spot_img

ذات صلة

جمع

مكالمة قد تغير التاريخ: لحظة ترامب وبيزشكيان لإحلال السلام

شؤون آسيوية - بقلم سيد حسين موسويان*/ أعربت إدارة ترامب...

هل يُخيّب ترامب آمال نتنياهو؟

د. هيثم مزاحم ** يقول الكاتب الإسرائيلي إيتان غلبواع...

عيد الربيع الصيني.. رمز للفرح والتقاليد

شؤون آسيوية - بقلم تشو شيوان ** مع اقتراب موعد...

ترامب مهتم بزيارة الصين والهند قريباً

شؤون آسيوية – واشنطن - أبلغ الرئيس...

من الرماد ….. ما مستقبل غزة؟

خاص شؤون آسيوية، مقالة: أوليفر ماك تيرنن، ترجمة: معهد...

جنوب غرب آسيا جديد قيد التشكّل .. المسارات المستقبلية

شؤون آسيوية/

د . ساعود جمال ساعود

أولاً: جنوب غرب آسيا يتشكل من جديد: ما هي أهم سماته؟

يشهد جنوب غرب آسيا، المعروف أيضًا باسم الشرق الأوسط، إعادة تشكيل كبيرة في الديناميات الإقليمية والدولية. وتتميز هذه المنطقة بتغيرات جيو- سياسية واقتصادية واجتماعية معقدة، مع بروز العديد من السمات الرئيسية:

1. صعود قوى جديدة:

إيران: تسعى إيران إلى تعزيز نفوذها الإقليمي من خلال دعم الجماعات المسلحة وتوسيع برنامجها النووي، مما يخلق توترات مع الولايات المتحدة وحلفائها.

تركيا: تتخذ تركيا موقفًا أكثر حزمًا في السياسة الخارجية، وتتدخل في النزاعات الإقليمية وتوسع نفوذها العسكري، مما يثير قلق بعض الدول المجاورة.

الدول الخليجية: تسعى دول الخليج، مثل السعودية والإمارات العربية المتحدة، إلى تنويع اقتصاداتها وتخفيف اعتمادها على النفط، مع التركيز على الاستثمار في التكنولوجيا والابتكار.

2. تراجع الولايات المتحدة: تشهد الولايات المتحدة انحسارًا نسبيًا في نفوذها في المنطقة، مع تحولها نحو تركيز استراتيجي على آسيا والمحيط الهادي، أدى ذلك إلى فراغ في القوة، مما يسمح للقوى الإقليمية الأخرى بملء الفراغ وتعزيز نفوذها.

3. استمرار النزاعات: لا تزال المنطقة تعاني من العديد من النزاعات المسلحة، بما في ذلك الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والحرب على السورية، وتُسبب هذه النزاعات أزمات إنسانية هائلة وتُعيق التنمية والاستقرار في المنطقة.

4. تصاعد التطرف: لا تزال الجماعات المتطرفة، مثل داعش والقاعدة، تشكل تهديدًا للأمن والاستقرار في المنطقة، على الرغم من خسائرها الأخيرة، وتُشكل هذه الجماعات تهديدًا مباشرًا للأنظمة الحكومية وتُساهم في زعزعة الاستقرار الاجتماعي.

5. تحديات اقتصادية: تواجه العديد من دول المنطقة تحديات اقتصادية، بما في ذلك ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض أسعار النفط وعدم المساواة المتزايدة، تُؤدي هذه التحديات إلى الاضطرابات الاجتماعية والسياسية وتُشكل خطرًا على الاستقرار الإقليمي.

6. تغيرات اجتماعية: تشهد المنطقة تحولات اجتماعية عميقة، مدفوعة بعوامل مثل ازدياد عدد السكان والوصول المتزايد إلى الإنترنت وتزايد تمكين المرأة، تُساهم هذه التغييرات في تحدي الأعراف والقيم التقليدية وتُشكل فرصًا وتحديات جديدة للحكومات والمجتمعات.

7. تعاون إقليمي متزايد: على الرغم من التحديات، هناك أيضًا اتجاه متزايد نحو التعاون الإقليمي في بعض المجالات، مثل التجارة والطاقة وحماية البيئة، تُساهم هذه الجهود في تعزيز الاستقرار والازدهار في المنطقة.

