spot_img

ذات صلة

جمع

مكالمة قد تغير التاريخ: لحظة ترامب وبيزشكيان لإحلال السلام

شؤون آسيوية - بقلم سيد حسين موسويان*/ أعربت إدارة ترامب...

هل يُخيّب ترامب آمال نتنياهو؟

د. هيثم مزاحم ** يقول الكاتب الإسرائيلي إيتان غلبواع...

عيد الربيع الصيني.. رمز للفرح والتقاليد

شؤون آسيوية - بقلم تشو شيوان ** مع اقتراب موعد...

ترامب مهتم بزيارة الصين والهند قريباً

شؤون آسيوية – واشنطن - أبلغ الرئيس...

من الرماد ….. ما مستقبل غزة؟

خاص شؤون آسيوية، مقالة: أوليفر ماك تيرنن، ترجمة: معهد...

مشروع التنمية الاستراتيجي والفرص المتاحة لدولة الإمارات

بقلم: إلسا عصفورة*

الخلاصة التحليلية:
تعزيز الدور والتأثير السياسي والربط الاقتصادي الاستثماري لتعزيز قاطرة العمل السياسي، وصقل أدوات التأثير غير المباشر أو التأثير الناعم على الدول، واستغلال المحفظة المالية لهذا الأمر، فضلاً عن فتح المجال للاستثمارات ذات العائد المضمون في سوقٍ بكر كالسوق العراقية، والارتكاز على موقع العراق وأهميته السياسية والجغرافية، دون أن نغفل الارتدادات السياسية لقيادة عملية تحوّل دول المنطقة من سياسة الاستقطاب الحاد إلى سياسة الحياد البناء مع توسّع هوامش الحركة السياسية للدول الإقليمية في ظل المواجهة بين الدول الكبرى على تشكيل نظامٍ عالمي جديد. جملة أمور تستطيع دولة الإمارات الرهان عليها في دعمها لمشروع “التنمية الاستراتيجي”.

شهد رئيس الوزراء العراقي، “محمد شياع السوداني”، و الرئيس التركي، “رجب طيب اردوغان”، الاثنين 22 أبريل 2024، توقيع مذكرة تفاهم رباعية بين العراق و تركيا و قطر و الإمارات العربية المتحدة للتعاون في “مشروع طريق التنمية” أو ما يُطلق عليه مُسمى “القناة الجافة”، الذي يربط ميناء الفاو بمدينة البصرة العراقية على مياه الخليج العربي بالأراضي التركية ومنها إلى أوروبا، و قال بيان لمكتب السوداني إن المذكرة التي تم توقيعها “تهدف إلى التعاون المشترك بشأن مشروع “طريق التنمية الاستراتيجي”و وضع الأطر اللازمة لتنفيذ المشروع.(الشرق الأوسط و شمال أفريقيا 22 أبريل 2024)
يهدف المشروع الجديد “طريق التنمية” إلى جعل العراق ممراً لانتقال البضائع والسلع بين آسيا والخليج وأوروبا، كما يضم مجموعة طرق وسكك حديدية وموانئ ومدن جديدة. تبلغ الميزانية الاستثمارية للمشروع نحو 17 مليار دولار، على أن يُنفّذ في عدة مراحل تنتهي عام2028.

التحليل:
1- ما هي الفرص التي يمكن ان يوفرها مشروع التنمية العراقي التركي لدولة الإمارات على المستويات اللوجستية والاستثمارية والتجارية والسياسية والاستراتيجية؟

