التيار أن التفاعل والتعامل الكامل مع أمريكا هو المفتاح الذهبي للسياسة الخارجية الإيرانية.

أما الرأي الثالث والأخير، فيتعلق بالمؤيدين للمفاوضات المشروطة، والذين لا يعارضون التفاوض والتفاعل مع الولايات المتحدة، بل يرونه أداة لتأمين المصالح الاستراتيجية الإيرانية إذا توفرت الشروط المناسبة. النقطة الرئيسية في هذا الرأي هي أن التفاوض يجب أن يتمّ في ظروف عادلة مع تبادل حقيقي للمصالح، وليس من أجل التفاوض لمجرد التفاوض أو قبول الشروط المفروضة من الطرف الآخر مقابل تنازلات غير متكافئة.

في إطار حل الملف النووي الإيراني، أكدت وسائل الإعلام الروسية الرسمية مؤخرًا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وافق على الوساطة بين إيران والولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي الإيراني.

ما يعقّد المفاوضات المحتملة بين إيران وأمريكا أكثر مما كان عليه الوضع في عامي 2013 و2015 هو دخول عوامل ومتغيرات جديدة، حيث كل منها يقدم عوامل إضافية تجعل عملية الوصول إلى اتفاق أكثر صعوبة. من بين هذه العوامل يمكن الإشارة إلى تطور الأوضاع الأمنية في الشرق الأوسط بعد “طوفان الأقصى” وتأثيره على الدور الإقليمي لإيران، وكذلك صعود ترامب في الولايات المتحدة كسياسي غير قابل للتنبؤ في السياسة الدولية.

من وجهة نظر الكاتب، فإن تصاعد قوة ترامب وزيادة التوتر بين إيران وأمريكا قد أتاح فرصة للروس للاستفادة من قدرتهم على الوساطة في هذا الحقل السياسي المتوتر، مما يزيد من قيمة دورهم الاستراتيجي في السياسات الإقليمية والدولية؛ وهو الدور الذي تعرض للضرر الشديد بسبب حرب أوكرانيا. إن فشل موسكو في تحقيق نصر عسكري سريع في أوكرانيا وجدار العقوبات الغربية الذي طالها، جعل روسيا تشعر بضرورة إنهاء الحرب أكثر من أي وقت مضى. والآن، مع قرار ترامب بإنهاء الحرب بالضغط على زيلينسكي، يتيح تلك الفرصة الكبيرة لبوتين ليؤدي هذا “الجميل” أو الخدمة.

إلا أنه، بناءً على التعريفات النظرية للوساطة التي تشدد على مصداقية وحيادية الوسيط، يبدو أن روسيا في الوضع الحالي لا يمكنها أن تكون الوسيط الفعال والموثوق به. أولاً، لأن روسيا ترغب في أن تقوم بتقديم خدمة لترامب في قضية أوكرانيا مقابل تسوية الملف النووي الإيراني، وقد تضغط على إيران كالطرف الأضعف في المفاوضات للحصول على تنازلات كبيرة على طاولة المفاوضات. ثانيًا، المطالب التي قدمها الطرف الأمريكي بدمج الملف النووي الإيراني مع القضايا الإقليمية والصواريخ البالستية لا يمكن قبولها من قبل إيران، وبالتالي، سواء كانت روسيا هي الوسيط أو أي قوة أخرى، فإن عدم التفاوض في هذه الحالة سيكون قرارًا حتميًا لإيران.

وفي الختام، من الجدير بالذكر أنه نظرًا لوجود معلومات غير كافية حول كيفية أداء روسيا لدور الوسيط في إطار المفاوضات، فإننا يجب أن ننتظر المزيد من المعلومات التي ستنشر بعد اللقاء المرتقب بين الوفود الروسية والأمريكية في الرياض. كما أن هذا الموضوع يمثل أهمية كبيرة لمتخذ القرار الإيراني الذي يجب أن يتمكن من رصد مؤشرات لتعديل المواقف الأمريكية في المفاوضات لكي يكون مستعداً للجلوس على طاولة الحوار.

*باحثة إيرانية.

Shuun Asyawiya

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *