شؤون آسيوية – اللاذقية –
تعرضت قاعدة حميميم الجوية الروسية، الواقعة بالقرب من مدينة اللاذقية غرب سوريا، لهجوم مسلح نفذه شخصان مجهولان أسفر عن مقتل جنديين، وفقاً لمصادر سورية ووسائل إعلام غربية وروسية غير رسمية.
تفاصيل الهجوم والاشتباكات..
ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن مسؤول حكومي سوري وناشط محلي، أن مسلحين اثنين شنّا هجوماً على القاعدة الجوية، صباح الثلاثاء، ما أدى إلى مقتل جنديين داخل القاعدة، فيما قُتل المهاجمان خلال الاشتباكات.
وبحسب شاهد عيان من محيط القاعدة، أفاد لوكالة الصحافة الفرنسية، أن الاشتباكات استمر لنحو ساعة، وتخللها تبادل كثيف لإطلاق النار وسماع دوي قذائف، بالتزامن مع تحليق طائرات مسيّرة في سماء المنطقة، ما أحدث حالة من الذعر في أوساط السكان المحليين.
ولم يتضح ما إذا كان القتيلان من الجنود الروس أو المتعاقدين السوريين العاملين ضمن صفوف القوات الروسية.
ونُشرت مقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي أظهرت اشتباكات عنيفة وإطلاق نار داخل القاعدة، مع تصاعد دخان من خلف أحد المباني.
وفي السياق، أشار المراسل الحربي أوليغ بلوخين إلى أن الاشتباك دفع القوات الروسية إلى إطلاق عملية مطاردة واسعة، وتفعيل أنظمة تشويش إلكترونية لتعطيل الاتصالات في المنطقة، في خطوة تعكس الجدية الأمنية للرد الروسي.
دوافع الهجوم..
نقلت وكالة رويترز عن مصدرين سوريين أن الدوافع وراء الهجوم ما زالت مجهولة، فيما لم تتبنَّ أي جهة الهجوم حتى اللحظة، مما يعزز احتمال أنه جاء ضمن نمط “الهجمات الفردية”.
وفي تصريح لوكالة الأنباء الألمانية، أوضح مسؤول سوري، طلب عدم الكشف عن هويته نظراً لحساسية الوضع، أن منفذي الهجوم هما من جنسيات أجنبية، وكانا يعملان مدربين عسكريين في كلية بحرية تابعة للحكومة السورية الانتقالية.
وأضاف أن الهجوم تم بمبادرة فردية، دون وجود أي ارتباط رسمي للمهاجمين مع فصيل مسلح معروف.
فيما تحدثت بعض المصادر الروسية عن أن هويات المهاجمين تعود لأشخاص من أوزبكستان، ممن ينشطون داخل الأراضي السورية ويعارضون الحكومة الانتقالية الجديدة في دمشق.
من جهة أخرى، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الهجوم شنّته مجموعة مسلحة مرتبطة بالسلطة السورية الانتقالية، انطلقت من قرية قريبة، وتمكّن بعض أفرادها من الوصول إلى داخل مدرج القاعدة، في تطور نوعي ينذر بتهديد أوسع على مواقع النفوذ الروسي.
وأشار المرصد إلى استخدام أسلحة رشاشة متوسطة وثقيلة خلال الاشتباكات، وتفعيل صافرات الإنذار داخل القاعدة، بينما أفاد سكان المنطقة أنهم لاحظوا انتشاراً لعناصر الأمن العام في محيط القاعدة خلال الأيام التي سبقت الهجوم، في إشارة إلى احتمالات رصد نشاط مريب مسبقاً.
أعداد المهاجمين..
وفي الوقت الذي تحدثت فيه مصادر إعلامية عن أن مسلحين اثنين هاجما القاعدة الروسية، أفادت منصات روسية، غير رسمية، بأن الهجوم نُفذ من قبل أربعة أو خمسة مسلحين حاولوا اقتحام نقطة أمنية قرب القاعدة، وأنه تم قتل ثلاثة أو أربعة منهم، مع فرار أحدهم.
وكان شهود عيان أفادوا بأن محيط القاعدة شهد انتشاراً أمنياً لافتاً منذ عدة أيام، ما يُرجح وجود معلومات استباقية أو تحركات مشبوهة رُصدت قبل وقوع الهجوم.
صمت رسمي وتجاهل إعلامي
رغم تعدد الروايات وتضارب الأرقام حول عدد القتلى والمهاجمين، لم تُصدر وزارة الدفاع الروسية أي تعليق رسمي حتى لحظة إعداد هذا التقرير، كما امتنعت وسائل الإعلام الروسية الرسمية عن تغطية الخبر أو التطرق إليه، وهو ما يثير تساؤلات حول حجم الإرباك أو حساسية الحدث.
كذلك، لم تُصدر الحكومة السورية أي بيان رسمي بشأن الهجوم أو هوية الضحايا.
تحديات الوجود الروسي في سوريا
تحتفظ روسيا بقاعدتين عسكريتين رئيسيتين في سوريا: حميميم الجوية وطرطوس البحرية، ويمثل الهجوم الأخير تحدياً مباشراً لهذا الوجود، خاصة في ظل التحولات السياسية التي تشهدها البلاد بعد وصول حكومة جديدة إلى السلطة، يُعتقد أن علاقاتها مع موسكو ما زالت في مرحلة التقييم والتفاوض.
ورغم محاولات بعض المصادر ربط الهجوم بجماعات معارضة أو أجنبية، فإن تأكيد تورط أطراف مرتبطة بالحكومة السورية الجديدة، كما جاء في تقرير المرصد، قد يمثل مؤشراً على تصعيد غير معلن في العلاقة مع روسيا، أو على الأقل خللاً أمنياً جديداً في مناطق نفوذها.