شؤون آسيوية – واشنطن –
حذّرت مصادر أميركية من اقتراب نفاد صواريخ “حيتس-3” الاعتراضية لدى إسرائيل، في وقتٍ تشهد فيه المنطقة تحشيداً عسكرياً أميركياً متسارعاً مع إرسال حاملة طائرات ثالثة نحو الشرق الأوسط، وبدء عمليات إجلاء لمئات الرعايا الأميركيين من إيران وإسرائيل. وتتزامن هذه التطورات مع استمرار القصف الإيراني وتصاعد القلق من انهيار المنظومة الدفاعية الإسرائيلية
نفاد صواريخ “حيتس”
نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤولين أميركيين تحذيرات تفيد بأن مخزون “إسرائيل” من صواريخ “حيتس-3” الاعتراضية المتطورة، المصممة لاعتراض الصواريخ البالستية خارج الغلاف الجوي، على وشك النفاد خلال أسابيع في حال استمرت المواجهات مع إيران. مصدر أميركي صرّح لموقع “واينت” أن المخزون قد لا يصمد طويلاً، وأن استمرار المعركة الحالية سيؤدي إلى استنزاف سريع للذخيرة.
هذه المنظومة، التي تمثل جزءاً أساسياً من نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي والمدعوم أميركياً، تُستخدم بكثافة في مواجهة القصف الإيراني المتواصل بواسطة الصواريخ والطائرات المسيّرة. وفي حين لم يعلّق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشكل مباشر، اكتفى بالقول: “كنت أريد أن يكونوا أكثر”، في إشارة إلى حجم الدعم أو التسلح.
دعم محدود وتحفظات داخلية
رغم تأكيدات إسرائيلية بأن “الولايات المتحدة تساعد بنسبة 100%”، فإن بعض المسؤولين في واشنطن أبدوا قلقهم من حجم الدعم، محذّرين من تأثير ذلك على الجاهزية الأميركية لمواجهة نزاعات استراتيجية محتملة مع قوى كبرى مثل الصين. ضباط أميركيون سابقون عبّروا عن خشيتهم من تناقص مخزونات صواريخ مثل “SM-3” وصواريخ الاعتراض المحمولة جواً بمعدلات مقلقة.
تقديرات استخبارية أشارت إلى أن منظومة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية قد تصمد فقط من 10 إلى 12 يوماً إضافياً بدون إمدادات جديدة، بينما تبلغ كلفة عملية اعتراض واحدة باستخدام “آرو 3” نحو 4 ملايين دولار، حسب باحثين في معهد دراسات الأمن القومي في “تل أبيب”.
حاملة طائرات ثالثة وإشارات حرب
في خطوة عسكرية لافتة، أعلنت البحرية الأميركية إرسال حاملة الطائرات “يو إس إس جيرالد فورد” إلى الشرق الأوسط، لتنضم إلى حاملتي “كارل فينسون” و”نيميتز”، في أكبر حشد بحري أميركي بالمنطقة منذ سنوات. وترافق هذا التحرك مع إرسال طائرات عسكرية إلى قواعد في أوروبا، وسحب أخرى من قطر، تحسباً لأي هجمات إيرانية محتملة.
في السياق ذاته، أوضح جيه دي فانس، نائب الرئيس الأميركي، أن القرار النهائي بشأن الانخراط في الحرب مع إيران بيد الرئيس دونالد ترامب، مشيراً إلى تضاؤل فرص الحلول الدبلوماسية، في حين أعلن ترامب أنه سيحسم قرار مشاركة بلاده في الحرب خلال أسبوعين.
عمليات إجلاء واسعة من إيران وإسرائيل
بموازاة التحركات العسكرية، بدأت واشنطن وعدد من الدول الغربية تنفيذ خطط لإجلاء رعاياها من إيران وإسرائيل. برقية داخلية لوزارة الخارجية الأميركية كشفت أن مئات الأميركيين غادروا إيران عبر طرق برية، رغم تعرض بعضهم لمضايقات وتأخيرات. وأفادت البرقية بأن عائلة أبلغت عن احتجاز اثنين من مواطنيها أثناء محاولتهما مغادرة إيران، دون تفاصيل إضافية.
الوزارة حثت رعاياها على استخدام المعابر عبر أذربيجان أو أرمينيا أو تركيا، نظراً لإغلاق المجال الجوي الإيراني. كما أبدت قلقاً خاصاً تجاه المواطنين الأميركيين من أصول إيرانية، الذين تعتبرهم طهران مواطنين إيرانيين حصراً.
أما في إسرائيل، فقد أفاد السفير الأميركي مايك هاكابي بأن أكثر من 6400 أميركي قدّموا طلبات إجلاء حتى مساء الجمعة، مؤكداً أن واشنطن تعمل على توفير رحلات تجارية وعسكرية وسفن سياحية لهذا الغرض. وتُشير التقديرات إلى أن ما بين 300 إلى 500 مواطن أميركي قد يحتاجون للمساعدة يومياً لمغادرة إسرائيل، رغم عدم وجود تقارير عن ضحايا أميركيين في المنطقة حتى الآن.
أزمة تتجه نحو التصعيد
تأتي كل هذه التطورات بينما تواصل إيران إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة على إسرائيل، في تصعيد يُهدد بتحوّل المواجهة إلى نزاع إقليمي واسع النطاق، وسط تساؤلات متزايدة حول قدرة “إسرائيل” على الصمود من دون دعم مباشر ومستمر من واشنطن، واستعداد الأخيرة لخوض حرب واسعة لا تزال معلّقة على قرار سياسي لم يُحسم بعد.