غضب شعبي عالمي تجاه إسرائيل.. صحف عالمية تكشف تدهور صورة تل أبيب وتدمير قواعدها العسكرية

 

شؤون آسيوية – غزة –

 

تتصاعد الأحداث في الشرق الأوسط بوتيرة تنذر بتداعيات إنسانية وجيوسياسية خطيرة، وسط استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة وظهور دلائل جديدة على تغير ميزان القوى العسكري في المنطقة. فقد كشفت تقارير صحفية وحقوقية عن وضع كارثي يعيشه الفلسطينيون في قطاع غزة، خاصة الأطفال، الذين يواجهون خطر الموت جوعًا نتيجة الحصار الإسرائيلي ونقص المواد الأساسية، في حين أظهرت تحليلات حديثة نجاح إيران في توجيه ضربات دقيقة وخطيرة إلى منشآت عسكرية إسرائيلية خلال الحرب الأخيرة، ما يكشف ضعفًا غير مسبوق في منظومات الدفاع الإسرائيلية. وبينما تتزايد الاتهامات لإسرائيل بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية، فإنها تواجه أيضًا ضغوطًا دولية متزايدة وعزلة سياسية غير معهودة.

 

المجاعة تلوح في الأفق

أوضاع مأساوية يعيشها سكان قطاع غزة مع استمرار الحصار الإسرائيلي وتوقف تدفق المساعدات الغذائية والطبية. فقد نشرت صحيفة الغارديان تقريرًا ميدانيًا نقلاً عن أطباء من القطاع، أكدوا فيه أن الأطفال يعانون من مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية، حتى أن كثيرًا منهم أصبحوا “جلدًا على عظم”، محذرين من خطر الموت الوشيك بسبب نقص الحليب والأغذية الأساسية.

وبحسب الأطباء، فإن الوضع الصحي للأطفال يزداد سوءًا يومًا بعد يوم، خاصة مع فقدان الأمهات اللواتي إما استشهدن أو أصبن بسوء تغذية حاد يمنعهن من إرضاع أطفالهن. ولفت التقرير إلى أن معدلات وفيات الرضع في غزة أصبحت تمثل مؤشراً مقلقًا على دخول القطاع في مرحلة المجاعة الحقيقية.

وفي مداخلة عبر صحيفة لوتان السويسرية، قالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، أنييس كالامار، إن ما يجري في غزة يُعد “إبادة جماعية”، مؤكدة أن العالم يشهد ولا يتحرك، خصوصًا القادة الأوروبيين الذين وصفت مواقفهم بـ”الشفهية وغير الجريئة”. وأضافت كالامار: “رغم حجم المعاناة، فإن الفلسطينيين لا يزالون يكافحون من أجل البقاء، وهذا بحد ذاته موقف بطولي لا يجب تجاهله”.

 

تحول في المزاج الدولي

في سياق متصل، نشرت صحيفة نيويورك تايمز تحليلًا سياسيًا أشار إلى أن إسرائيل، رغم قوتها العسكرية وتفوقها التكنولوجي، أصبحت تعاني من تدهور صورتها الدولية. فالهجوم العسكري المتواصل على غزة، دون تمييز بين مدنيين ومسلحين، أضعف تعاطف الشعوب والحكومات الغربية معها، بحسب محللين.

وأوضح التحليل أن إسرائيل تواجه اليوم عزلتها الأشد منذ تأسيسها، وسط تنامي الغضب الشعبي العالمي، وتراجع التأييد التقليدي داخل الولايات المتحدة، خصوصًا في أوساط الشباب والليبراليين. كما أن الإجماع الحزبي بين الجمهوريين والديمقراطيين في الدفاع عن إسرائيل بدأ يتصدع، في ظل توجيه اتهامات لنتنياهو بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية، ما جعل بعض القادة العالميين “يحتقرونه”، على حد وصف التقرير.

