إيران توقف رسمياً تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية

شؤون آسيوية – طهران –

 

صدّق الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، على قانون يُعلّق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بعد أيام قليلة من إقراره من قبل مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان). وقد أبلغ بزشكيان منظمة الطاقة الذرية الإيرانية رسميًا ببدء تنفيذ القانون، الذي يحظى بدعم سياسي وبرلماني واسع في البلاد، كجزء من رد طهران على التصعيد العسكري الأخير الذي استهدف منشآتها النووية.

يأتي هذا التطور بعد أن شنّت إسرائيل، بدعم من الولايات المتحدة، هجومًا واسع النطاق في 13 يونيو الماضي، استمر لمدة 12 يومًا، واستهدف مواقع عسكرية ونووية داخل إيران، بالإضافة إلى اغتيال عدد من القادة العسكريين والعلماء النوويين الإيرانيين. وقد اعتبرت طهران أن هذا الاعتداء يمثّل انتهاكًا صارخًا لسيادتها وأمنها القومي، كما أنه كشف، وفق رؤيتها، عن فشل المنظمات الدولية، وعلى رأسها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في اتخاذ موقف واضح يُدين هذه الهجمات.

ووفقًا لبنود القانون الجديد، فإن التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية سيتم تعليقه بالكامل، ولن يُسمح لموظفي الوكالة بدخول إيران لإجراء عمليات التفتيش أو المراقبة، ما لم يتم أولاً “ضمان أمن المنشآت النووية الإيرانية وسلامة الأنشطة النووية السلمية للبلاد”، بحسب ما أكده رئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف.

وأضاف قاليباف أن بلاده لن تسمح باستمرار ما وصفه بـ”الاستخفاف الدولي”، مؤكدًا أن البرنامج النووي الإيراني سيواصل التقدم بوتيرة أسرع، مع الحفاظ على سلميته، ولكن دون تقديم أي تنازلات أو خضوع لـ”وعود غير مضمونة”. كما نص القانون على فرض عقوبات قانونية على أي جهة أو مسؤول يسمح بدخول المفتشين الدوليين دون تحقق هذه الشروط الأمنية، وضمّن القانون مراجعة شاملة للاتفاقيات السابقة مع الوكالة، خاصة تلك المرتبطة ببروتوكولات الضمانات.

وبينما ترى طهران أن القانون يأتي ردًا على الاعتداءات المباشرة على منشآتها، فإنها تعتبر أيضًا أن أداء الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم يكن محايدًا، بل انحاز – وفق الرواية الإيرانية – للمواقف الغربية. وأشارت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، إلى أن التقرير الأخير الذي أعده المدير العام للوكالة، رافائيل غروسي، مهد الطريق لصدور قرار من مجلس محافظي الوكالة، اعتبرته طهران “عدائيًا”، ويمثّل ضغوطًا سياسية مغلّفة بالطابع الفني.

ورغم هذا، لم تُغلق إيران الباب تمامًا أمام إمكانية استئناف التعاون مستقبلاً، حيث أكدت المتحدثة أن القانون لم يُلغِ العلاقة بشكل نهائي، بل فوّض المجلس الأعلى للأمن القومي باتخاذ القرار في هذا الشأن، وفقًا لتقديراته ومراعاته لمصالح البلاد الاستراتيجية، وبناءً على سلوك الوكالة وتطور الأوضاع الإقليمية والدولية.

من جانبه، أعرب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، عن قلقه الشديد من هذا القرار الإيراني، معتبرًا أن استمرار التفتيش والرقابة عنصر أساسي في الحفاظ على الشفافية بشأن طبيعة الأنشطة النووية الإيرانية. وشدّد غروسي على أن المجتمع الدولي لا يمكنه القبول بانقطاع عمليات التفتيش، وحذّر من أن غياب التعاون سيعقّد أي جهود دبلوماسية مستقبلية لحل النزاع النووي.

كما دعا غروسي طهران إلى إعادة النظر في القرار، مبدياً استعداد الوكالة لاستئناف عمل مفتشيها فور تلقي الضوء الأخضر من السلطات الإيرانية. واعتبر أن استئناف التعاون مع إيران سيساعد في إزالة الشكوك وتحقيق تقدم في تسوية الخلافات القائمة.

في ظل هذا التصعيد، تصاعدت في الداخل الإيراني دعوات تطالب بمراجعة التزامات البلاد تجاه معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT)، إذ يعتبر كثير من الساسة الإيرانيين أن المعاهدة لم تحمِ الحقوق النووية للدول الموقّعة عليها، ولم توفر الحماية الكافية من العدوان، ما يستدعي – برأيهم – إعادة النظر في جدوى الالتزام بها.

ويرى مراقبون أن القرار الإيراني الأخير يُنذر بمرحلة جديدة من التوتر بين طهران والمجتمع الدولي، خاصة الدول الغربية، التي لطالما عبّرت عن مخاوفها من تطور البرنامج النووي الإيراني إلى مستويات غير خاضعة للرقابة. كما يُتوقع أن يُعقّد القرار أي مفاوضات مستقبلية بشأن العودة للاتفاق النووي المبرم عام 2015، والذي تهاوى بعد انسحاب الولايات المتحدة منه عام 2018.

المصدر: وكالات

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *