باحث إيراني: الانتقال إلى التفاصيل الفنية في المفاوضات النووية دليل على تقدم ملموس

مسقط – شؤون آسيوية – حوار: أمينة سليماني –

 

أُجريت يوم أمس في العاصمة العُمانية مسقط الجولة الثالثة من المفاوضات غير المباشرة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الأمريكية، وسط أجواء وُصفت بأنها أكثر جديةً وتفصيلاً مقارنةً بالجولات السابقة.

وفي تصريح خاص ل”شؤون آسيوية”، أكّد الدكتور عباس أصلاني، الباحث في الشؤون الدولية، أن الجولة الثالثة من المفاوضات شهدت تقدماً ملحوظاً، حيث تم الانتقال من مناقشة الإطارات العامة إلى التطرق للتفاصيل الفنية الدقيقة، في مؤشر واضح على جدية الأطراف ورغبتهم في الوصول إلى حلول عملية.

وأوضح أصلاني أن هذه الجولة تميّزت بزخم فني ملحوظ، مع مشاركة واسعة للخبراء المتخصصين من كلا الجانبين، ما أسهم في إثراء النقاشات ورفع مستوى التخصصية في تناول الملفات المطروحة. وأضاف أن تبادل المواقف جرى بصورة مكتوبة في عدة مناسبات، نظراً للطبيعة غير المباشرة للمفاوضات، مما ساعد على تعزيز الدقة والوضوح في طرح الأفكار والاقتراحات.

وفي تقييمه لسير الجولة الثالثة مقارنةً بالجولات السابقة، قال أصلاني:

“الجولة الثالثة كانت أكثر جدية وعمقاً من سابقاتها. لم تقتصر النقاشات على المبادئ العامة، بل امتدت إلى ملفات فنية دقيقة تهم الطرفين. بالنسبة لإيران، كان التركيز منصباً على رفع العقوبات، بمشاركة خبراء اقتصاديين ومختصين في قضايا العقوبات. أما بالنسبة للطرف الآخر، فكانت الأنشطة النووية السلمية وآليات الرقابة الدولية أبرز أولوياته. هذه التحركات تعني أن الطرفين تجاوزا الحواجز الكبرى وبدؤوا في معالجة القضايا التفصيلية.”

وحول ما إذا كان هذا التطور مؤشراً على تقدم حقيقي في المفاوضات، قال أصلاني:

“بالتأكيد، الدخول في التفاصيل الفنية يعني أن الأطراف لم تعد تواجه عقبات كبيرة على مستوى الأطر العامة، بل باتت تناقش القضايا المعقدة بهدف التوصل إلى حلول. رغم استمرار وجود بعض الخلافات – منها ما هو جوهري ومنها ما هو أقل أهمية – إلا أن الانتقال إلى هذه المرحلة يُعد بحد ذاته إنجازاً. ومن المرجح أن تشهد الجولات المقبلة مشاركة أوسع للفرق الفنية، مما سيسهم في تعميق النقاشات وزيادة فرص التوصل إلى تفاهمات.”

وبخصوص موقف الإدارة الأمريكية من هذه المفاوضات، أشار أصلاني إلى أن الرئيس ترامب حريص على تسجيل اختراق دبلوماسي مع إيران، موضحاً:

“أي تقدم في المفاوضات يُعد مكسباً سياسياً له. ومع ذلك، هناك تناقضات داخل الولايات المتحدة، حيث تعارض شخصيات سياسية من تيارات مختلفة أي تقارب مع طهران، وتسعى لعرقلة مسار الحوار. تصريحات ترامب الإيجابية الأخيرة بشأن تقدم المفاوضات يمكن قراءتها في إطار سعيه لتعزيز أجواء إيجابية تساعد على استمرار الحوار بشكل جاد وفعّال.”

وعن آفاق المفاوضات المقبلة، عبّر أصلاني عن تفاؤله الحذر قائلاً:

“الجولة الثالثة شكلت خطوة حقيقية نحو الأمام. عندما يتناول الطرفان القضايا الفنية بتفاصيلها الدقيقة، فهذا مؤشر على نضج العملية التفاوضية. ومع ذلك، من المهم البقاء متيقظين، فنجاح المفاوضات رهن بالاتفاق على جميع النقاط العالقة. ورغم صعوبة الطريق، إلا أن الأجواء الإيجابية والتصريحات المتفائلة من الجانبين تمنح قدراً من الأمل بإمكانية التوصل إلى نتائج بناءة خلال الفترة المقبلة.”

من جهته، صرح وزير الخارجية الإيراني بأن المفاوضات لم تقتصر على القضايا السياسية، بل امتدت لتشمل مناقشات فنية معمقة بين الفرق التخصصية، في خطوة وصفها بالمهمة نحو تضييق هوة الخلافات وإيجاد أرضيات مشتركة. وأشار إلى أن الوفود ستعود إلى عواصمها لإجراء مشاورات مكثفة قبيل استئناف الجولة المقبلة، المقررة السبت القادم، بمشاركة رسمية لخبراء منظمة الطاقة الذرية الإيرانية لمتابعة الملفات النووية والعقوبات المرتبطة بها حصراً.

وفي السياق ذاته، أكد وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي أن الطرفين أظهرا إرادة سياسية واضحة للتوصل إلى اتفاق يقوم على مبادئ الاحترام المتبادل والالتزامات المتوازنة، مشيراً إلى أنه قد تم تناول الأبعاد الأساسية والمخاوف الفنية بصورة دقيقة، مع الإعلان عن اتفاق مبدئي لعقد اجتماع رفيع المستوى في الثالث من مايو المقبل لمواصلة المشاورات.

كما صرّح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بأن المفاوضات تسير في أجواء جدية، مع التركيز على محورين أساسيين هما رفع العقوبات وضمان سلمية البرنامج النووي الإيراني، مؤكداً أن طهران متمسكة بمطالبها المشروعة وثوابتها الوطنية.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *