بناء “الحزام والطريق” بين الصين والسعودية

بناء “الحزام والطريق” بين الصين والسعودية

خاص شؤون آسيوية/
بقلم باي يوي*

يوافق 21 يوليو الذكرى الرابعة والثلاثين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والمملكة العربية السعودية. السعودية هي واحدة من أوائل الدول التي دعمت وشاركت في بناء “الحزام والطريق”. وقد أعرب القادة السعوديون في مناسبات متعددة عن رغبتهم في تعزيز التوافق الاستراتيجي مع الجانب الصيني وتعميق التعاون في بناء “الحزام والطريق”. وقد قام الرئيس شي جين بينغ بزيارتين رسميتين إلى المملكة العربية السعودية في عامي 2016 و2022، مما وجه ودفع بناء “الحزام والطريق” بين الصين والسعودية نحو الأمام وحققت إنجازات مثمرة في هذا السياق.

يدعم الجانب الصيني بشكل دائم مبادرات التنمية الكبرى للسعودية مثل “رؤية 2030” و”الشرق الأوسط الأخضر”، ويشارك بنشاط في عملية التصنيع السعودية، مما يساعد على تنويع الاقتصاد السعودي. وقعت حكومتا البلدين مذكرة تفاهم بشأن بناء “الحزام والطريق”، وخطة تنفيذية لتوافق مبادرة “الحزام والطريق” مع “رؤية 2030”. وفي إطار بناء “الحزام والطريق”، وقعت الجهات المعنية في البلدين عدة اتفاقيات تعاون في مجالات الطاقة والبنية التحتية والاستثمار والنقل والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

حاليًا، من مصفاة ينبع إلى مشروع البتروكيماويات للإيثيلين في غولي، ومن منطقة التجمع الصناعي في جيزان إلى مشروع البنية التحتية العامة في البحر الأحمر، ومن اتصالات 5Gإلى التعاون في استكشاف القمر، تتواصل استراتيجية التنمية بين الطرفين بشكل عميق. خلال القمة الصينية العربية الأولى، أكد الرئيس شي جين بينغ على ضرورة توسيع التعاون في مجالات التجارة الإلكترونية،و الاقتصاد الرقمي، و الطاقة النظيفة، و التكنولوجيا الفائقة، وتطوير الفضاء، مما أعطى دفعة قوية لتعميق التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والسعودية. وقد أشار بعض المحللين إلى أنه إذا كانت “رؤية 2030” السعودية عبارة عن لوحة فسيفساء ضخمة، فإن العناصر الصينية هي بالتأكيد قطعة لا غنى عنها.
تتمتع الاقتصادات بين البلدين بتكامل قوي وإمكانات كبيرة للتعاون. منذ عام 2013، أصبحت الصين الشريك التجاري الأول للسعودية، وزاد حجم التجارة الثنائية بنسبة 61٪ خلال السنوات العشر الماضية.وكانت السعودية واحدة من الموردين الرئيسيين للنفط الخام للصين، ولأكثر من 20 عامًا كانت أكبر شريك تجاري للصين في منطقة الشرق الأوسط. يُعتبر مشروع الطاقة الشمسية بقدرة 2.6 جيجاواط في العُلا، الذي تنفذه شركة الصين للطاقة جيزان، أكبر محطة للطاقة الشمسية قيد الإنشاء في العالم، وعند اكتماله سيقلل انبعاثات الكربون بنحو 3.12 مليون طن سنويًا، وهو مشروع رئيسي في تحول الطاقة السعودي. كما تتعاون الشركات التكنولوجية الصينية مع الجانب السعودي في مجالات البيانات الكبيرة والحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي وبناء المدن الذكية، مما يساعد في التحول الرقمي للاقتصاد السعودي.

في السنوات الأخيرة، شهد السوق المالي السعودي نموًا سريعًا، وأصبحت العاصمة الرياض واحدة من المراكز المالية في منطقة الشرق الأوسط. في هذا السياق، تتطور التعاونات المالية بين الصين والسعودية باستمرار، مما يوفر المزيد من الفرص لتيسير التجارة والاستثمار بين البلدين وتعزيز تدويل الرنمينبي الصيني. حيث وقع فرع البنك الصناعي والتجاري الصيني في الرياض مذكرة تفاهم للتعاون مع مركز التخصيص السعودي، واتفاقية تعاون في مجال الأعمال باليوان مع مجموعة عجلان السعودية، مما يعزز تدويل الرنمينبي الصيني ويوفر المزيد من الشروط الملائمة للتنمية المتعمقة للتعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والسعودية. في مارس 2023، نجح بنك التصدير والاستيراد الصيني والبنك الأهلي السعودي في تنفيذ أول قرض باليوان، مما يشير إلى ترقية جديدة في التعاون بين المؤسسات المالية في البلدين.

لم يقتصر الأمر على ذلك، بل اتخذ البلدان عدة إجراءات من خلال التعاون في مجال التعليم وتبادل الوفود التعليمية بين الصين والسعودية لتعزيز القدرات التعليمية في تدريس اللغة الصينية، مما يزيد من الفائدة المتبادلة. حاليًا، توجد في السعودية أربع جامعات تقدم تخصص اللغة الصينية، وأول معهد كونفوشيوس معتمد قد بدأ عملياته في يونيو 2023. بالإضافة إلى ذلك، تزداد التبادلات الشعبية بين الصين والسعودية كثافةً، أعلنت المملكة العربية السعودية عن اعتمادها لتكون وجهة سياحية رسمية للسياح من جمهورية الصين الشعبية، وتم استخدام اللغة الصينية على لافتات مطار الرياض الدولي، وتوسيع استخدام اللافتات الصينية في الأماكن السياحية الرئيسية، مما يسهم في تعزيز التبادل الثقافي بين الصين والسعودية.

تقول الحكمة العربية: “اللغة هي الأوراق، والعمل هو الثمار”. إن شجرة الصداقة والتنمية المزدهرة بين الصين والسعودية والتي تعززها مبادرة “الحزام والطريق” قد أثمرت بشكل كبير. ستواصل الصين والسعودية كتابة قصة التواصل الجميلة لطريق الحرير على مدار ألف عام، وتعزيز بناء “الحزام والطريق” بشكل ثابت ومستمر، مما يعود بالنفع المتبادل على البلدين وشعبيهما.

*باي يوي إعلامي صييني.

باي يوي
باي يوي

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *