شؤون آسيوية – خاص –

في 5 تشرين الأول أكتوبر 2025 أُجريت في سوريا انتخابات جديدة لمجلس الشعب ضمن المرحلة الانتقالية التي أعقبت سقوط نظام بشار الأسد.

هذه الانتخابات طُرحت كخطوة لتأسيس مؤسسات تشريعية بديلة، في بلد منهك بالحرب والنزوح، وسط تحديات كبيرة في التنظيم والتمثيل والشرعية.

آلية الانتخابات وتنظيمها

جرى التأسيس لنظام انتخابي غير مباشر، إذ لا تُجرى انتخابات شعبية عامة كما في النظام البرلماني الكامل.

من أصل 210 مقعداً في مجلس الشعب، تم تخصيص 140 مقعداً (ثلثا المقاعد) ليكونوا بواسطة الانتخابات غير المباشرة عبر مجالس انتخابية محلية (لجان انتخابية) تختار المرشحين من قوائم مُعتمدة.

الـ 70 مقعداً المتبقية تُعيّن مباشرة من قِبَل رئيس الحكومة الانتقالية أحمد الشرع، دون انتخابات مباشرة لها.

عدد الناخبين في المجالس الانتخابية كان حوالي 6,000 شخص موزعين على دوائر محلية، هم الذين أدلوا بأصواتهم لاختيار النواب في مقابلتين ضمن المقعدَين.

لكن الانتخابات أُرجئت في بعض المحافظات التي تسيطر فيها جماعات أو الجهات غير الموالية للحكومة أو حيث الأوضاع الأمنية متدهورة، لا سيما في محافظات الحسكة والرقة (شمال شرق) ومحافظة السويداء ما ترك مقاعد شاغرة قد تصل إلى 19–21 مقعداً.

أما الهيئة العليا للانتخابات فأصدرت إعلان النتائج الأولى، مُعلنة أن 119 نائباً فقط تم انتخابهم بهذه الطريقة (من أصل المقاعد المخصصة) حتى اللحظة.

الهيئة الانتخابية ذكرت أيضاً أن نسبة النساء بين الفائزين في هذه الانتخابات غير المباشرة تبلغ حوالي 4٪ من النواب المنتخبين.

النتائج المعلنة والتركيبة النهائية

من تلك العملية تم انتخاب 119 نائباً عن طريق المجالس الانتخابية، بينما لم يُعلن على الفور كافة الفائزين أو تفاصيل الأصوات.

من الفائزين، عدد النساء كان حوالي 6 سيدات في البرلمان (حسب تعداد أولي للمراقبين)

أما عدد ممثلي الأقليات (دينية أو عرقية) الذين نجحوا في الانتخابات وصل تقريباً إلى عشرة نواب فقط.

وفيما يخص مرشح يهودي بارز، فقد ترشح هِنري حمرا، وهو يهودي أمريكي سوري الأصل، وكان يُعتبر أول مرشح يهودي يشارك في انتخابات سورية منذ عقود.

لكن في الوقائع المتوفرة حتى الآن، أنه لم يُنتخب حمرا في القائمة النهائية؛ أي لم يُحقق الفوز في المرحلة غير المباشرة.

الهيئة الانتخابية ومحطة الإعلان لم تُفصح عن توزيع الأصوات لكُل مرشح ولا عن نسب التصويت بين القوائم، مما يضع الشفافية بعيدة عن الانتخابات.

كما أوضحت الهيئة أن تأجيل الانتخابات في المحافظات المذكورة نجم عنه ترك 21 مقعداً شاغراً أو عدد مشابه لم يُملأ بعد.

ومن المتوقّع أن يعوّض رئيس الحكومة الانتقالية بعض النقص في التمثيل من خلال تعيينه للمقاعد المخصصة له، حيث صرح البعض أن هذا جزء من النية لتعويض التمثيل المتواضع للنساء والأقليات.

التركيبة الدينية والغالبية العرقية للأعضاء المنتخبين تميل إلى الأغلبية الأكثرية، مع حضور محدود وضعيف جداً للأقليات.

ملاحظات وأحداث محيطة بالانتخابات

خلال الحملة، كانت الرؤية الانتخابية محدودة، ووسائل الدعاية والعرض العام للمرشحين كانت خجولة أو شبه معدومة في المدن الكبرى.

وفي بعض المناطق التي سُمح فيها بالتصويت، واجه المرشحون من الأقليات ضغوطاً، تهديدات، أو دعوات للانسحاب، خصوصاً في محافظات ذات أغلبية دينية مختلفة.

واتُهم النظام الانتخابي بكونه مركزياً مُوجّهاً بحيث تُشكّل اللجان الانتخابية بناءً على قرارات أو معايير تُحدّدها السلطة الانتقالية، ما يقلل من استقلالية الانتخابات الفعلية.

احتجاجات سياسية من بعض القوى المعارضة المدنية أو الجماعات التي رفضت المشاركة أو قالت إن الانتخابات “غير تمثيلية” برزت في بعض الأوساط.

إعلان نتائج أولية جاء بسرعة، مع مهلة قصيرة للطعن أو الاعتراض، ما أثار تساؤلات حول مدى ضمانات الطعن أو المراجعة.

حالات الانسحاب المعروفة

شهدت الانتخابات عدة حالات للانسحاب ومنها:

إيفا حنا اللاطي: وهي صيدلانية، كانت مرشحة في دائرة تلكلخ (ريف حمص)، أعلنت انسحابها عبر فيسبوك بعبارة: «لأن المصلحة العامة وتوافق السوريين وسوريا فوق كل اعتبار».

وكذلك غسان يوسف الشامي: مرشح أعلن انسحابه أيضاً، أما سبب انسحابه فهو جراء تدهور الأوضاع الأمنية مساء أوائل أكتوبر، حيث قتل شابان مسيحيان في قرية عناز عن طريق مسلحي الأمن العام مما أثار حالة من الغضب والإضراب العام، ما فع المرشح إلى الانسحاب ورفع دعوات لإصدار قانون لوقف العنف وانتشار السلاح.

أما حيدر شاهين فهو مرشح عن محافظة طرطوس، لكنه تعرض للاغتيال قبل الانتخابات، حيث أن اغتياله أثار جدلاً حول الأمان وحماية المرشحين.

انسحاب أعضاء من الهيئة الناخبة

الانسحاب طال أعضاء من الهيئة الناخبة أيضاً، ففي محافظة القنيطرة، سبعة أفراد من أعضاء الهيئة الناخبة انسحبوا.

من بينهم هديل محمد خير غانم، التي قالت إنها تنسحب احتجاجاً على ما سمّته “مؤامرة تستهدف إقصاء رموز الثورة وكفاءاتها”.

خاتمة

بهذه الانتخابات، دخلت سوريا مرحلة تشريعية جديدة تمّ خلالها اختيار 119 نائباً عبر انتخابات غير مباشرة، فيما تُرك عدد من المقاعد شاغرة في المناطق التي تأجلت فيها العملية.

التركيبة النهائية للمجلس ستتحدد أيضاً بقرارات التعيين التي سيقوم بها رئيس الحكومة الانتقالية.

هذه الوقائع تعطينا صورة أولية عن تأسيس برلمان جديد في سوريا، لكن الكثير من التفاصيل – مثل الأرقام الدقيقة للأصوات، توزيع المقاعد في كل محافظة، الطعون، والنتائج النهائية بعد التعيينات – لا تزال معلقة ولم تنشر بعد ما يجعل الكثير من إشارات الاستفهام تدور حولها.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *