شؤون آسيوية – بكين –
تقع قطر في شبه الجزيرة العربية، ويقل معدل هطول الأمطار السنوي فيها عن 100 ملم، مما يجعلها واحدة من أكثر الدول جفافا في العالم. وتعاني قطر من ندرة حادة في الموارد المائية، وتعتمد بشكل أساسي على تحلية مياه البحر واستخراج المياه الجوفية لتلبية احتياجاتها من المياه للاستهلاك المنزلي والإنتاج. وخلال بناء ملاعب كأس العالم في قطر عام 2022، لفتت تقنية “خضراء” من منطقة نينغشيا الذاتية الحكم لقومية هوي الصينية أنظار العالم، وهي تقنية الري الذكية الموفرة للمياه التي تعتمد على الطاقة المتجددة. ولم تقدم هذه التقنية حلولا مبتكرة لبناء الملاعب الخضراء في قطر فحسب، بل أسهمت أيضا في التنمية الخضراء المحلية، مما يعكس القيمة الفريدة للابتكار الزراعي الصيني في مجال التنمية المستدامة العالمية.
إن تقنية الري الذكية الموفرة للمياه التي تعتمد على الطاقة المتجددة هي من تطوير فريق بقيادة البروفيسور سون تشاو جون، الرئيس السابق لكلية الموارد والبيئة في جامعة نينغشيا. وتجمع هذه التقنية بين مصادر الطاقة الخضراء مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية ونظام التحكم الذكي، وتوصل المياه والأسمدة بدقة إلى جذور النباتات، مما يشكل نظاما ذكيا أخضر لرفع المياه وتوفيرها والتحكم فيها. وعلى عكس أنظمة الري بالتنقيط والرش التقليدية التي تعمل على سطح الأرض، فإن تقنية “الري بالتسرب الذكي تحت الأرض” المبتكرة التي تعتمد على الطاقة المتجددة، تدفن أجهزة الري بالتسرب تحت الأرض على عمق حوالي 10 سنتيمترات أو أكثر أسفل منطقة انتشار جذور النباتات، وتستخدم مسامات دقيقة للري المنتظم، مما يوصل المياه مباشرة إلى جذور النباتات. ويقلل ذلك بشكل فعال من طول مسار إمداد مياه الري، وفقدان المياه بسبب التبخر السطحي والتسرب الجوفي، ويحقق أفضل فعالية للري بأقل استهلاك للموارد المائية. وخلال بناء الملاعب، استخدمت قطر هذا النظام لتقليل استهلاك المياه بشكل كبير، وتحسين جودة البيئة الإيكولوجية للملاعب، وضمان اكتمال المساحات الخضراء في أقصر وقت ممكن، والحفاظ على جودة بصرية عالية، مما حظي بتقدير كبير من الجانب القطري.
وفي عام 2020، توصلت جامعة نينغشيا والجهات المعنية في قطر إلى اتفاقية تعاون، حيث ركزت على مناقشة كيفية دعم تنفيذ وتطوير مشروع “الدوحة الجميلة” في مجالات توفير المياه وتخضير المساحات وإنتاج الغذاء وحماية البيئة، واتفقتا على العمل المشترك لتعزيز التطبيق التجريبي لتقنيات ومعدات الري الذكية الموفرة للمياه في قطر. ولا يحل التعاون بين نينغشيا وقطر في مجال تقنيات الري الموفرة للمياه مشكلة ندرة المياه بشكل فعال فحسب، بل يعزز أيضا كفاءة الإنتاج الزراعي، ويحقق فوائد متعددة في مجالات حماية البيئة والتنمية الاجتماعية. وبفضل إدخال هذه التقنيات، خفضت قطر تكاليف الإنتاج الزراعي بشكل كبير، ورفعت إنتاجية وجودة المحاصيل الزراعية أيضا. ومن المتوقع أن يعزز هذا التعاون التكنولوجي فرص العمل والاستقرار الاجتماعي المحلي على المدى الطويل.
ويعد تطبيق تقنيات الري الموفرة للمياه في قطر نموذجا للتعاون التكنولوجي بين الصين ودول الشرق الأوسط في إطار مبادرة “الحزام والطريق”. ومن خلال هذا المشروع التعاوني، لم تحل قطر مشاكلها في مجال التخضير فحسب، بل عززت أيضا الإنتاج الزراعي وحسنت البيئة الإيكولوجية. ومع تزايد التأثير الدولي والشهرة للتعاون الصيني القطري في مجال تقنيات الري الموفرة للمياه، تعمل نينغشيا أيضا بنشاط على تطوير الأسواق الدولية، حيث وسعت نطاق تطبيق تقنيات توفير المياه في مناطق الشرق الأوسط وأفريقيا وغيرها من المناطق القاحلة، مما أسهم بشكل كبير في تحسين كفاءة الإنتاج الزراعي وإدارة البيئة الإيكولوجية.
وفي المستقبل، سيتجه هذا التعاون نحو نطاق أوسع ومستوى أعلى، لتحقيق نشر وتقاسم التقنيات الخضراء عبر الحدود، وتوفير حلول مبتكرة لمشاكل المياه في المزيد من الدول والمناطق، والإسهام بحكمة وقوة في بناء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية.
المصدر: شينخوا