إن “طريق التنمية” مشروع يصب في مصلحة جميع دول المنطقة ومنها الإمارات العربية المتحدة، حيث من الممكن لهذا المشروع أن يحقق مكاسب و فرص اقتصادية و استثمارية كبيرة للإمارات العربية، بالإضافة إلى الامكانيات التي يقدمها المشروع في الترابط الإقليمي و البنى التحتية، كما أنّ السوق العراقية سوق بكر توفر للاستثمار الإماراتي فرصاً ناجحة على المستوى الاقتصادي. وهنا يجب أن يتوزع الاستثمار الإماراتي على المستويات التالية:
– الاستثمار في تأهيل الكوادر البشرية العراقية: وهذا أمر في غاية الأهمية. فالاستثمار في الكادر البشري يبرز طبقةً متأثرةً بشكلٍ أو بآخر بتوجهات ورؤى الدول المستضيفة والراعية لعملية التأهيل والتعليم. بشكلٍ عام سواء في مجال الاقتصاد، أو حتى في مجال التخطيط الاستراتيجي العام.
– الترابط الإقليمي بمعناه العام يعمل في حال وجود مساهمة متوازنة من الدول الإقليمية على تشكيل شبكة من الخدمات المتوازنة التي تكمّل عمل وتخدم مصالح الدول المتعاونة في المشروع. وبهذا المعنى فإن الجهد الإماراتي يجب أن ينصب على الاستثمار في المشاريع التي تساهم في تطوير القدرة التنافسية للموانئ الإمارتية تحت ستار الترابط الإقليمي.
– التأسيس لإنشاء شبكة معلومات ونظام تبادل يتوافق مع النموذج الإماراتي لإدارة التبادلات التجارية، والتركيز على قطاع الاتفاقيات والقوانين المعمول بها في هذا المجال بإنشاء نظامٍ قانوني لا يتعارض مع النموذج المعمول به في الإدارة الإماراتية.
أما على الصعيد السياسي، سيزيد المشروع من فرص تعزيز الخطط الاستراتيجية على المدى الطويل وتوطيد العلاقات السياسية مع الحكومة العراقية التي طالما سعت دولة الإمارات إلى تمتينها. خاصةً وأن الحكومة العراقية برئاسة رئيس الوزراء الأسبق مصطفى الكاظمي أرّخت لإعادة تشكيل دور العراق في محيطه الإقليمي والعربي، حيث لعبت بغداد دور الوسيط بين السعودية وإيران في مسارٍ انتهى بإعلان المصالحة بين الدولتين برعايةٍ صينية. وهذا الأمر انسحب على سياسات رئيس الوزراء الحالي “محمد شياع السوداني”، وهنا لا بد من التنويه إلى نقاط الالتقاء التي تشكل نوافذ للفرص المتاحة:
أولاً: مع دحر تنظيم “داعش” في العراق، واعتماد حكومتي الكاظمي والسوداني سياسات متوازنة، ونزوع العراق للعب دور الوسيط، ومحاولته التمايز عن السياسات الإيرانية وحتى الأميركية، كل ما سبق يشكل أرضيةً خصبة لتطوير العمل العربي المشترك عموماً، والعمل الخليجي العراقي المشترك، وفي مقدّمته الجهد الإماراتي العراقي لتحييد المنطقة والإقليم من الاستقطاب السياسي الحاد، وصولاً إلى توسيع هام المناورة العربية في العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك. وهنا يحضر دور العراق في التفاوض الايراني السعودي كمثال، ودور الامارات في الملف السوري واحتضان عودة سورية إلى الجامعة العربية كمثالٍ موازٍ.
ثانياً: تعزيز التعاون الأمني في مجال مكافحة الإرهاب، ومكافحة تهريب المخدرات، استغلالاً للتحوّل في الموقف السياسي العراقي ضمن عملية عادة صياغة دور بغداد في المنطقة.
ثالثاً: على الرغم من مطالبة الحكومة العراقية بانسحاب القوات الأميركية من العراق، إلا أن التقارب مع العراق الذي تتغيّر أسس رؤاه السياسية لدوره في المنطقة، يشكل فرصةً لتوسيع تحالف الدول العربية التي تنشد تأمين الاستقرار للمنطقة أولاً، وإبعادها قدر الإمكان عن الهزات السياسية العنيفة التي تؤثر بطبيعة الحال على أمن الخليج العربي.
2- هل يحمل المشروع العراقي التركي إمكانيات تنافسية استراتيجية للموانئ الإماراتية عموما وميناء جبل علي خصوصا؟
إن “مشروع التنمية” العراقي التركي، هو مشروع رديف للموانئ الإماراتية، ووسيلة لدعم سياسة تنويع مصادر دخل الدولة ولا يحمل في طياته أي إمكانية تنافسية لاستراتيجية الموانئ الإماراتية. وذلك لجملة عوامل:
أولاً: الاستقرار السياسي: في سياق تظهير موانئ بديلة في منطقة الخليج العربي بإمكانها أن تحتل أدواراً تقوم بها الموانئ الإمارتية على الصعيد الإقليمي والعالمي، تجدر الإشارة إلى أن الاستقرار السياسي يعد أحد أهم عوامل تشجيع الدول على الاستثمار وبالتالي فتح أفق المنافسة الإستراتيجية، وهذا المركز لا يملكه العراق حتى اليوم، حيث يعد منطقة نفوذٍ أميركية إيرانية غير مستقرة، حيث يدار الصراع بين الجانبين على قاعدة الصدام تارةً والتفاهم تارةً أخرى، ويعتد في مراحل الصراع على العمل في الساحات ذات النفوذ المشترك والرق مثالٌ حيٌّ عليها. ثانياً: مما لا شك فيه أن التأسيس للبنية التحتية اللوجستية يعد أحد عوامل إطلاق العملية التنافسية مع دولة الإمارات، وأيضاً فإن عملية تأهيل البنى التحتية في العراق وصولاً إلى تطويرها بما يتلاءم مع المعايير العالمية، أمرٌ لا يمكن أن يتم بين ليلةٍ وضحاها، وهو مشروعٌ استراتيجيٌّ طويل الأمد يجمع بين التمويل، والاستقرار السياسي، واتفاق الدول الفاعلة على إعادة صياغة دور العراق في المنطقة بما يتناسب مع مصالحها.
3- كيف يمكن للإمارات أن تضمن ريادتها في مجال اللوجستيات البحرية؟
في سياق محافظة الإمارات على ريادتها فإنه يجب:
– الاستمرار في تطوير هذا القطاع عبر العمل على جملةٍ من التسهيلات تتعلق بالتطوير الدائم للأنظمة والقوانين التي تسهّل عمليات المبادلات التجارية. فضلاً عن الاستمرار في تطوير البنية التحتية لجذب الاستثمارات.
– يواجه القطاع اللوجستي في الإمارات تحديات تتعلق بالتطورات الجيوسياسية في المنطقة والعالم، والحروب التجارية التي تزداد ضراوتها لاسيما بين الصين والولايات المتحدة. ولتجاوز هذه التحديات يتوجب الاستمرار في المشاركة بدعم مشاريع الترابط الإقليمي كما هي الحالة القائمة اليوم في ما يخص مشروع “التنمية الاستراتيجي”، فضلاً عن تبني العديد من المبادرات التي من شأنها أن تذلل هذه العقبات والتحديات التي تعترض التجارة العالمية، وتساهم بتحقيق الاستقرار الإقليمي المنشود.
– تعزيز وضع الدولة كمركز لوجيستي عالمي يمر من بوابة مواءمة عمل القطاعين العام والخاص، وبالتالي يتوجب التركيز على المراجعة المستمرة لقوانين القطاع العام التي تشكل الأرضية القانونية لعمل القطاع الخاص المحلي والدولي، ومواكبة اعتراضات ومتطلبات القطاع الخاص عبر المجالس الاستشارية المشتركة بين القطاعين العام والخاص.

