شؤون آسيوية – غزة –

تتواصل الأزمة الإنسانية في قطاع غزة بالتصاعد في ظل الحصار ونقص الغذاء والإمدادات الطبية، حيث تتقاطع المجاعة القاسية مع أهوال الحرب المستمرة. وأكدت وزارة الصحة في غزة أن حصيلة الوفيات الناجمة عن الجوع وسوء التغذية في القطاع ارتفعت إلى 370 شخصا، بينهم 131 طفلا.

ومؤخرا، أصدرت وكالات الأمم المتحدة تقرير التحليل المتكامل لتصنيف الأمن الغذائي في قطاع غزة، أكدت فيه أن أكثر من 500 ألف شخص في القطاع يعيشون المجاعة. وهذه هي أول حالة مجاعة يُعترف بها رسميا في الشرق الأوسط.

أسباب المجاعة

أشار التقرير المشترك الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية إلى أن المجاعة تتسم بانتشار واسع للجوع والفقر المدقع والوفيات القابلة للتجنب. وعند تجاوز ثلاثة مؤشرات أساسية: نقص شديد في الغذاء وسوء تغذية حاد مستمر ووفيات مرتبطة بالجوع، يُصنف الوضع في الفئة القصوى من انعدام الأمن الغذائي.

ويتوقع التقرير أن تمتد المجاعة من مدينة غزة في محافظة غزة إلى دير البلح وخان يونس خلال الأسابيع المقبلة. وبحلول نهاية سبتمبر، سيكون أكثر من 640 ألف شخص في مرحلة “الكارثة” الأشد، و1.14 مليون في مرحلة “الطوارئ”، و396 ألف في مرحلة “الأزمة”.

في 22 أغسطس، أعلن فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا)، عبر منصات التواصل الاجتماعي، أن مدينة غزة تعيش بالفعل حالة مجاعة مؤكدة، مضيفا أن هذه المجاعة من “صنيعة” الحكومة الإسرائيلية، وهي نتيجة مباشرة للقيود الإسرائيلية المفروضة بشكل ممنهج منذ أشهر على دخول الغذاء والمواد الأساسية إلى القطاع.

وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فإن القطاع يحتاج يوميا إلى 600 شاحنة مساعدات لتغطية الاحتياجات الفعلية لسكانه المحاصرين، إلا أن ما يدخل فعليا أقل من 100 شاحنة يوميا. وعلى مدار 35 يوما، بلغ إجمالي الشاحنات التي دخلت القطاع 3188 فقط من 21 ألف شاحنة متوقعة، أي فقط قرابة 15 بالمائة من الاحتياجات الفعلية.

إلى جانب ذلك، تمنع القوات الإسرائيلية دخول أكثر من 430 صنفا من الأغذية الأساسية، في مقدمتها البيض واللحوم والأسماك ومشتقات الألبان والأجبان والفواكه والخضروات وغيرها، وفقا للمكتب الإعلامي في غزة.

تفاقم المعاناة

أكدت مصادر الأمم المتحدة أن إمدادات الغذاء في غزة تخضع لقيود مشددة. ففي يوليو، تضاعف عدد الأسر التي تعاني جوعا شديدا مقارنة بما كان عليه في مايو. كما أُفيد بأن أكثر من ثلث السكان ظلوا دون طعام لعدة أيام متتالية، بينما يلجأ الكثير من البالغين إلى تجويع أنفسهم لإطعام أطفالهم.

وقال الدكتور أحمد يوسف من مستشفى الشفاء في غزة إن المستشفى يستقبل يوميا أطفالا يعانون من جوع شديد، لكن نقص الأدوية والمكملات الغذائية يؤدي إلى وفاة العديد منهم.

كما صرحت مصادر الأمم المتحدة بأنه تم تشخيص أكثر من 12 ألف طفل بسوء تغذية حاد في غزة خلال شهر يوليو وحده، وهو أعلى رقم شهري مسجل على الإطلاق.

ويشهد قطاع غزة أزمة إنسانية غير مسبوقة، ازدادت حدتها منذ 2 مارس الماضي، بعد أن أغلقت السلطات الإسرائيلية جميع المعابر المؤدية إلى القطاع، مما تسبب في تفشي الجوع والنقص الحاد في المواد الغذائية والطبية.

المساعدات بين الحاجة والعرقلة

يرى لازاريني أنه يمكن الحد من تفاقم المجاعة من خلال وقف إطلاق النار وتمكين المنظمات الإنسانية من العمل وتقديم المساعدات بشكل آمن إلى السكان الجياع. غير أن أكثر من 100 منظمة دولية غير حكومية حذرت من استمرار إسرائيل في العرقلة المنهجية لدخول المساعدات. فرغم ادعاءات إسرائيل بأنها لا تفرض قيودا، لم تتمكن معظم المنظمات من إيصال مواد إغاثية منذ 2 مارس، ما أدى إلى تكدس ملايين الدولارات من المساعدات في الأردن ومصر.

وأفاد مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في تقرير له في 19 أغسطس، أنه تم توثيق مقتل 1857 فلسطينيا في قطاع غزة بين 27 مايو و17 أغسطس أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء، بينهم 1021 قُتلوا قرب نقاط توزيع “مؤسسة غزة الإنسانية”، التي يديرها الجيش الإسرائيلي تحت رعاية أمريكية، بينما لقي 836 آخرين حتفهم على طرق وصول شاحنات المساعدات، مشيرا إلى أن معظم هذه الحوداث ارتكبتها القوات الإسرائيلية.

في المقابل، أصدر مكتب “تنسيق الأنشطة الحكومية في المناطق” التابع لوزارة الدفاع الإسرائيلية، وهو المسؤول عن تنسيق إيصال شحنات المساعدات إلى قطاع غزة، بيانا في 22 أغسطس، نفى فيه وجود مجاعة في غزة. واعتبر أن تقارير الأمم المتحدة “تعتمد على مصادر محدودة وغير موثوقة، وتهمل الحقائق الأساسية، فضلا عن الجهود الإنسانية” التي تقودها إسرائيل وشركاءها الدوليين.

تؤكد الوقائع على الأرض حجم الكارثة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة، وتنبه إلى خطورة التداعيات المحتملة على مئات الآلاف من المدنيين، وخصوصا الأطفال. وفيما تحذر الوكالات الإنسانية الدولية من أن إعاقة إدخال الغذاء والمساعدات قد يزيد من عمق الأزمة بشكل مأساوي، يبقى مصير السكان مرهونا بمدى قدرة المجتمع الدولي على ضمان تأمين أبسط مقومات الحياة ووقف تدهور الأوضاع.

المصدر: شينخوا

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *