spot_img

ذات صلة

جمع

مكالمة قد تغير التاريخ: لحظة ترامب وبيزشكيان لإحلال السلام

شؤون آسيوية - بقلم سيد حسين موسويان*/ أعربت إدارة ترامب...

هل يُخيّب ترامب آمال نتنياهو؟

د. هيثم مزاحم ** يقول الكاتب الإسرائيلي إيتان غلبواع...

عيد الربيع الصيني.. رمز للفرح والتقاليد

شؤون آسيوية - بقلم تشو شيوان ** مع اقتراب موعد...

ترامب مهتم بزيارة الصين والهند قريباً

شؤون آسيوية – واشنطن - أبلغ الرئيس...

من الرماد ….. ما مستقبل غزة؟

خاص شؤون آسيوية، مقالة: أوليفر ماك تيرنن، ترجمة: معهد...

هل تحوز إيران قريباً على القنبلة النووية؟

د. هيثم مزاحم*

صوت مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قبل ثلاثة أسابيع على توجيه اللوم إلى إيران “لفشلها في التعاون بشكل كامل في نظام التفتيش” الذي تم وضعه بموجب الاتفاق النووي لعام 2015، لجعل برنامج إيران أكثر شفافية ووضع حدود من شأنها منع إعادة توجيه المواد النووية لصنع أسلحة نووية.
وألغت الإدارة الأميركية اجتماعاً للمنتدى الاستراتيجي الأميركي الإسرائيلي الذي كان يفترض أن يعقد الخميس الماضي لبحث مسألة الملف النووي الإيراني، وذلك رداً على تصريحات نتنياهو بشأن التأخير الأميركي لبعض شحنات الأسلحة الأميركية الموجهة إلى الكيان الإسرائيلي. وكانت غاية الاجتماع هو بحث معلومات استخبارية حول نمذجة حاسوبية قام بها علماء إيرانيون يمكن استخدامها للبحث وتطوير الأسلحة النووية.
ورغم زعم بعض المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين بأن هذه المعلومات الاستخباراتية هي إشارة مثيرة للقلق بشأن طموحات إيران في مجال الأسلحة النووية، إلا أن مسؤولين آخرين من كلا الجانبين قالوا إنها مجرد “نقطة” لا تمثل تحولاً في سياسة إيران واستراتيجيتها تجاه التسلح النووي.
ومعلوم أن المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي يحرم تطوير واستخدام الأسلحة النووية بينما أجرى مجتمع الاستخبارات الأميركي تقييماً في عام 2007 مفاده أن إيران ليس لديها برنامج نووي عسكري نشط منذ عام 2003. وقال مسؤولون أميركيون أخيراً إنه “لا يوجد تغيير في تقييمنا بأن إيران لا تقوم حالياً بالأنشطة الرئيسية لتطوير الأسلحة النووية اللازمة لإنتاج جهاز نووي قابل للاختبار”.

وذكر تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية صدر في أواخر مايو الماضي أن إيران تمتلك نحو 142 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وهي زيادة بأكثر من 20 كيلوغرامًا منذ التقرير السابق الصادر في فبراير. ولن تحتاج إيران سوى إلى أسابيع لتخصيب هذه الكمية من اليورانيوم إلى نسبة 90%، وهو المستوى المطلوب لصنع سلاح نووي، وفقاً لتقييمات الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية. وستحتاج إيران إلى نحو 42 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة 90% لصنع قنبلة نووية واحدة.

