نتنياهو وبن غفير قائدا التطرف القومي والديني الصهيونيين
بقلم تسفي برئيل – كاتب إسرائيلي –
- هذا الأسبوع، سجّلت إسرائيل انتصاراً دبلوماسياً ضخماً، وبحسب التقرير الذي نُشر في صحيفة “هآرتس”، نجحت في منع مشاركة تركيا في المؤتمر الذي عُقد في الدوحة، بمشاركة نحو 45 ممثلاً لعدد من الدول، من أجل مناقشة صيغة القوة المتعددة الجنسيات التي يُفترض أن تنتشر في غزة في المرحلة الثانية من خطة ترامب. من المؤسف أن رائحة الهزيمة تفوح من هذا الانتصار، إذ لم تغِب تركيا وحدها عن الاجتماع، بل غابت إسرائيل أيضاً، التي تعتبر نفسها صاحبة البيت في غزة، ولم تتم دعوتها.
- صحيح أن الحديث ما زال عن مسارٍ نظري، فعلى الرغم من جهود الرئيس دونالد ترامب الهائلة، فإنه يواجه صعوبةً في تجنيد دولٍ توافق على إرسال جنودها لمواجهة “حماس”، والإشراف على الإدارة المدنية في القطاع، و”تحرير” إسرائيل من مسؤولية الاحتلال؛ لكن تركيا، سواء عُقد المؤتمر، أم لا، ستواصل تدخّلها في مستقبل غزة، حتى لو لم يُسمح لجنودها بدخول القطاع. وبينما يترسخ “العدو التركي” كأحد الركائز الاستراتيجية لترامب، تترسخ إسرائيل كعبءٍ، أكثر فأكثر.
- إن “الانتصار” في الدوحة لا يطمس سلسلة الضربات التي تلقّتها إسرائيل؛ فما إن انتهينا من مسح الآثار المهينة لمطالبة نتنياهو بالاعتذار من رئيس وزراء قطر عن الهجوم الفاشل الذي استهدف تصفية قيادة “حماس”، حتى جاء التوبيخ على العملية التي تعقّدت في بلدة بيت جِن في هضبة الجولان السورية، ثم أعلن ترامب نفسه أنه ينوي فحص ما إذا كان اغتيال رائد سعد – الرقم 2 في قيادة “حماس” في غزة – يُعتبر خرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار، وهذه مجرد تفاصيل ثانوية؛ ففي القضايا المركزية المتعلقة بتشكيل “الشرق الأوسط الجديد” و”قطف ثمار” الحرب، تبدو إسرائيل الآن كأنها مقاول من الباطن للسياسة الأميركية، يُطلب منها الجلوس بهدوء وخضوع.
- إن فلسطين، أو بلغة مهذبة “حلّ الدولتين”، لم تعُد عبارة فظة، ولا هواية “معادية للسامية” يمارسها كارهو إسرائيل؛ فترامب، بقلمه وتوقيعه المزخرف، ثبّت هذا الحل، كجزء لا يتجزأ من خطته، ولم يتأثر كثيراً بالتذمر الذي أبدته إسرائيل. ومن المثير للدهشة، أنه وافق أيضاً على قيام السلطة الفلسطينية بدور في إدارة غزة. كان يجب اتخاذ هذا القرار منذ البداية، لكن إسرائيل، التي وصلت إلى نهاية الحرب بجعبةٍ استراتيجية فارغة، تجد نفسها خارج اللعبة.
- وهناك مزيد؛ لقد تجاهل ترامب مواقف إسرائيل المتشددة تجاه الرئيس السوري أحمد الشرع، كأنها تغريدات لمعلّقين في مواقع التواصل، فضمّ الرئيس السوري إلى صدره كالابن الضال، ورفعَ العقوبات عن الدولة، ولا يبدو كأنه في عجلة من أمره لتبنّي مطالبة إسرائيل بإقامة منطقة منزوعة السلاح بين دمشق وجنوب سورية. وبروحية الاحتفال بعيد الميلاد، وافق ترامب على بيع طائرات إف – 35 للسعودية، على أن تؤجَّل عملية التطبيع بينها وبين إسرائيل إلى أيامٍ أفضل؛ وتركيا ستعود إلى مشروع الطائرة الشبح، فهي قامت “بأمور رائعة في سورية”، بحسب كلمات المديح التي أغدقها ترامب على صديقه أردوغان؛ ويبدو كأن قطر أيضاً ستتمكن من شراء الطائرات التي منحت إسرائيل التفوق العسكري. فهذه “الدولة العدوّة” هي حليف رفيع المستوى للولايات المتحدة، وإن لم تكن عضواً في الناتو، وأهدت الرئيس طائرة خاصة ضخمة وباهظة الثمن.
- ماذا عن التفوق النوعي الذي تتعهد به الولايات المتحدة لإسرائيل؟ إنه سؤال وقح فعلاً؛ أَلَم يطالب الرئيس بمنح نتنياهو العفو ويضغط، من أجلنا، لكي يتمكن بيبي من توحيد شعب إسرائيل؟ فأيّ رئيس أميركي، أو غيره، فعل هذا قبله؟ هكذا تتحول الانهيارات الدبلوماسية والفراغ الاستراتيجي إلى ميزات في ولاية نتنياهو. لا يمكن لأيّ حيلة، أو إنكار بلاغي، طمس ضياع الطريق التي كان يمكن أن تقود إسرائيل من الحرب الرهيبة إلى مرسى إقليمي آمن. لكن على الأقل، لدينا رائد سعد، وذاك – الذي سمّوه – رئيس أركان حزب الله الذي قمنا بتصفيته، والأهم: أننا انتقمنا من تركيا.
المصدر: صحيفة هآرتس الإسرائيلية – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطيينية

