رفيا عبود*/
في نظرة سريعة على غالبية المجتمعات العربية نرى أنّ ظاهرة قطع الأرحام أصبحت منتشرة بكثرة ، وهذا يدّل على الحياة الأسرية المفككة التي عصفت في الجسم العربي.. ويقودنا إلى الإضاءة على هذه الظاهرة للوصول إلى الأسباب والبحث عن السبل لحلها أو التقليل منها .
فقطيعة الأرحام تعني قطع العلاقات بين الأفراد الذين تربطهم صلة قرابة، سواء هذه القطيعة كلّية أم جزئية ، وممكن أن تكون داخل البيت الواحد أو العائلة الكبيرة من الأجداد والأعمام والأخوال .
ومن أهم أسباب هذه القطيعة ممكن ان نلخصها في عدة نقاط:
١- الخلافات الشخصية التي تنشأ داخل الأسرة الواحدة.. وهذه الخلافات مردها “لقلة الوعي الأسري” لحل أي أمرٍ يسبب في الجفاء الذي سيكون بعد أي خلاف.. بغض النظر عن حجم هذه الخلاف .
٢- التغيرات الاجتماعية التي تطرأ على الأسرة الواحدة فممكن أن تكون في حال ومع مرور السنين تصبح في حال أعلى فتقوم بالابتعاد عن بقية الأسرة لأنّ وضعها أصبح أرقى وهذه مرض يعصف في عقول أرباب الأسرة والقائمين على بنائها .
٣- الضغوط النفسية وهذه الحالة متواجدة بكثرة في مجتمعاتنا وتتقاطع بالكثير مع الأسر العربية فغالبية الأسر تعيش في ضغوط كبيرة لتأمين العيش وهذا يؤدي إلى تفكك الأسرة وبحث أفرادها على فرص ممَّ يسبب شقاق وبعد بين العائلة الواحدة.
٤- عصر التكنولوجيا الذي اقتحم كل بيتٍ عربي وحبس أفراده وراء شاشات صغيرةٍ حيث تجد أن الصغير قبل الكبير أصبح مقيداً أمامه…
ومن أهم الآثار التي تسبب قطع الرحم وانعكاسها على المجتمع يعود إلى أن:
١- الأمراض النفسية تعتبر رائدة الانتشار في غالبية المجتمعات العربية فتجد آلااف حالات الاكتئاب والوهن والشرود مرده إلى الحالة الانعزالية التي يدخل فيها الفرد وتشكل الطابع الرئيس في شخصيته.
٢-الحالات الاقتصادية التي تؤثر سلباً على الأسرة فهذا الجانب يعتبر الأهم والذي يسيطر على عقل كل مؤسس أسرة فإن لم يجد من يعينه ويشد على يديه من عائلته الصغيرة أم الكبيرة فسيدخل بدوامة ويؤثر سلبا على عطاءه وهذا سيعكس على الأسرة وتنشئتها.
٣- الآثار الاجتماعية وهذه الحالة هي الرائجة بكثرة فتجد أنّ مئات العوائل لا تعرف بعضها البعض لأنّ الأسر غير مترابطة ولا يقومون بواجباتهم فيما بينهم وهذا يعكس على البيت الداخلي وتنتقل إلى الأبناء وتستمر هذه الحالة..
طرق العلاج المجدية في التخفيف منها:
لا يمكن أن نحصرها في عدد معين فالتواصل الفعال والحوارات المفتوحة والنقاشات الدائمة بين أفراد الأسرة الواحدة لحل أي خلاف ينشأ؛ وهذا يتمّ في وجود الأهل وتحت إشرافهم فأي معضلة مردها إلى الاندثار إن لقت أذن واعية ورأي حكيم… ويمكن أيضاً أن تقوم المنظمات المجتمعية بلعب دورٍ هام في تثقيف الأسر عن طريق دورات توعوية وشرح ما يؤثر جراء قطع الرحم، وكذلك نشر الثقافة العامة بين أفراد المجتمع سواء في المدرسة أم الجامعة أم الملتقيات أم المنتديات والإكثار في المحاضرات والندوات على هذه الظاهرة.
في الختام إنّ قطع الأرحام ظاهرة منتشرة في مجتمعاتنا العربية وهذه الظاهرة لابدّ أن تتكاتف وتتضافر الجهود للتخفيف منها حتى دثرها ولا يمكن أن تنهض المجتمعات إن لم يتمّ علاجها.
*كاتبة وصحافية سورية