بقلم د. زكريا ملحفجي*/
قدم قائد العمليات العسكرية في سورية أحمد الشرع، خلال مقابلته مع قناة العربية، رؤيته لمستقبل البلاد بعد الثورة، مسلطًا الضوء على التحديات التي تواجه تنظيم الانتخابات والدستور ومدة الفترة الانتقالية، ومؤتمر الحوار الوطني وماهيته غير الواضحة، وكذلك عدم وضوح خارطة الطريق للانتقال الديمقراطي، سوى أنها رُبطت بزمن طويل، ولم يوضح كيف ستكون حالة الحكومة الانتقالية خلال هذه الفترة.
تنظيم الانتخابات والجدول الزمني المقترح
أوضح الشرع أن تنظيم انتخابات حرة ونزيهة في سورية قد يستغرق ما يصل إلى أربع سنوات، مشيرًا إلى أن هذا الإطار الزمني ضروري لضمان تحقيق الاستقرار وإعادة بناء المؤسسات الوطنية.
يثير هذا الجدول الزمني تساؤلات واسعة في الشارع حول مدى استعداد الشعب السوري للانتظار لفترة طويلة قبل ممارسة حقه في اختيار قيادته.
قد يؤدي تأجيل الانتخابات إلى تفاقم حالة الإحباط بين المواطنين الذين يتطلعون إلى تغيير سريع يعبّر عنهم بعد سنوات من الصراع. من جهة أخرى، قد يكون التعجل أيضاً في إجراء الانتخابات من دون توفير البنية التحتية اللازمة والمؤسسات المستقرة مخاطرة قد تؤدي إلى نتائج عكسية، لا تؤدي إلى ديمقراطية.
والسؤال المطروح هو: من سيقود هذه المرحلة وما هي الصفة الشرعية له، وهل هناك حكومة انتقالية متنوعة تعبّر عن التنوع السوري، وخاصة أن التعيينات تتسم بالانغلاق على دائرة ضيقة من الأشخاص المقربين، وأن طول الفترة الانتقالية لغاية كتابة دستور وإجراء انتخابات قد تؤدي إلى تململ شعبي. فنحن أمام تحديات أخرى كثيرة، تطلب منا تحقيق رضا أكبر ما يمكن للسوريين والقوى السورية الموجودة.
وهناك تحديات كبيرة ومنها ما هو مصير نحو 25 في المئة من مساحة سورية وقرابة مئة ألف مسلح من قوات سورية الديمقراطية (قسد)، وكذلك إلى أي مدى ستنصهر القوى العسكرية في وزارة الدفاع بسلاسة كما تم الحديث عنها.
وهناك أيضاً قوى عسكرية خاصة بالسويداء وأخرى خاصة بحوران، وهنالك “الجيش الوطني” في الشمال السوري، وهو يضم حوالي خمسين ألف عسكري، ولديه حكومة مؤقتة ومجالس ومعابر موجودة وكان لها استقلال إداري عن حكومة إدلب.
فالتحدي اليوم كبير حول القدرة على تذليل العقبات والتي تحتاج رضا السوريين ورضا وقناعة هذه القوى العسكرية لتتفاعل إيجابياً لتعزيز المؤسسة العسكرية الواحدة التي تحتاجها سورية.
وفي حين تتوالى المواقف العربية المؤيدة للتغيير في سورية بعد الثورة فقد شهدت المواقف العربية تجاه الثورة السورية تباينًا بين الدول في السابق، فدعمت بعض الدول العربية المعارضة السورية، بينما التزمت أخرى بالحياد أو دعمت النظام. مع مرور الوقت، بدأت بعض الدول العربية في إعادة النظر في علاقاتها مع دمشق، حيث ظهرت دعوات لإعادة سورية إلى جامعة الدول العربية واستئناف العلاقات الدبلوماسية، كمحاولة منها لضمان دور عربي عقب جمود الحل السياسي.
ثم كانت المفاجأة بانهيار نظام بشار الأسد وسرعة النصر فسارعت معظم الدول العربية إلى دعم السلطة الجديدة وخاصة لخروج الجغرافية السورية من العباءة الإيرانية المهددة للأمن القومي العربي.
ونبقى أمام عدة تحديات مستقبلية لتحقيق الاستقرار في سورية، أبرزها:
إعادة الإعمار: تحتاج سورية إلى جهود ضخمة لإعادة بناء ما دمرته الحرب، وهو ما يتطلب تنسيقًا دوليًا ومساهمات مالية كبيرة.
المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية: يتطلب تحقيق السلام الدائم معالجة الجروح المجتمعية وبناء الثقة بين مختلف المكوّنات السورية.
التوازن بين القوى الإقليمية: يجب إيجاد صيغة تضمن توازن المصالح بين القوى الإقليمية الفاعلة في سورية، بما يحفظ سيادة البلاد ووحدتها.
الخلاصة:
خلقت مقابلة أحمد الشرع مع قناة العربية أملاً وقلقاً لدى السوريين، ودون أن تذكر التحديات المعقدة التي تواجه سورية في المرحلة الانتقالية، فيتطلب تحقيق الاستقرار والتقدم تنسيقًا دقيقًا بين الجهود الداخلية والدولية، مع مراعاة تطلعات الشعب السوري في الحرية والكرامة والعدالة والرضى عن الانتقال المؤقت للسلطة والمستقبل.
*باحث سوري.