شؤون آسيوية – نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية تقريرًا يكشف عن تضارب محتمل في المصالح بين دونالد ترامب الإبن وشركات دفاعية، تسعى للحصول على عقود من البنتاغون.
وقالت الصحيفة إن شركتين ناشئتين في مجال الصناعات الدفاعية تقدّمتا بخطة جريئة لتطوير أسطول من حاملات الطائرات المصغّرة غير المأهولة، المزوّدة بطائرات قتالية ذاتية، وصواريخ مضادة للطائرات، وطوربيدات، لمواجهة أي تهديد بحري. وتحمل هذه الخطة جانبًا مثيرًا للجدل: علاقات مالية وثيقة مع دونالد ترامب الإبن، نجل الرئيس، الذي قد يحقق أرباحًا كبيرة إذا نجحت هذه المبادرة.
يعكس الاقتراح المقدم من الشركتين: “ريد كات” ومقرها بورتوريكو، مع قطع غيار طائرات مسيرة مقدمة من “أنيوجيوال ماشينز” ومقرها أورلاندو بولاية فلوريدا؛ الدور غير المسبوق الذي يلعبه أبناء الرئيس، ليس فقط كداعمين لسياسات والدهم، ولكن أيضًا كمستثمرين في مشاريع تبيع إلى الوكالات التي يسيطر عليها والدهم.
ووفق الصحيفة؛ منحت شركة “أنيوجيوال ماشينز” ترامب الإبن 200 ألف سهم مقابل دوره كمستشار، وتبلغ قيمتها الآن نحو 2.6 مليون دولار. ورغم نفي الشركة ووزارة الدفاع تواصله المباشر مع البنتاغون، إلا أن له علاقات مع شخصيات رفيعة هناك، وقد ساعد سابقًا في اختيار مرشحين لمناصب عليا في الوزارة، ويُعد حليفًا بارزًا لوزير الدفاع بيت هيغسث.
وأصبح ترامب الإبن جزءًا من شبكة النفوذ الصناعي العسكري في واشنطن من خلال استثماراته في شركات دفاعية، في وقت تتجه فيه السياسات الرئاسية لدعم هذه الشركات. وفي بودكاست له، أشار إلى ضرورة دعم الطائرات المسيّرة بدلًا من الاعتماد على الطائرات التقليدية، مؤكدًا أن الطائرات المسيّرة أقل تكلفة وأكثر فاعلية في الحروب الحديثة، كما يتضح من استخدام روسيا وأوكرانيا لها.
وأوضحت الصحيفة أن وزارة الدفاع، بتوجيه من الرئيس ترامب، تسعى لشراء طائرات مسيّرة مصنّعة محليًا لتقليل الاعتماد على المنتجات الصينية. وقد نفى ترامب الإبن عبر متحدث باسمه استغلاله لوضعه العائلي في دعم الشركات التي يرتبط بها، مؤكدًا أنه لا يتعامل مع الحكومة ضمن دوره الاستثماري.
وقد أشارت الخبيرة ميغان غورمان، التي ألفت كتابًا يتناول العائلات الرئاسية ومصادر ثروتها، إلى أن أبناء الرؤساء لطالما أثاروا جدلًا بسبب ارتباطاتهم المالية، لكن العمل كمستشار مدفوع لشركة دفاعية يُعد تطورًا جديدًا في هذا السياق، مضيفة: “ترامب الإبن تجاوز الحدود التقليدية لسلوك أبناء الرؤساء، رغم غياب قواعد واضحة تنظم ذلك”.
ولفتت الصحيفة إلى أن الرئيس ترامب اختار دانيال ب. دريسكول وزيراً للجيش، وهو مستثمر سابق في رأس المال المخاطر، الذي وعد مؤخراً بتجديد جهود التعاقد لتسريع شراء الطائرات المسيرة وغيرها من المعدات عالية التقنية.