ويذهب الخبراء إلى أن إيران قد تكون اليوم على بعد أسابيع فقط من الحصول على المواد اللازمة لصنع العديد من الأسلحة النووية. لذلك ينبغي أن تحاول الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي التفاوض على اتفاق نووي جديد مع الإدارة الإيرانية الجديدة بعد الانتخابات الرئاسية المقررة يوم الجمعة المقبل.
في اجتماع مجلس إدارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أصدرت الصين وإيران وروسيا بياناً مشتركاً لامت فيه الولايات المتحدة على “انسحابها غير القانوني والأحادي” من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 المعروف رسمياً باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، وفرض العقوبات” الأحادية وغير القانونية” ضد إيران. وكتبت الدول الثلاث أنه “لو تم التنفيذ الكامل لخطة العمل الشاملة المشتركة اليوم، لكان ذلك قد خفف الغالبية العظمى من التساؤلات القائمة بشأن برنامج إيران النووي السلمي، وكان من الممكن أن يكون لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية وسائل تحقق ورصد أوسع نطاقاً.
وأكدت الدول الثلاث استعدادها لاستعادة الاتفاق بناء على نص مسودة اتفاق وزعها في البداية منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في أغسطس 2022، وألقت باللوم على الولايات المتحدة والموقعين الأوروبيين على اتفاق 2015 “في عرقلة مشروع الاتفاق لاعتبارات سياسية خاصة بهم”.
بدأت الأزمة النووية مع إيران عام 2003 عندما اكتشف العالم أن إيران تقوم ببناء محطة لتخصيب اليورانيوم. وبعد عقد من المفاوضات الفاشلة بين إيران والقوى العالمية بين عامي 2003 و2013، بشأن برنامج التخصيب الإيراني، حولت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران من “صفر تخصيب” إلى “صفر أسلحة نووية”، مما أدى إلى إبرام خطة العمل الشاملة المشتركة عام 2015 بين إيران والأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي إضافة إلى ألمانيا (5+1). وتم تصديق الاتفاق بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2231.
بموجب هذا الاتفاق، قبلت إيران والتزمت بأعلى مستوى من الشفافية وعمليات التفتيش النووي وبالقيود في برنامجها النووي التي تجاوزت متطلبات معاهدة حظر الانتشار النووي.
ومع ذلك، وعلى الرغم من أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد أقرت بأن إيران ممتثلة لجميع التزاماتها، سحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب الولايات المتحدة من الاتفاقية عام 2018، وأعاد العقوبات الأميركية على إيران، وأضاف 1500 عقوبات جديدة. وللأسف، امتثلت أوروبا بدورها للعقوبات الأميركية.
وبعد أن تولى الرئيس جو بايدن منصبه في عام 2021، حاول هو والاتحاد الأوروبي إحياء الاتفاق النووي، لكنهم فرضوا في النهاية مئات العقوبات الجديدة على إيران التي ردت بتوسيع أنشطة التخصيب لتشمل تخصيب اليورانيوم إلى نسبة 60% من اليورانيوم 235، وهو مستوى قريب من درجة صنع الأسلحة.
وعلى الرغم من أن الاتفاق النووي لعام 2015 قد أبعد إيران لمدة عام على الأقل عن إنتاج ما يكفي من المواد اللازمة لصنع سلاح نووي أول، إلا أنه من المقدر الآن أن طهران على بعد أسبوعين فقط من إنتاج هذه الكمية من المواد الانشطارية، لتصبح “دولة عتبة نووية” مثل اليابان، بحسب ما ذكر المفاوض الإيراني الأسبق سيد حسين موسويان في مقالة في نشرة العلماء النوويين.
لقد تسببت العقوبات النووية الغربية على مدى السنوات الخمس والأربعين الماضية في أضرار تقدر بمئات المليارات، وربما تريليونات الدولارات، للاقتصاد الإيراني. وفي الوقت نفسه، لم يحقق الغرب هدفه الأساسي، وهو منع إيران من اكتساب القدرة على صنع سلاح نووي بسرعة.
ويرى موسويان أن لعبة الضغط المستمرة فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني كانت بمثابة استراتيجية خاسرة لكل من إيران والغرب. فالغرب غير راغب في التعويض عن خسائر إيران الاقتصادية، ولن تتخلى إيران مجاناً عن النفوذ الذي يوفره لها كمونها النووي.
ووفقاً للقرار رقم 2231، فإن مجلس الأمن التابع للأمم المتسحدة سوف يغلق ملف إيران النووي بحلول أكتوبر 2025. وبوسع أوروبا أن تستخدم، قبل ذلك التاريخ، آلية إعادة فرض العقوبات لإعادة فرض جميع قرارات مجلس الأمن ضد إيران. ومع ذلك، فإن رد إيران الأكثر ترجيحاً سيكون الانسحاب الكامل من الاتفاق النووي وتعليق عضويتها في معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية كدولة غير حائزة للأسلحة النووية.
وإذا قامت إسرائيل و/أو الولايات المتحدة بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، فمن الممكن أن ترد إيران بالتسلح النووي.
وبناء عليه، يرى موسويان أن أمام الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي نافذة مدتها نحو 15 شهراً للاختيار بين خيارين: إما أن تصبح إيران دولة مسلحة نووياً مثل كوريا الشمالية، أو أن تصبح إيران دولة على عتبة السلاح النووي مثل اليابان.

يضم الاتفاق النووي مجموعتين من الركائز: الأولى هي التزامات إيران الدائمة بقبول إجراءات التفتيش الشامل والشفافية التي تتخذها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بما في ذلك البروتوكول الإضافي، الذي يسمح للوكالة بتفتيش أي منشأة مشبوهة. أما المجموعة الثانية من الركائز فهي قيود “الغروب” – بما في ذلك الحظر المفروض على تخصيب إيران لليورانيوم إلى ما يزيد عن خمسة بالمائة من اليورانيوم 235، والتي سينتهي معظم هذه القيود في عام 2030.

في الخلاصة، لا تزال الفرصة سانحة أمام القوى العالمية لإشراك إيران في اتفاق نووي جديد يتمثل في رفع العقوبات النووية عن إيران في مقابل التزامها الكامل والدائم بتنفيذ تدابير الشفافية الشاملة في خطة العمل الشاملة المشتركة، والتي من شأنها أن تمنح الوكالة الدولية للطاقة الذرية الرؤية الكاملة لأنشطة إيران النووية، ولعل ذلك هو الخيار الأفضل لتجنب القنبلة النووية الإيرانية.

رئيس مركز الدراسات الآسيوية والصينية – لبنان

المصدر: جريدة الرؤية

spot_imgspot_img