 

خمس قواعد إسرائيلية خارج الخدمة

في تطور عسكري لافت، نشرت صحيفة تيليغراف البريطانية تقريرًا موسعًا استند إلى بيانات رادارية وصور أقمار صناعية، أكدت فيه أن إيران نجحت خلال الحرب الأخيرة التي استمرت 12 يومًا في إصابة خمس منشآت عسكرية إسرائيلية حيوية، من بينها قاعدة جوية ومركز استخبارات، ومنشآت لوجستية وأخرى للطاقة.

وبحسب التقرير، فإن هذه الضربات لم يُعلن عنها رسميًا من قبل تل أبيب بسبب الرقابة العسكرية الصارمة، إلا أن الأضرار كانت جسيمة. وقد لحقت أضرار كبيرة بمنشآت استراتيجية مثل معهد وايزمان للأبحاث ومستشفى سوروكا، كما تسببت الهجمات بتشريد أكثر من 15 ألف إسرائيلي، رغم أن عدد القتلى لم يتجاوز 28.

وتُظهر البيانات أن نحو 16% من الصواريخ الإيرانية اخترقت أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية والأميركية، في تطور يُنذر بتحول في ميزان الردع. ووفق الباحثين، استخدمت إيران تكتيك “الإشباع الدفاعي” عبر إطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة انتحارية في وقت متزامن لتشتيت منظومة القبة الحديدية، وهو ما نجح بالفعل.

 

إيران: “احتفظنا بثلاثة أرباع قدراتنا الصاروخية”

رغم الخسائر التي لحقت ببعض منشآتها، أكدت إيران أنها لم تكشف عن كامل قدراتها. فقد صرّح اللواء علي فضلي من الحرس الثوري الإيراني أن بلاده استخدمت فقط “ربع قدراتها الصاروخية” خلال الحرب، مشيرًا إلى أن “مدن الصواريخ” تحت الأرض لا تزال في حالة تأهب قصوى.

وأضاف فضلي أن المخزون الصاروخي الإيراني مرشح للتوسع ليصل إلى أكثر من 8,000 صاروخ خلال السنوات المقبلة، في ظل استراتيجية تقوم على التصنيع المستمر والمتسارع. وقد بث الإعلام الإيراني مشاهد للضربات مصحوبة بأناشيد ثورية ورسوم ساخرة من فاعلية القبة الحديدية، في إطار الحرب النفسية ضد إسرائيل.

 

تل أبيب تكثف المراقبة

في المقابل، تلتزم إسرائيل الصمت حيال هذه الضربات، في ظل مساعٍ رسمية للسيطرة على الرواية الإعلامية وتفادي إظهار هشاشة دفاعاتها. إلا أن صحيفة معاريف الإسرائيلية نقلت عن مصادر أمنية أن الموساد وجهاز الاستخبارات العسكرية يركزان حاليًا على تعقب النشاط الإيراني، خاصة محاولات طهران استعادة برنامجها النووي بعد استهداف بعض منشآته.

وتخشى إسرائيل من أن تكون هذه الضربات مقدمة لجولات أعنف في المستقبل، خصوصًا إذا ما قررت إيران استخدام ترسانتها بالكامل أو إذا انخرطت فصائل حليفة لها من لبنان والعراق واليمن بشكل أكثر مباشرة في الصراع.

 

تداعيات بلا أفق

وسط هذا المشهد المعقد، يتضح أن الصراع لم يعد محصورًا بين إسرائيل وغزة، بل تحول إلى مواجهة إقليمية تتداخل فيها الأبعاد الإنسانية والعسكرية والإعلامية.

وبينما يموت الأطفال جوعًا في غزة، وتتناقل الأقمار الصناعية صور قواعد إسرائيلية محترقة، يبدو أن المنطقة على أعتاب مرحلة جديدة من التصعيد، قد تعيد رسم خريطة التحالفات وتضعف الأسس التي قامت عليها منظومة الردع في الشرق الأوسط.

More From Author

مخاوف من تفاقم الكارثة.. ما هي العوامل التي تعيق السيطرة على حرائق اللاذقية

مسؤولان من كوريا الجنوبية يجريان مفاوضات في الولايات المتحدة بشأن قمة الرؤساء والرسوم الجمركية

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *