شؤون آسيوية – هانغتشو –
حولت محافظة تشينغيوان، الواقعة في الجبال النائية بمقاطعة تشجيانغ بشرقي الصين، غاباتها الكثيفة إلى مصدر للثروة المستدامة من خلال زراعة الفطر الصالح للأكل، بشكل يمزج بين التقاليد القديمة التي تعود لقرون وبين التكنولوجيا الحديثة في تناغم مع الطبيعة.
ومن الأمثلة البارزة هي شركة جيونبوه المحدودة للتكنولوجيا الحيوية في محافظة تشينغيوان، بما تزخر به من خبرة ترجع لأكثر من ثلاثة عقود في إنتاج وبيع فطر الشيتاكي، وتستثمر الآن في التقنيات الذكية لتعزيز الإنتاجية.
وقال نائب مدير عام الشركة يانغ تاو، إن الشركة استغنت تدريجيا عن طرق التجفيف والفرز التقليدية، ونشرت 53 وحدة تجفيف ذكية، مشيرا إلى أن هذه الآلات مصممة خصيصا لمعالجة مختلف أنواع الفطر المحلية وتتيح التجفيف الآلي مع المراقبة عن بعد.
وأوضح يانغ أن العملية الجديدة تقلل بشكل كبير من العيوب مثل التشوه والتشقق وتغير اللون. وبفضل استخدام أجهزة فرز الألوان المدعومة بالذكاء الاصطناعي، ارتفعت دقة التصنيف إلى 95 بالمائة. كما يوفر كل طن من الفطر الطازج المجفف 370 كجم من الحطب ويقلل انبعاثات الكربون بمقدار 230 كجم.
وقال يانغ يينغ كون، باحث تقني في مركز صناعة الفطر الصالح للأكل بمحافظة تشينغيوان، إن التكنولوجيا تدفع الصناعة قدما عن طريق خفض التكاليف ورفع الكفاءة. وأضاف أن المركز قد تعاون مع جامعات، بما في ذلك جامعة جيلين للزراعة، لتطوير أنواع جديدة من الفطر مناسبة للزراعة الصناعية.
وفي الوقت الذي تقود فيه شركات مثل جيونبوه الابتكار التكنولوجي، تسعى المحافظة، المعروفة على نطاق واسع على أنها مهد زراعة فطر الشيتاكي، إلى الوصول إلى مستويات أعلى. وبالقرب من هناك، يتم حاليا إنشاء مجمع صناعي يركز على بحوث الفطر الصالح للأكل ومعالجته والسياحة الزراعية، من المقرر افتتاحه بحلول نهاية عام 2027.
وسيتبنى المجمع تقنيات ذكية مثل المجففات الموفرة للطاقة التي تقلل من استهلاك الوقود ومخاطر الحرائق. وتشير التقديرات الرسمية إلى أنه من المتوقع أن توفر المنشأة حوالي 7500 طن من الحطب سنويا مع خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 3000 طن، إلى جانب خفض كبير في انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين.
ومن المتوقع أن يحقق المجمع، بمجرد تشغيله، قيمة إنتاجية سنوية تزيد عن 400 مليون يوان (حوالي 56.7 مليون دولار أمريكي)، وتدعم أكثر من 5000 أسرة زراعية محلية، وتساعد مزارعي الفطر على كسب 200 مليون يوان إضافية كل عام.
كما تقدم شركة جيونبوه تدريبا منتظما للمزارعين المحليين، مما يزيد متوسط الدخل السنوي للسكان بأكثر من 30 ألف يوان ويخلق أكثر من 200 فرصة عمل في المجتمع.
وتعد هذه الجهود جزءا من استراتيجية تشينغيوان الأوسع لبناء قطاع الفطر الصالح للأكل ليصبح محركا للازدهار العام. وحتى عام 2024، وفرت الصناعة فرص عمل وزادت الدخل لأكثر من 40 ألف شخص، مع وصول متوسط الدخل السنوي للفرد إلى حوالي 36 ألف يوان.
كما ساهمت هذه المحاصيل المدمجة التي تزرع في الغابات أيضا في زيادة دخل المزارعين في أكثر من 400 محافظة في أكثر من 20 منطقة على مستوى المقاطعات في الصين. وكان أحد الدوافع الرئيسية لهذا التوسع هو برنامج الشهادات الرائد للمزارعين المهرة في زراعة الفطر في المحافظة الجبلية النائية، الذي درب 706 فنيين حتى عام 2024. ويقوم هؤلاء الخبراء الآن بمشاركة معرفتهم على مستوى البلاد، لمساعدة الآخرين على زيادة المحاصيل والدخل على حد سواء.
ويعود تاريخ التناغم بين الإنسان والبيئة الإيكولوجية في المنطقة إلى القرن الثالث عشر وقد نال اعترافا عالميا. وفي عام 2022، صنفت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة نظام الزراعة الذي يدمج بين الفطر والغابات في تشينغيوان كنظام تراث زراعي ذي أهمية عالمية.
ويعد نظام الزراعة الذي يدمج بين الفطر والغابات في تشينغيوان نموذجا مستداما للزراعة الحرجية يدمج بين إدارة الغابات وزراعة الفطر والاستخدام الدوري للموارد في المناطق الجبلية ذات الارتفاعات العالية. ومن خلال هذه الجهود، ضمنت المجتمعات المحلية الأمن الغذائي والمعيشي، وطورت نظاما تقنيا فريدا يدمج بين الغابات والفطر.
وقال يانغ يينغ كون إن هذا النظام يدعم التعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة، وإن التراث الزراعي ليس أثرا من الماضي، بل هو شكل حي من أشكال الإنتاج يتصل بالحاضر والمستقبل.
المصدر: شينخوا