إن إعادة تشكيل جنوب غرب آسيا عملية معقدة ومتعددة الأوجه. وتتميز المنطقة بمزيج من التحديات والفرص، مع ظهور قوى جديدة وتراجع قوى أخرى واستمرار النزاعات وتصاعد التطرف وتحديات اقتصادية وتغيرات اجتماعية وتعاون إقليمي متزايد. إن فهم هذه الديناميات ضروري لأي شخص يريد أن يفهم العالم من حوله ويتخذ قرارات مستنيرة بشأن القضايا الدولية. وهنا نطرح تساؤل حول هذه المتغيرات: هل التغييرات التي تشهدها منطقة جنوب غرب اسيا إيجابية أم سلبية؟

إنّ “الجنوب غرب آسيا الجديد” ظاهرة معقدة لها جوانب إيجابية وسلبية.

الجوانب الإيجابية: إمكانية زيادة التعاون الإقليمي: قد يؤدي صعود قوى إقليمية جديدة إلى زيادة التعاون بين دول المنطقة، ممّا قد يُساهم في تحقيق السلام والاستقرار، كذلك فرص اقتصادية جديدة: يُمكن أن يُساهم النمو السكاني والتغيرات الديموغرافية في المنطقة في خلق فرص اقتصادية جديدة.

الجوانب السلبية: عدم الاستقرار قد تُؤدي التوترات الجيو-سياسية والصراعات إلى المزيد من عدم الاستقرار في المنطقة، ويخلق العديد من التحديات الاقتصادية يواجه العديد من دول المنطقة تحديات اقتصادية كبيرة، مثل الفقر والبطالة.

ثانياً: متغيرات قيد التشكّل في منطقة جنوب غرب آسيا:

تشهد منطقة جنوب غرب آسيا، أو كما تُعرف أيضًا باسم الشرق الأوسط، تحولات جيو- سياسية هامة، وتبرز علاقات دولية جديدة تلعب دورًا متزايدًا في تشكيل مستقبل المنطقة، وسأقدم لكم بعضًا من أهم هذه العلاقات الناشئة:

تعزيز العلاقات بين الصين والدول العربية: تتوسع العلاقات بين الصين والدول العربية بشكل سريع، مدفوعة بالمصالح الاقتصادية المشتركة، خاصة في مجالات الطاقة والتجارة والاستثمار، وتُعد مبادرة الحزام والطريق الصينية أحد أهم العوامل الدافعة لهذه العلاقات، حيث تسعى الصين إلى الاستثمار في مشاريع البنية التحتية في الدول العربية، وكما تُعزز الصين تعاونها الأمني مع بعض الدول العربية، وتقدم لها المساعدة العسكرية والتدريبية.

التقارب الروسي- الإيراني: توطدت العلاقات بين روسيا وإيران بشكل كبير في السنوات الأخيرة، خاصة في ظل العقوبات الغربية المفروضة على كلا البلدين، يتعاون البلدان في المجالات العسكرية والاقتصادية والسياسية، ويُعدّ التنسيق الأمني بينهما أمرًا هامًا في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط، وتُشكل هذه العلاقة تحديًا للنظام الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وتُثير قلق بعض الدول العربية.

تطبيع العلاقات العربية -الإسرائيلية: شهدت السنوات الأخيرة تطبيعًا للعلاقات بين إسرائيل وبعض الدول العربية، مثل الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب، تُعد هذه الاتفاقيات تاريخية وتُغير بشكل كبير من خريطة التحالفات في المنطقة، بينما يُرحب البعض بهذه التطورات باعتبارها خطوة نحو السلام والاستقرار، يرفضها آخرون ويعتبرونها خيانة للقضية الفلسطينية.

عودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان: سيطرة طالبان على أفغانستان في عام 2021 أدت إلى ظهور لاعب جديد على الساحة الدولية في جنوب غرب آسيا ، وتسعى طالبان إلى الحصول على اعتراف دولي، بينما تُبدي الدول الغربية قلقها بشأن سجلها في مجال حقوق الإنسان ومستقبل البلاد، ستلعب علاقات طالبان مع الدول المجاورة، خاصة باكستان وإيران، دورًا هامًا في تحديد استقرار المنطقة.

تنامي دور تركيا في المنطقة: تسعى تركيا إلى تعزيز دورها كقوة إقليمية، وتتدخل في العديد من الصراعات في المنطقة، مثل سوريا وليبيا، تُثير هذه السياسة التركية مخاوف بعض الدول العربية، خاصة مصر والسعودية، اللتان تتنافسان مع تركيا على النفوذ في المنطقة، ومن المهم مراقبة علاقات تركيا مع الدول الأخرى في المنطقة، خاصة روسيا والولايات المتحدة.