التقييم:
تستند الإمارات على مجموعة من الأسس والدوافع التي تجعلها تتبنى تمويل مشروع “طريق التنمية”:
توجه الإمارات في أن تكون إحدى الجهات الإقليمية المنظمة للتجارة البحرية.-
– أهمية العراق الجيوسياسية والجيواستراتيجية في المنطقة عموماً، وبالنسبة لمنطقة الخليج خصوصاً.
– محاولة الإمارات ضبط إيقاع التنافس الإقليمي عبر الدخول المباشر في التنافس الناعم مع الدول الإقليمية (تركيا وإيران) لتظهير البعد العربي القومي، وقطع الطريق على حالة الاستقطاب السائدة في المنطقة.
– حكومة “محمد شياع السوداني” على الرغم من الخلافات بين الأقطاب السياسي في الداخل العراقي، ونفوذ إيران الكبير على جزء لا بأس به من القوى السياسية العراقية. هذه الحكومة تسعى لتعزيز دور العراق كحلقة وصل بين مختلف الأطراف في المنطقة، ونقطة تلاقي بينها، بدلًا من أن يكون ساحة للصراع. وهذا التوجه سيساعد عبر التنمية الاقتصادية في تعزيز الاستقرار السياسي.

*باحثة سورية.

spot_imgspot_img