خاص شؤون آسيوية – طهران- حوار: أمينة سليماني-
تحدث الدكتور قربان علي محبوبي، أستاذ العلاقات الدولية والخبير في الشؤون الاستراتيجية، عن الأبعاد المختلفة لزيارة الوفد الإيراني إلى الصين، مشيراً إلى أنّ هذه الزيارة تحمل في طيّاتها رسائل واضحة ومواقف سياسية مهمة على المستويين الإقليمي والدولي.
الصين لاعب دولي أساسي وشريك استراتيجي لطهرن
قال الدكتور محبوبی: “الصين تُعدّ أحد الفاعلين الأساسيين في الساحة الدولية، كونها عضو دائم في مجلس الأمن، وكان لها دور فاعل في مفاوضات الاتفاق النووي، حتى بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق. ما زالت الصين جزءاً من الاتفاق، وهذا يُبرز مدى أهميتها.”
وأضاف: “إيران تنظر إلى هذه الزيارة على أنها خطوة استراتيجية لإبراز دورها كدولة فاعلة في النظام الدولي. فهي تسعى من خلالها إلى إيصال رسالة واضحة مفادها أنها ليست معزولة، بل تملك أوراقاً متعددة للعب دور محوري في المعادلات العالمية.”
التعاون في أطر منظمات كبرى: البريكس ومنظمة شنغهاي
وأشار محبوبی إلى أن “كلّاً من إيران والصين عضوان في منظمة شنغهاي والبريكس، ولديهما رؤية مشتركة في إطار مبادرة الحزام والطريق. يمكن لإيران أن تستفيد إلى أقصى حد من هذه الأطر لتعزيز موقفها في مواجهة الضغوط الاقتصادية، وخاصة العقوبات الأمريكية، حيث تُعدّ الصين من أهم مشتري النفط الإيراني.”
رسالة واضحة إلى واشنطن والغرب..
يؤكد الخبير الاستراتيجي أن “هذه الزيارة تحمل رسالة واضحة للولايات المتحدة والدول الغربية، بأنّ إيران لا تزال تملك بدائل استراتيجية في الشرق، وأنها قادرة على تقوية تحالفاتها مع قوى كبرى مثل الصين وروسيا.”
وأضاف: “هناك بعض التحليلات التي تقول إن إيران قد تتجه نحو الغرب إذا أُبرم الاتفاق النووي، لكن هذه الزيارة تُثبت العكس. القيادة الإيرانية، وعلى رأسها المرشد الأعلى، تؤكد على أهمية التوازن في العلاقات الخارجية، وتُشدد على أن سياسة إيران ليست جغرافية بل مبدئية، حيث ترفض الخضوع للهيمنة سواء من الشرق أو الغرب.”.
الصين تدعم البرنامج النووي السلمي الإيراني..
حول موقف الصين من البرنامج النووي الإيراني، قال الدكتور محبوبی: “خلال زيارة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى الصين، عبّر وزير الخارجية الصيني عن رفضه لتسييس عمل الوكالة، مؤكدًا ضرورة الالتزام بالنظرة الفنية فقط. هذا يُعدّ دعماً صريحاً لموقف إيران، التي أثبتت – حسب تقارير الوكالة – سلمية برنامجها النووي.”
الاتفاقية الاستراتيجية والاستثمار طويل الأمد
وعن الجانب الاقتصادي، أشار إلى أن “الصين وإيران تربطهما اتفاقية استراتيجية لمدة 25 سنة، بقيمة تصل إلى 400 مليار دولار. ومع إعلان هذا العام عاماً للاستثمار والإنتاج في إيران، تُعدّ الصين شريكاً أساسياً يمكن الاعتماد عليه في تنفيذ مشاريع تنموية متعددة.”
القيادة الإيرانية والموقف من المفاوضات النووية
وعن موقف القيادة الإيرانية من المفاوضات النووية، قال: “القيادة في طهران ترى أن هذه المفاوضات ينبغي ألا تكون مدعاة للتفاؤل المفرط أو التشاؤم المفرط. فهي عملية بدأت ضمن خطوط حمراء يجب احترامها، ولا يجوز أن تؤدي إلى شلّ الاقتصاد الوطني كما حدث خلال مفاوضات 2015.”
وأكد أن “إيران لا تثق كثيراً في الجانب الأمريكي، وترى أن التجارب السابقة تثبت عدم التزام واشنطن بتعهداتها، ولذلك فإن إيران ستواصل السير في المفاوضات دون التنازل عن حقوقها المشروعة، وعلى رأسها حق التخصيب النووي.”
الخطوط الحمراء الإيرانية واضحة وغير قابلة للتفاوض
أوضح الدكتور محبوبی أن “حق إيران في التخصيب محفوظ في إطار اتفاقية NPT، وإيران عضو رسمي وملتزمة بدفع الاشتراكات، ولا يمكن التنازل عن هذا الحق الذي يُعدّ جزءاً من سيادتها العلمية والتقنية.”
وأضاف: “لقد عرضت إيران في مناسبات عديدة الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، خصوصاً في المجالات الطبية والزراعية، وهذا ما أقرّته الوكالة الدولية للطاقة الذرية.”
هل هناك مرونة في المفاوضات؟
وعن إمكانية التنازل في بعض البنود، قال: “نعم، هناك احتمال لخفض نسبة التخصيب من 60٪ إلى 20٪، وهو ما يخدم حاجات إيران في المجالين الطبي والبحثي. لكن العودة إلى نسبة 3.67٪ كما في اتفاق 2015 تبدو غير واقعية الآن، لأن الوضع الجيوسياسي والتقني لإيران تغيّر كثيراً منذ ذلك الحين.”
أكد الدكتور محبوبی في ختام حديثه أن “المرحلة الحالية تتطلب توازناً دقيقاً في السياسة الخارجية الإيرانية، وأنّ زيارة الصين تندرج ضمن هذا الإطار، وتحمل دلالات استراتيجية في وجه محاولات ع
زل إيران إقليمياً ودولياً.”