ثالثاً: أهمية جنوب غرب آسيا بالنسبة للصين وبالتالي بالنسبة لمبادرة الحزام والطريق:

تُعدّ دول جنوب غرب آسيا (المعروفة أيضًا باسم الشرق الأوسط) موقعًا هامًا لمبادرة الحزام والطريق، وذلك لأسباب متعددة:

الموقع الجغرافي: تقع دول جنوب غرب آسيا في مفترق طرق بين آسيا وأفريقيا وأوروبا، ممّا يجعلها موقعًا مثاليًا لإنشاء شبكات نقل تربط بين القارات الثلاث.
الموارد الطبيعية: تتمتع دول جنوب غرب آسيا باحتياطيات هائلة من الموارد الطبيعية، مثل النفط والغاز الطبيعي والمعادن، ممّا يُعدّ ضروريًا للاقتصاد الصيني المتنامي.
الأسواق: تتمتع دول جنوب غرب آسيا بسكان كبار، ممّا يجعلها أسواقًا ضخمة للمنتجات الصينية. فضلاً عن متشاركة العديد من دول جنوب غرب آسيا بشكل فعال في مبادرة الحزام والطريق فيما يلي بعض الأمثلة:
باكستان: تُعدّ باكستان شريكًا رئيسيًا للصين في مبادرة الحزام والطريق. تمّ إنشاء ممر اقتصادي صيني-باكستاني يربط بين ميناء جوادر في باكستان ومنطقة شينجيانغ في الصين بشبكة من الطرق السريعة والسكك الحديدية.
إيران: تُشارك إيران في مبادرة الحزام والطريق من خلال العديد من المشاريع، بما في ذلك خط سكة حديد يربط بين إيران وتركيا.
السعودية: وقّعت السعودية والصين اتفاقيات بقيمة 40 مليار دولار أمريكي لمشاريع في إطار مبادرة الحزام والطريق.
الإمارات العربية المتحدة: تُشارك الإمارات العربية المتحدة في مبادرة الحزام والطريق من خلال العديد من المشاريع، بما في ذلك ميناء جبل علي، الذي يُعدّ أحد أكثر الموانئ ازدحامًا في العالم.

رابعاً: مشاريع مبادرة الحزام والطريق في جنوب غرب آسيا وتأثيرها عليها:

ممر الملاحة البحري: تسعى الصين إلى إنشاء ممر ملاحي بحري يربط بين بحر الصين الجنوبي والبحر المتوسط، مرورًا ببحر العرب والخليج العربي.
الخطوط الحديدية: تُموّل الصين إنشاء العديد من خطوط السكك الحديدية في دول جنوب غرب آسيا، مثل خط السكك الحديدية بين الصين وباكستان وخط السكك الحديدية بين إيران وتركيا.
الطرق السريعة: تُموّل الصين إنشاء العديد من الطرق السريعة في دول جنوب غرب آسيا، مثل طريق سريع يربط بين الصين وباكستان وطريق سريع يربط بين إيران وتركيا.
الموانئ: تُموّل الصين إنشاء وتطوير العديد من الموانئ في دول جنوب غرب آسيا، مثل ميناء غوادار في باكستان وميناء جابهار في إيران.
المناطق الصناعية: تُقيم الصين مناطق صناعية في بعض دول جنوب غرب آسيا، مثل المنطقة الصناعية الصينية المصرية.
في حال تم انجاز المشاريع سالفة الذكر فإن جملة من التأثيرات الإيجابية ستتولد عنها منها التنمية الاقتصادية إذ ستُساهم مشاريع مبادرة الحزام والطريق في تنمية الاقتصادات المحلية في دول جنوب غرب آسيا، من خلال خلق فرص عمل جديدة وتحفيز الاستثمار، وستساهم بتحقيق التكامل الإقليمي بين دول جنوب غرب آسيا، من خلال تحسين الربط البيني وتسهيل حركة التجارة، وستُعزّز مبادرة الحزام والطريق النفوذ الجيو- سياسي للصين في جنوب غرب آسيا، ممّا قد يُؤدي إلى تغيير موازين القوى في المنطقة، غير ان هذه الإنجازات لا تخفي التحديات التي تواجه مبادرة الحزام والطرق لا سيما حالات عدم الاستقرار السياسي التي يُمكن أن تؤدي في بعض دول جنوب غرب آسيا إلى عرقلة تنفيذ مشاريع مبادرة الحزام والطريق.

