شؤون آسيوية: بقلم رفيا عبود*
لم تكن الهوية الوطنية تحت المجهر كما هي اليوم فالهوية التي تمثل اجتماع العناصر الثقافية والتاريخية والاجتماعية والسياسية. هي التي بدورها تعتمد على القيم والمعتقدات والتقاليد التي تميز شعباً عن آخر ، فنحن امام تحدٍّ واقعي يبرز الانتماء ويعزز الشعور والتمسك بالوطن وهذا الأمر لا يأتي عن عبث، بل يجب أن لا يبقى مجرد شعارات ترفع بعد كلِّ حادثة وامتحانٍ يحصل في البيئة السورية.. فما أحوجنا إلى خطابٍ مدعومٍ بالعمل دون بهرجة كلامية لا تعكس حقيقة الواقع
فنحن في أمس الحاجة للعمل على رفع الشعور الوطني وإبراز الهوية من خلال تعزيز التعليم والإعلام ورفدهما بمثقفين قادرين على توحيد الخطاب والابتعاد عن اللغة الاقصائية وعدم التطرق إلى تعاريف طائفية فإن اجتمعت اللغة والتاريخ ليشكلا هوية مكانية واندمجوا معهما أديانٍ مختلفة ليشكلوا كلّهم وحدة خالصة لأمة معينة قائمة على المحبة والاحترام هذا يقود إلى بناء المجتمع بناءً سليماً يجعل من كلِّ فردٍ متمسكٍ بهويته ويدافع عنها بشتى السبل .
التحديات التي تواجه في الواقع الهوية الوطنية :
في دولة كسورية حيث تمر بأصعب فترة وجودية تشكل حالة التنوع الثقافي فيها سلاح ذو حدين ، أنت أمام مزيج من الثقافات والأعراق والانتماءات والصراعات الحاصلة ستؤثر حتماً في الأفراد الذين سيدركون ان هويتهم مهددة ، وحتى ولو شاركت العولمة في صنع أجيالٍ وغيرت في تفكير الكثير من الشبان مما سيؤدي إلى عدم ارتباطهم بهويتهم ، وليس بعيداً عن ذلك حيث تساهم السياسات الحكومية دوراً في تقويض الهوية الوطنية في بعض الأحيان ، لأنّها تستخدم الهوية الوطنية وتعتبرها أداة لتبرير السياسات القمعية أو التمييزية ، ناهيك عن الاقتصاد وعدم شعور الفرد بالأمان أو الظلم الذي أصبح عنواناً تقع عليه كل هذه العوامل وأكثر تدخل في النفس وتعزز ضعف الهوية الوطنية .
الشعارات الوطنية ومدى مقاربتها للواقع
من أخطر الأعمال التي تقع على عاتق المفكرين في البلاد هو خلق شعارات وطنية جامعة يؤمن فيها الأفراد ويتبنونها فهي ستشكل الحالة الوطنية لديهم فإن كانت غير موافقة للشعور الداخلي ، فسوف تنعكس على الانتماء وتحدث شرخاً في مكونات المجتمع السوري فكيف إن كانت ترتبط بصورة أو أخرى بالأساسيات بالنشيد الوطني أو الأعلام أو الشعارات الرسمية في البلاد فإن لم تحرك هذا الانتماء فقد تصبح مجرد كلمات فارغة لن نستطع ترجمتها على أرض الواقع وهذه تعتبر طامة كبرى في بناء وطن معافى .
الفجوة بين الواقع والشعارات
تظهر الفجوة بين الواقع والشعارات عندما تكون هناك تناقضات بين ما يُعلن عنه رسميًا وبين ما يعيشه المواطنون في حياتهم اليومية. على سبيل المثال:
• التفاوت الاجتماعي: عندما يُرفع شعار المساواة والعدالة الاجتماعية بينما يعاني فئات كبيرة من المجتمع من الفقر والتمييز.
• الفساد: عندما تُستخدم الشعارات الوطنية لتغطية الفساد وسوء الإدارة ، مما يؤدي إلى فقدان الثقة في المؤسسات الوطنية.
• التمييز العرقي أو الطائفي: في بعض المجتمعات، قد يُستخدم شعار الهوية الوطنية لتبرير التمييز ضد مجموعات معينة.
إن تعزيز الهوية الوطنية يتطلب جهودًا حقيقية من جميع شرائح المجتمع، بدءًا من الحكومة وصولاً إلى الأفراد. يجب أن تكون الشعارات الوطنية مرتبطة بالواقع وتُترجم إلى سياسات وممارسات تعزز الانتماء والمشاركة الفعالة. فقط من خلال العمل على تقليص الفجوة بين الشعارات والواقع يمكن بناء هوية وطنية قوية ومستدامة تُعبر عن تطلعات وآمال جميع المواطنين.
*رفيا عبود – صحفية وكاتبة سورية