شؤون آسيوية – دمشق – إعداد: رغد خضور –
بعد إعلان الاتحاد الأوروبي دعمه للسلطات الانتقالية في سوريا والاستعداد للتعاون معها لوقف معاناة الشعب السورية، عاد الغموض ليلف الموقف الأوروبي تجاه السلطات الجديدة.
نقاشات مكثفة تجري في أروقة الاتحاد الأوروبي حول سوريا، تتعلق بتخفيف العقوبات المفروضة على دمشق، إلا أن بروكسل لم تر “خطوات كثيرة من القيادة الجديدة في دمشق” على حد تعبير مسؤولة السياسات الخارجية في الاتحاد، كايا كالاس.
كالاس شددت، خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، في نيسان الماضي، على أن الخطوات المستقبلية لرفع المزيد من العقوبات عن سوريا “سيكون مشروطاً باستيفاء السلطات الجديدة في دمشق، لعدد من الشروط”، من دون أن توضح ما هي.
استمرار التقييم..
المسؤولة الأوروبية لفتت إلى أن بروكسل “تخطط لإعداد تفاصيل فنية بشأن متطلبات رفع التدابير التقييدية الأوروبية”، موضحة أن دول التكتل الأوروبي اتفقت خلال الاجتماع، على “استمرار تقييم” مسألة رفع المزيد من العقوبات، بعد أن قام الاتحاد في وقت سابق، بتخفيف جزء منها.
وحتى تتم إعادة إعمار سورية لا بد من أن يكون هناك وصول للخدمات، لذا سيعمل سيعمل الاتحاد الأوروبي، بحسب كالاس، على “اقتراح خطوات تالية، مع الأخذ في الاعتبار الشروط والخطوط الحمراء التي نريد الالتزام بها”.
شروط أوروبية..
بحسب ما تم تداوله حول الشروط الأوروبية فإن المطلوب من الإدارة الجديدة التشاركية وإشراك جميع المكونات السورية بالعملية السياسية دون إقصاء، إلى جانب إخراج الجماعات الإرهابية وفرض الأمن في جميع المناطق السورية، إضافةً للسياسات الخارجية للإدارة الجديدة سواءً مع المحيط أو بشأن التواجد الروسي في سوريا”.
ويرى مراقبون أن السلطة الانتقالية في سوريا مطالبة بالاستجابة لكل ما يُطلب منها خارجياً، وأن إدارة دمشق تدرك أن هناك الكثير من التقاطعات بينها وبين الاتحاد الأوروبي، لذا فإنها تعمل على بعض الملفات بشكل مزامن، على حد قولهم.
تخفيف العقوبات..
الاتحاد الأوروبي قرر، أواخر شباط الماضي، تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا، شملت قطاعي النفط والكهرباء والغاز، إضافة إلى إزالة خمس مؤسسات مالية سورية عن الإجراءات التقييدية هي البنك الصناعي، بنك التسليف الشعبي، بنك الادخار، البنك التعاوني الزراعي، والخطوط الجوية العربية السورية.
إلى جانب ذلك، سمح بتوفير الموارد المالية للبنك المركزي السوري، وتسهيل المعاملات المالية والمصرفية المرتبطة بهذه القطاعات، لاسيما المخصصة للأغراض الإنسانية وإعادة الإعمار.
اعتراف بريطاني..
في سياق أخر، خطت لندن باتجاه التعامل مع مؤسسات النظام السياسي الجديد في سوريا من خلال إصدار قرار بإزالة العقوبات عن المؤسسات العسكرية والأمنية.
الحكومة البريطانية أوضحت أن الكيانات المرفوعة من قائمة العقوبات لم تعد خاضعة لتجميد الأصول، مبينة أنها قررت رفع بعض العقوبات عن سورية في إطار الالتزام بمساعدة الشعب السوري لإعادة بناء البلاد والاقتصاد.
حذر فرنسي..
تتابع فرنسا عن كثب تطور الأوضاع في سوريا، مع إدانات بأشد العبارات لأعمال العنف الطائفية التي تعرض لها سكان سوريا في الساحل ومؤخراً في السويداء وريف دمشق.
باريس دعت إلى تعزيز السلم الأهلي بين جميع مكونات المجتمع السوري، تماشياً مع التعهدات التي التزمتها في البيان المشترك الصادر في باريس في 13 شباط 2025.
الموقف الروسي..
من جهة أخرى، تؤكد موسكو عزمها تطوير العلاقات مع دمشق، مبينة أن قواتها باقية في سوريا، وأنها تدير حواراً بهذا الشأن مع السلطة الانتقالية الجديدة.
الوضع في سوريا كان أحد الملفات التي ناقشها الرئيس الرئسي فلاديمير بوتين مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثان، حيث ذكر بوتين أن “بلاده مهتمة ببقاء سوريا دولة واحدة ذات سيادة… نود أن نفعل كل ما في وسعنا لضمان أن تظل سوريا، أولا وقبل كل شيء، دولة ذات سيادة ومستقلة وموحدة ضمن أراضيها”.
القواعد الروسية في سوريا..
مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، بين أن القوات الروسية في سوريا لا تزال في مواقعها، وأن موسكو تجري حوارا مع دمشق.
وقال نيبينزيا خلال إفادة صحافية، رداً على سؤال حول الوجود العسكري الروسي الحالي في المنطقة: «هناك حوار بين روسيا والحكومة الانتقالية. تعلمون أن مبعوثنا الخاص زار سوريا. تحدث رئيسنا مع قائد الفترة الانتقالية. جيشنا موجود حيث كان. نحن نتحدث مع السوريين، مع الحكومة السورية الحالية».
وتسعى موسكو إلى المحافظة على وجودها العسكري في سوريا، كونه يلبي مصالح وصفها عسكريون روس بأنها استراتيجية، خصوصا لجهة تسهيل نشاط السفن الروسية في البحر المتوسط، وتأمين الإمدادات وعمليات النقل الروسية إلى مناطق في أفريقيا. لكن بوتين كان قد قال في وقت سابق إن بلاده مستعدة لسحب قواتها في أي وقت إذا دعت الحاجة.