شؤون آسيوية – خاص –
في 16 تموز 2025، تحوّلت محافظة السويداء إلى بؤرة تصعيد عسكري عنيف لا يشبه ما سبق، فاندلعت اشتباكات مسلّحة دموية بين مختلف المكونات ما أدى إلى سقوط مئات الضحايا والجرحى.
واتسعت رقعة النزاع بتدخل إسرائيلي مباشر بطائرات مسيرة وغارات جوية في دمشق ومحيط السويداء ودرعا، وسط تحرّكات دبلوماسية عربية ودولية تهدف لاحتواء الصراع.
تصعيد ميداني
صباح 16 تموز شهد تجدداً شديداً في القتال، إذ بلغ عدد الضحايا بين 169 و300 شخص، حسب رويترز.
دار طائفة الموحدين الدروز في السويداء أعلنت عن التوصل لاتفاق مع الحكومة يقضي باندماج المحافظة ضمن الدولة والتأكيد على سيادتها وتفعيل واستعادة كل مؤسساتها
في حين خرج الرئيس الروحي لطائفة المسلمين الموحدين الدروز الشيخ حكمت الهجري ببيان أعلن فيه “مواصلة التصدي للعصابات الإرهابية المسلحة الإجرامية”، وأكد على “ضرورة الاستمرار في الدفاع المشروع، واستمرار القتال حتى تحرير كامل تراب محافظتنا من هذه العصابات دون قيد أو شرط”،
ووجه كلمة للرأي العام المحلي والدولي، أنه “لا يوجد أي اتفاق أو تفاوض أو تفويض مع هذه العصابات المسلحة التي تُسمّي نفسها زوراً حكومة”.
مجزرة مشفى السويداء
في خضم الاشتباكات، وثق ناشطون ومصادر طبية حدوث مجزرة دموية داخل مشفى السويداء، حيث وردت أنباء عن إطلاق نار مباشر داخل منشآت طبية، واستهداف جرحى ومرافق أساسية.
لم تتوفر حتى الآن أرقام رسمية دقيقة أو بيانات وزارة صحة مستقلة، لكن وسائل إعلام محلية أكدت وقوع إعدامات ميدانية وسلب للأدوية والمعدات الحساسة والطعام.
تأتي هذه الأنباء في سياق تقارير لوثائق مصورة نُشرت عبر منصات محلية، ما فتح الباب أمام مناشدات حقوقية للضغط الدولي على حكومة دمشق لضمان الحماية الطبية للمدنيين والجرحى.
الغارات الإسرائيلية على دمشق
غارات مكثّفة شنّتها إسرائيل، استهدفت مبنى وزارة الدفاع ومحيط القصر الجمهوري، إضافة إلى محيط مطار الثعلة العسكري في السويداء، لأكثر من مرة خلال اليوم، إضافة إلى مقرت عسكرية في درعا، وقد لا يكون آخرها لهذه الليلة استهداف مطار المزة ومقرات تابعة للفرقة الرابعة سابقاً.
وبحسب بيانات رسمية إسرائيلية، الغارات جاءت ردّاً على “هجوم الحكومة وحلفائها على الطائفة الدرزية” جنوب سوريا، معلنة أنها ستواصل ضربها حتى انسحاب عناصر حكومة دمشق من الجنوب .
وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس حذّر من أن بلاده ستنفّذ “ضربات موجعة” ما لم يوقف الجيش السوري عملياته ضد الدروز .
مشاركة مقاتلين أجانب:
تحقيق لرويترز سبق وأن كشف أن الحكومة دمجت قوة من منشقة أويغورية من تنظيم “حزب تركستان الإسلامي” ضمن فرقة جديدة سميت بـ “الفرقة 84″، بدعم ضمني أميركي، بهدف تنظيم أوضاع المقاتلين، في حين وثقت فيديوهات منشورة على الصفحات المحلية في السويداء إضافة إلى توثيق الفصائل الأجنبية ذاتها للمجازر والانتهاكات والإعدامات الميدانية التي تحدث في السويداء
ملف المفاوضات مع إسرائيل
رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع تقف حملته في السويداء على خطّ حسّاس بين تحقيق طرق تهدئة داخلية والتسويق لملف تفاوضي مع إسرائيل.
وسائل إعلام إسرائيلي صرحت أن هناك “ضغوط أميركية على الرئيس السوري أحمد الشرع لسحب القوات السورية من السويداء” معتبرة أن الشرع “ارتكب خطأ جسيما في التقدير والظن أننا لن نتدخل”
ووجهت القناة 14 العبرية تهديداً شديد اللهجة بأن “الغارات سوف تتصاعد وإذا لم يفهم احمد الشرع الرسالة سيبدأ الجيش بعمليات اغتيال في سوريا”
الدول العربية والإقليمية.. ردود الفعل
الأردن
دعت وزارة الخارجية الأردنية جميع الأطراف إلى ضبط النفس وحماية المدنيين.
مصر
أدانت مصر التصعيد والتدخلات الإسرائيلية، ووصفتها بأنها انتهاك لسيادة سوريا ومخالفة للقانون الدولي، مجددة رفضها لأي توسيع للصراع.
البحرين
رحّبت البحرين بوقف الأعمال القتالية، مؤكدة أن ذلك يعزز الأمن والاستقرار، وداعمة لموقف دمشق في الحفاظ على وحدة وسيادة أراضي سوريا.
السعودية
دعت إلى دعم الجهود السورية لإحلال السلام في السويداء، وأكدت مساندتها لاستقلال سوريا، ودانت بشدة العمليات الجوية التي وصفتها بأنها تعدٍّ على السيادة.
تركيا
أدانت بقوّة التدّخل الإسرائيلي، معتبرة أنه يؤدي إلى زعزعة الاستقرار، ودعت إلى وقف فوري للغارات والعودة إلى الحوار السياسي .
وبهذا تعكس أحداث السويداء تصاعد الغضب الشعبي في وجه السلطة المركزية، وتكشف عن تعقيدات محلية وإقليمية ودولية تضع الجنوب السوري في قلب صراع مفتوح.
التداخل بين الغارات الإسرائيلية، والمفاوضات غير المعلنة، ومشاركة مقاتلين أجانب، يسلّط الضوء على هشاشة الوضع السوري.
وبينما تتعدد الوساطات والمواقف، يبقى مطلب المدنيين في السويداء واضحاً: كرامة، وعدالة، وسيادة لا تُختزل بالشعارات.