بين التهديد باغتيال الخامنئي واستعدادات طهران للرد.. التصعيد الإسرائيلي يودي لانفجار إقليمي

شؤون آسيوية – طهران – إعداد: رغد خضور –

 

تبنّت إسرائيل في السنوات الأخيرة استراتيجيةً ارتكزت على الاغتيالات النوعية، مدعومة بتفوق استخباري وتقني، كبديل عن الحروب التقليدية التي لم تعد تحقق أهداف الردع التي تطمح إليها تل أبيب.

يظهر هذا التحول بوضوح في الضربات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت قلب القيادة الإيرانية، من قائد هيئة الأركان العامة، وقادة كبار في الحرس الثوري، وعلماء نوويين، وصولاً إلى تهديد مباشر باغتيال المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.

 

تصريحات إسرائيلية غير مسبوقة

في خطوة غير معهودة، لم تكتفِ إسرائيل بالتلميح، حيث صرّح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو علناً بأنه لا يستبعد استهداف خامنئي، مدّعيًا أن مثل هذا الاغتيال لن يؤدي إلى تصعيد، بل إلى “إنهاء الصراع”.

وقال نتنياهو في مقابلة مع ABC News: “هذا لن يؤدي إلى تصعيد الصراع، بل سينهيه”، وأضاف: “إسرائيل تضع حدًا للعدوان الإيراني بمنعهم من الوصول إلى قنبلة نووية”.

كما أشار وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إلى أن إسرائيل “ستضرب الديكتاتور الإيراني أينما وُجد”، في إشارة إلى خامنئي، ومهددًا بمصير مشابه لما حدث للرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

من جهته، لفت وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إلى أن “تغيير النظام الإيراني ليس هدفًا، لكنه قد يكون نتيجة محتملة للحرب”.

أما الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ فلم ينفِ الفكرة، بل حمّل خامنئي المسؤولية عن ما وصفه بـ”البنية التحتية الشيطانية للإرهاب”، قائلًا في حوار مع CNN: “إذا أردنا استقرارًا عالميًا، يجب سحب الأسلحة النووية من طهران… خامنئي يقود منظومة إرهاب عالمية”.

 

الدوافع الإسرائيلية..

في ظل هذا التصعيد العسكري، يبرز التساؤل حول دوافع إسرائيل وراء التهديد باغتيال خامنئي، حيث يرى الخبراء أن ذلك يعود إلى مجموعة من الأسباب، من بينها الإحباط الداخلي في إسرائيل، إذ دفع الفشل في غزة، والعجز عن وقف الهجمات الصاروخية الإيرانية، نتنياهو إلى البحث عن “معركة خارجية” لتحسين صورته السياسية، خاصة مع ضغط المحاكم الدولية وتدهور وضعه الداخلي.

من جانب آخر، يرى البعض أن الرد الإيراني الصادم، والهجمات التي طالت العمق الإسرائيلي ودمرت مناطق جنوب تل أبيب وحيفا، وضربت مقر الموساد و”أمان”، شكّلت صفعة استراتيجية، وقد دفع ذلك إسرائيل إلى محاولة “قطع الرأس” عبر استهداف القيادة العليا.

 

استعدادات إيرانية لأسوأ السيناريوهات..

في طهران، أُعدّت خطط طوارئ لإدارة البلاد في حال تنفيذ اغتيالات كبرى، بحسب ما نقلته وكالة “فارس” عن مصادر إيرانية مطّلعة. وتشمل هذه الخطط “وجود عشرة بدلاء لكل موقع حساس لضمان استمرار القيادة دون خلل”، ضمن استعداد لما تسميه المصادر “أسوأ السيناريوهات”، ما يحمل إشارة ضمنية لاحتمال اغتيال المرشد الأعلى.

 

آلية اختيار المرشد الأعلى..

يُختار المرشد الأعلى في الجمهورية الإسلامية الإيرانية من قبل مجلس خبراء القيادة، وهو مجلس تأسس عام 1983 استنادًا إلى المادة 107 من الدستور. يُنتخب أعضاؤه مباشرة من الشعب لمدة ثماني سنوات، بعد فحص أهلية دقيق يُجريه مجلس صيانة الدستور.

وتنص المواد 108 و109 من الدستور على وجوب توفر شروط مثل: الإلمام بالفقه الإسلامي، العدالة، التقوى، البصيرة السياسية والاجتماعية، والقدرة على الإدارة والقيادة. وعند شغور المنصب، يجتمع المجلس بأسرع ما يمكن لاختيار خلف للمرشد من بين الفقهاء البارزين وفق الأسبقية العلمية والشعبية.

 

المرشحون المحتملون..

شكّل مجلس الخبراء لجنة سرية من ثلاثة أعضاء مهمتها الأساسية حصر الأسماء المحتملة لخلافة المرشد الأعلى، تحت إشراف مباشر من خامنئي، وفق مصادر إيرانية. وتبقى هوياتهم وهويات المرشحين سرية، ولا يُطّلع عليها إلا كبار رجال الدين، بناءً على السجل العلمي والسمعة الدينية والسياسية.

من أبرز الأسماء المتداولة:

• مجتبى خامنئي: نجل المرشد الحالي، ويُعتبر المرشح الأقوى داخليًا، نظرًا لدوره البارز خلف الكواليس في صناعة السياسات منذ أوائل الألفينات.

• آية الله علي رضا أرفعي: نائب رئيس مجلس الخبراء، عضو مجلس صيانة الدستور، وإمام جمعة قم، يتمتع بمرجعية دينية رسمية ويُعد من رجال الثقة لدى خامنئي.

• آية الله هاشم حسيني بوشهري: نائب رئيس مجلس الخبراء الأول، رئيس جمعية مدرسي الحوزة العلمية، ومجتهد معترف به في قم.

 

عواقب محتملة..

يحذّر مراقبون من أن تنفيذ اغتيال خامنئي قد يشعل حربًا إقليمية شاملة. إذ من المحتمل أن يؤدي إلى:

• رد فعل شعبي غاضب داخل إيران، يوحد الجبهة الداخلية خلف القيادة الجديدة تحت شعار “الثأر للمرشد الشهيد”.

• رد عسكري كارثي يستهدف تل أبيب، ديمونا، ومنشآت أمريكية في الخليج.

• تدويل الصراع وتحوله إلى مواجهة مباشرة بين إيران والولايات المتحدة، وسط انقسام دولي بين مؤيد لإسرائيل ومعارض للتصعيد.

إسرائيل تلوّح بأوراق خطيرة في لعبة شديدة الحساسية. وإذا كان اغتيال قاسم سليماني قد فجّر مرحلة جديدة من التصعيد، فإن اغتيال خامنئي قد يفجّر المنطقة بأكملها.

لكن إيران، وفق تصريحات مسؤوليها، لا تفاجَأ بهذه الاحتمالات، وقد أعدّت نفسها لسيناريوهات “تجاوز الشخصيات” لضمان استمرارية الدولة العقائدية – العسكرية.

 

ويبقى السؤال: هل ستقدم إسرائيل على هذا التصعيد غير المسبوق؟ أم أن الردع المتبادل وحسابات القوى العالمية ستبقي التهديد في خانة الحرب النفسية؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *