شؤون آسيوية – الكويت –
قالت الخبيرة الكويتية هبة عباس، عضو اللجنة التنفيذية للمؤتمر العالمي للمرافق 2026 ورئيسة لجنة الاستدامة في جمعية المياه، إن عام 2025 شهد تحولا واضحا في النظرة إلى دول الجنوب العالمي، مؤكدة أن مساهمة هذه الدول في النمو لم تعد هامشية أو ظرفية، بل باتت تعيد على نحو تدريجي تشكيل ملامح المشهد الاقتصادي على مستوى العالم.
وأفادت عباس، في مقابلة خاصة أجرته معها وكالة أنباء ((شينخوا))، بأن هذا التحول ليس مفاجئا أو دراماتيكيا وإنما يمثل مسارا طبيعيا ناتجا عن تراكم الخبرات على مدار سنوات، حيث لم يعد الجنوب العالمي مجرد مشارك في المنظومات العالمية، بل أصبح شريكا فاعلا في صياغتها.
وفي هذا الإطار، أبرزت الخبيرة الكويتية ثلاثة محركات أساسية لهذا التحول: التوسع في الحجم الاقتصادي الذي جعل دول الجنوب محركا رئيسيا للنمو العالمي، والثقل الديمغرافي المتصاعد، إلى جانب تراكم الخبرة المؤسسية التي عززت ثقة هذه الدول بقدراتها، مؤكدة أن هذا التحول لا يقوم على منطق المواجهة أو الإحلال، بل على النضج والشراكة المسؤولة.
وحول مظاهر هذا التحول، أشارت إلى توسع الحضور في قيادة المؤسسات متعددة الأطراف وتطور منصات التعاون مثل مجموعة بريكس، فضلا عن دور متصاعد في صياغة أجندات المناخ والتنمية. ولاحظت أن الدول الآسيوية والشرق أوسطية والأفريقية والأمريكية اللاتينية باتت تلعب دورا متزايدا في تشكيل أنماط الطلب والإنتاج على المستوى العالمي.
وفيما يتعلق بالتحديات، حذرت عباس من أن تشظي البيئة الدولية وتصاعد النزعات الحمائية يشكلان اختبارا لوحدة الجنوب العالمي، داعية إلى أشكال مرنة وبراغماتية من التعاون تحافظ على التنسيق مع احترام الخصوصيات الوطنية، مشيرة إلى أن التعاون القائم على المصالح المشتركة ومعالجة التحديات هو السبيل الأمثل لتعزيز التضامن.
وترى عباس أن النموذج الصيني في التعاون الدولي يقدم مثالا إيجابيا يمكن الاقتداء به، مؤكدة على أن مبادرات مثل الحزام والطريق ومنتدى التعاون الصيني-العربي تقدم نماذج عملية لتحويل القيم المشتركة إلى مشاريع تنموية مستدامة. وأضافت أن تركيز الصين على التخطيط طويل الأمد وبناء القدرات ينسجم مع التطلعات التنموية لدول الجنوب العالمي.
وعلى الصعيد الإقليمي، تناولت الخبيرة الكويتية دور الجنوب العالمي في دعم استقرار الشرق الأوسط، معتبرة أن الدبلوماسية القائمة على التنمية تمثل نهجا أكثر فاعلية من المداخل التقليدية، لافتة إلى أن تجربة الكويت في الجمع بين العمل الإنساني وتمويل التنمية تلتقي مع النهج الصيني القائم على بناء القدرات وتعزيز الصمود المؤسسي.
وفيما يخص الآفاق المستقبلية، أعربت عن تفاؤلها إزاء مسار التعاون بين الصين والشرق الأوسط، وحددت ثلاث أولويات للتعاون المستقبلي: تعميق التعاون في مجالي الطاقة النظيفة والتحول الرقمي، والاستثمار المشترك في البنية التحتية الذكية، وتعزيز تبادل المعرفة وتنمية المهارات.
واختتمت عباس بالتأكيد على أن النموذج القائم على الاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة هو الأقدر على الإسهام في بناء نظام دولي أكثر توازنا، معتبرة أن العالم يحتاج اليوم إلى منطق التعاون بدلا عن منطق الصراع، وإلى بناء الجسور بدلا من إقامة الجدران.
المصدر: شينخوا