وخلال خطاب ألقاه هذا الشهر بالقرب من البنتاغون أمام مئات من قادة الجيش ومسؤولي الصناعة، عرض دريسكول طائرة مسيرة صنعها الجيش باستخدام محركات وأربعة أجزاء أخرى قدمتها شركة “أنيوجوال ماشينز”، وأكد أنه سيتم تزويد جنود الجيش في جميع أنحاء البلاد بهذه الأنواع من الطائرات المسيرة.
وفي خطوة لافتة، أعلنت فرقة 101 المحمولة جوًا نيتها شراء 3,500 محرك طائرات مسيّرة من الشركة، مع احتمال طلب 20,000 جزء إضافي العام المقبل، رغم أن الشركة بدأت التصنيع المحلي لتلك المحركات مؤخرًا فقط، وهو تحول سريع للغاية بالنسبة لشركة ناشئة تابعة للبنتاغون.
وأضافت الصحيفة أن بعض أجزاء هذه الطائرات المسيرة عُرضت في فبراير في مار-أ-لاغو، منتجع عائلة ترامب في بالم بيتش بولاية فلوريدا، خلال عرضٍ توضيحيٍّ لدونالد ترامب الإبن بعد توليه منصبه مستشارًا للشركة.
وقال ألان إيفانز، الرئيس التنفيذي لشركة “أنيوجوال ماشينز” مستذكراً اجتماع مار-أ-لاغو مع دونالد ترامب جونيور: “هناك الكثير من التعليقات الإيجابية من قاعدة المستثمرين”.
وتعد حصص دونالد ترامب الإبن في شركة “أنيوجوال ماشينز” مجرد مثال واحد على قائمة متزايدة من العلاقات المالية التي تربط دونالد ترامب الإبن وإريك ترامب، الإبن الثاني للرئيس، بشركات تبيع منتجات للحكومة الفيدرالية أو تعتمد عليها للحصول على الموافقات التنظيمية اللازمة لزيادة مبيعاتها.
وأشارت الصحيفة إلى أن دونالد ترامب الإبن هو مدير تنفيذي في “1789 كابيتال”، وهي شركة رأس مال استثماري استثمرت في عدة شركات حصلت كل منها على عقود من البنتاغون هذا العام.
أما ترشيح بيت هيغسيث لمنصب وزير الدفاع، فقد واجه عقبات بسبب قضايا شخصية، منها دفعه تسوية مالية لامرأة اتهمته بالاعتداء الجنسي عام 2017، رغم تأكيده أن العلاقة كانت بالتراضي.
وقال الرئيس ترامب في منشور على حسابه بمواقع التواصل الاجتماعي في يناير، وسط تساؤلات متزايدة بشأن ترشيح هيغسيث، إن الأخير “قائد موهوب للغاية ومجرب في الميدان”. وأضاف في منشور لاحق: “أقروا ترشيح @بيت هيغسِث واجعلوا جيشنا عظيمًا مرة أخرى!”.
وأوضحت الصحيفة أن المتحدث باسم الحملة، سورابيان، قال إنه من السخيف الربط بين دعم دونالد ترامب الإبن لهيغسيث وعلاقته بشركة “أنيوجوال ماشينز”.
وقال سورابيان: “من الغريب أن يفترض أحد أن دعم دونالد هيغسيث يعود لأي سبب سوى تأييده القوي لأجندة والده السياسية”.
وأفادت الصحيفة أن شركتي “أنيوجوال ماشينز” و”ريد كات” يديرهما إيفانز وجيف تومبسون على التوالي، وهما رائدان في الأعمال يقيمان في بورتوريكو ويتمتعان بتاريخ طويل في دعم الشركات الناشئة المرتبطة بالتكنولوجيا.
وأوضحت الصحيفة أن تومبسون، الذي سبق له المشاركة في إدارة شركة للإنترنت اللاسلكي، هو من يقترح تطوير أسطول من السفن البحرية الذاتية التشغيل، تحمل طائرات مسيّرة مسلّحة وصواريخ وأسلحة أخرى. وتُقدّر قيمة كل سفينة صغيرة من هذا النوع بما يصل إلى مليوني دولار.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الأسلحة ستكون محمّلة بمتفجرات من نوع سي-4 تنفجر عند مهاجمة الأهداف المعادية. وأضاف تومبسون: “عندما تحمل 800 رطل من سي-4، يمكنك تدمير سفينة كبيرة”.
