هل سيؤثر هجوم كييف على مسار المحادثات مع موسكو في إسطنبول؟

شؤون آسيوية – موسكو – إعداد: رغد خضور –

 

شهدت الساحة الروسية، خلال الساعات الماضية، تصعيداً غير مسبوق في الهجمات الأوكرانية بالطائرات المسيّرة، تزامناً مع انطلاق جولة جديدة من المفاوضات بين موسكو وكييف في مدينة إسطنبول التركية، حيث أسفرت الهجمات عن أضرار كبيرة في البنى التحتية العسكرية الروسية، وأثارت ردود فعل سياسية وأمنية حادة من الجانب الروسي.

 

هجمات غير مسبوقة

وزارة الدفاع الروسية أكدت أن القوات الأوكرانية نفذت، يوم أمس، سلسلة هجمات منسقة بطائرات مسيّرة من طراز “FPV” استهدفت مطارات عسكرية في خمس مقاطعات روسية، شملت: مورمانسك، إيركوتسك، إيفانوفو، ريازان وآمور.

وتسببت هذه الهجمات في اندلاع حرائق في عدد من وحدات الطيران، خاصة في مقاطعتي مورمانسك وإيركوتسك، بينما تم صدّ الهجمات في المواقع الأخرى.

وشملت الأضرار، بحسب مصادر مطلعة، احتراق طائرات عسكرية في قواعد استراتيجية، منها قاعدة بيلايا الجوية في سيبيريا، وقاعدة أولينيا في كولا، وقاعدة دياجيليفو بالقرب من موسكو، وقاعدة إيفانوفو الجوية شمال شرقي العاصمة. وقدرت الخسائر بما يقارب 34% من حاملات الصواريخ الكروز الاستراتيجية، وهو ما وصفته صحيفة “فاينانشال تايمز” بأنه “واحد من أكثر الهجمات جرأة منذ بدء الحرب”.

 

تطور جديد ومفاجئ

وفي تطور لافت، استُهدفت قرية سريدني في مقاطعة إيركوتسك السيبيرية بهجوم بطائرات مسيّرة استهدفت وحدة عسكرية، وهو الأول من نوعه في هذه المنطقة البعيدة عن خط المواجهة.

وبين حاكم المقاطعة، إيغور كوبزيف، أن الطائرات أُطلقت من شاحنة نقل متنقلة، مشيرًا إلى أن القوات الأمنية، بما فيها الأمن الفيدرالي والدفاع المدني، انتشرت في الموقع، وأنه لا تهديد مباشر لحياة المدنيين في الوقت الراهن.

وأضاف بأنه تم إسقاط إحدى الطائرات على مبنى قديم في نوفومالتينسك، فيما لم يحدد العدد الإجمالي للطائرات المهاجمة بعد.

بالتوازي، أعلنت سلطات مدينة إنجلس في مقاطعة ساراتوف، التي تضم قواعد جوية فضائية روسية، تفعيل أعلى مستويات التأهب تحسبًا لهجمات مماثلة.

وامتدت الهجمات لتشمل منطقتي كورسك وفورونيج، حيث أسقط الدفاع الجوي الروسي 162 طائرة مسيّرة، منها 57 فوق كورسك وحدها. وتسببت الحطام الناتج عن هذه الطائرات في إشعال حرائق، وأضرار في وحدات سكنية، بالإضافة إلى انقطاع الكهرباء على الطريق السريع M4 نتيجة سقوط خطوط الطاقة.

 

الرد سيكون حتمياً

وعقب الهجمات، صرح أندريه كليشاس، رئيس لجنة التشريع الدستوري بمجلس الاتحاد الروسي، بأن الرد على هذه الهجمات “حتمي وسيتم بكل تأكيد”، في إشارة إلى نية موسكو الرد عسكرياً.

كما أعلنت وزارة الدفاع الروسية اعتقال عدد من المتورطين في تنفيذ هذه الهجمات، دون تقديم تفاصيل إضافية.