خامساً: التنافس الأمريكي الصيني في جنوب غرب آسيا: ديناميكيات معقدة وتأثيرات بعيدة المدى

يتسم التنافس الأمريكي الصيني في جنوب غرب آسيا بتعقيد متزايد، مدفوعًا بمجموعة من العوامل، تشمل أهمها العوامل الجيو- سياسية في التنافس الأمريكي الصيني بجنوب غرب آسيا:

المنافسة على النفوذ:

العلاقات الدبلوماسية: تعمل كل من الولايات المتحدة والصين على تعزيز علاقاتها مع الدول الإقليمية في جنوب غرب آسيا، من خلال تقديم المساعدات الاقتصادية والدعم الدبلوماسي.

الولايات المتحدة: تُحافظ الولايات المتحدة على علاقات تاريخية قوية مع العديد من دول المنطقة، مثل المملكة العربية السعودية وإسرائيل. تسعى الولايات المتحدة إلى تعزيز هذه العلاقات من خلال التعاون الأمني والاقتصادي.
الصين: توسّع الصين علاقاتها مع دول المنطقة بشكل سريع، من خلال مبادرة الحزام والطريق. تُقدّم الصين قروضًا وبنى تحتية لدول المنطقة، ممّا يُعزّز نفوذها الاقتصادي.
التعاون العسكري: تسعى كل من الولايات المتحدة والصين إلى تعزيز تعاونها العسكري مع الدول الإقليمية في جنوب غرب آسيا.

الولايات المتحدة: تُقيم الولايات المتحدة قواعد عسكرية في العديد من دول المنطقة، مثل قطر والبحرين. تُقدّم الولايات المتحدة أيضًا المساعدات العسكرية لدول المنطقة، ممّا يُعزّز قدراتها العسكرية.
الصين: تُوسّع الصين تعاونها العسكري مع دول المنطقة، من خلال بيع الأسلحة وإجراء المناورات العسكرية المشتركة، تُقيم الصين أيضًا قواعد عسكرية في بعض دول المنطقة، مثل جيبوتي.
المناطق الاستراتيجية:

ممر الملاحة في مضيق هرمز: يُعدّ مضيق هرمز ممرًا بحريًا هامًا لنقل النفط والغاز من الخليج العربي إلى بقية العالم. تُسيطر إيران على جزء من هذا المضيق، ممّا يُعطِيها نفوذًا كبيرًا على تجارة الطاقة العالمية. تسعى كل من الولايات المتحدة والصين إلى ضمان حرية الملاحة في مضيق هرمز، ممّا يُعدّ مصلحة استراتيجية هامة.
البحر الأحمر: يُعدّ البحر الأحمر ممرًا بحريًا هامًا للتجارة بين أوروبا وآسيا. تُسيطر مصر على قناة السويس، التي تُعدّ أحد أهمّ ممرات الملاحة البحرية في العالم. تسعى كل من الولايات المتحدة والصين إلى تعزيز علاقاتها مع مصر للحفاظ على حرية الملاحة في البحر الأحمر.

آسيا الوسطى: تُعدّ آسيا الوسطى غنية بالموارد الطبيعية، بما في ذلك النفط والغاز الطبيعي. تُسعى كل من الولايات المتحدة والصين إلى تعزيز علاقاتها مع دول آسيا الوسطى لتأمين إمداداتها من الطاقة.

بالتالي هناك منعكسات سلبية لهذا التنافس سوف تتأثر بها منطقة جنوب غرب أسيا مستقبلاً ومنها أولاً: زيادة التوترات: يمكن أن يؤدي التنافس الأمريكي الصيني على النفوذ والمناطق الاستراتيجية إلى زيادة التوترات في المنطقة، ممّا قد يُؤدي إلى صراعات إقليمية.

ثانياً: سباق التسلح: يمكن أن يؤدي التنافس العسكري بين الولايات المتحدة والصين إلى سباق تسلح في المنطقة، ممّا قد يُؤدي إلى عدم الاستقرار.

ثالثاً: الاعتماد على القوى الخارجية: يمكن أن يؤدي التنافس الأمريكي الصيني إلى زيادة اعتماد الدول الإقليمية على القوى الخارجية، ممّا قد يُقلّل من سيادتها وحريتها في اتخاذ القرار.

باحث سوري.

spot_imgspot_img