وتتمثل الخطة في أن تقوم شركة “أنيوجوال ماشينز” بتصنيع أجزاء الطائرات المسيّرة داخل الولايات المتحدة، لتُستخدم في سفن “ريد كات” البحرية وفي نماذج أخرى أكثر تطورًا تعتزم “ريد كات” بيعها للبنتاغون.
وقالت الصحيفة إن أيًّا من السفن البحرية التابعة لـ”ريد كات” لم تُبع للبنتاغون حتى الآن، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت ستؤدي وظيفتها كما هو متوقع. ومع ذلك، قدّم تومبسون خطته لمسؤولين في البحرية خلال تدريب ميداني للطائرات المسيّرة في البرتغال الشهر الماضي، رغم أنه رفض الإفصاح عن أسماء من التقى بهم.
وقال تومبسون: “لا أريد أن أُفسد محادثاتنا بالثرثرة”، مضيفًا أنه أجرى لقاءات مماثلة مع الجيش الأميركي، قائلاً: “نتحدث إلى أشخاص في كل مستويات الجيش، من الرأس إلى أخمص القدمين”، في محاولة لتسويق معدات الشركة.
وأشارت الصحيفة إلى أن شركة “أنيوجوال ماشينز” تروّج أيضًا لمنتجاتها من أجزاء الطائرات المسيّرة، رغم وجود تساؤلات حول قدرتها على الوفاء بالتزاماتها. فحتى وقت قريب، كانت تستورد معظم أجزائها من الصين، قبل أن تبدأ بوضع علامتها التجارية على أجهزة تُصنّعها شركة في مدينة آشلاند بولاية أوهايو.
وأضافت الصحيفة أنه حتى هذا الشهر، لا يتجاوز عدد موظفي “أنيوجوال ماشينز” نحو خمسين شخصًا، ويعمل حوالي ربعهم في خط تجميع صغير داخل مستودع بمدينة أورلاندو. وقد اشتكى بعض العملاء، عبر موقع إلكتروني يبيع قطع الغيار تحت اسم “روتور رايوت”، من جودة بعض الأجهزة، وهي مشكلة قال إيفانز إنه يعمل على حلّها.
وأشارت الصحيفة إلى أن عدداً من مكونات شركة “أنيوجوال ماشينز” حصلت على اعتماد من البنتاغون لاستخدامها في الطائرات المسيّرة العسكرية، ضمن عملية تُعرف باسم “بلو يو إيه إس”.
وأفادت الصحيفة أن إيفانز أوضح أن الجيش الأمريكي قرر من تلقاء نفسه شراء محركات الشركة لطائراته المسيّرة الجديدة، والتي صُمّمت عمدًا لتكون سهلة التركيب وتقلّ تكلفة الواحدة منها عن 750 دولارًا. وأضاف أن محركات “أنيوجوال ماشينز” تُباع للجيش بسعر يقارب 50 دولارًا للقطعة، ما يجعل قيمة الطلب الأولي نحو 225 ألف دولار فقط، وهو مبلغ ضئيل بالنسبة للبنتاغون.
وقال الرائد جوناثون بليس، مسؤول الإعلام في الفرقة 101 المحمولة جوًا والمتمركزة في فورت كامبل بولاية كنتاكي، إنه لا يمكنه التعليق على سبب اختيار أجزاء “أنيوجوال ماشينز”، سوى أنها استوفت متطلبات الجيش.
وأوضحت الصحيفة أن متحدثًا باسم الوزير دريسكول أفاد بأن المكتب لا يحتفظ بأي سجل يُظهر لقاءه بممثلين عن شركتي “أنيوجوال ماشينز” أو “ريد كات” منذ توليه منصبه.
المصدر: عربي21