 

الموقف الأمريكي

على الجانب الأميركي، صرح مسؤول في الإدارة الأميركية أن واشنطن لم تُبلَّغ مسبقاً بالهجوم الأوكراني الواسع على القواعد العسكرية الروسية.

في السياق،  ذكر مسؤول دفاعي أمريكي، بحسب ما نقلت شبكة CNN، أن الهجوم أظهر “درجة عالية من التطور” في القدرات الأوكرانية.

ولفت إلى أن وزير الدفاع، بيت هيغسيث، تلقى تحديثات دورية أثناء سفره إلى قاعدة أندروز الجوية المشتركة، الأحد، لكنه لم يتحدث بعد إلى نظرائه الأوكرانيين.

 

مفاوضات إسطنبول

تأتي هذه الهجمات قبل موعد الجولة الثانية من المفاوضات المباشرة، التي انطلقت صباح اليوم، بين الوفدين الروسي والأوكراني في قصر تشاراجان بمدينة إسطنبول.

وترأس الوفد الروسي مساعد الرئيس فلاديمير ميدينسكي، فيما قاد وزير الدفاع رستم عمروف الوفد الأوكراني الذي توسعت تشكيلته إلى 14 عضواً.

ورغم الهجمات الأوكرانية، أكد نائب وزير الدفاع الروسي، ألكسندر فومين، أن المفاوضات ستعقد كما هو مخطط لها، مشدداً على أن موسكو لا تزال ملتزمة بخيار التسوية السياسية.

 

خارطة طريق للتسوية

أظهرت وثائق مسربة، اطلعت عليها وكالات مثل “رويترز” و”نيويورك تايمز”، أن أوكرانيا قدمت خارطة طريق تتضمن وقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً، وتبادل شامل للأسرى، وعودة الأطفال الأوكرانيين من المناطق التي تسيطر عليها روسيا، تليها محادثات مباشرة بين الرئيسين زيلينسكي وبوتين، بإشراف شركاء دوليين.

وتشمل الشروط الأوكرانية المعلنة عدم الاعتراف بسيادة روسيا على أي من المناطق المحتلة، وعدم فرض قيود على القدرات الدفاعية لأوكرانيا، بالإضافة إلى مطالبة بتعويضات مالية.

 

الدور الدولي والتركي في المفاوضات

أعربت أنقرة عن أملها في تحقيق تقدم ملموس نحو وقف إطلاق النار، وأكدت استعدادها للعب دور ضامن. وشارك وزير الخارجية التركي هاكان فيدان ورئيس الاستخبارات إبراهيم قالن في الجلسة الافتتاحية للمفاوضات.

وفي السياق ذاته، أجرى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف محادثات هاتفية مع نظيره الأميركي ماركو روبيو، تناولت سبل استئناف الحوار السياسي بين موسكو وكييف. كما أكد الكرملين عبر المتحدث باسمه دميتري بيسكوف رفضه إعلان المواقف التفاوضية عبر الإعلام.

 

مفاوضات محفوفة بالمخاطر

وفي وقت لا تزال فيه المفاوضات مستمرة في إسطنبول، فإن التطورات الميدانية تشير إلى مرحلة جديدة من التصعيد النوعي في الحرب، حيث تمكنت أوكرانيا من نقل المعركة إلى العمق الروسي، في حين تسعى روسيا لإظهار التماسك السياسي والاستعداد للتفاوض. ومع استمرار الهجمات والردود، يبقى مستقبل التسوية معلقًا بين طاولة التفاوض وهدير المسيّرات.

More From Author

لتعزيز تجارة آسيا الوسطى.. ميناء إركشتام الحدودي ثاني ميناء يبدأ بتخليص البضائع على مدار الساعة

كوريا الجنوبية: 30 ألف ضابط شرطة لتأمين مراكز اقتراع الانتخابات الرئاسية

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *