شؤون آسيوية – طهران
رأى المحلل السياسي الإيراني علي بيكدلي أن لا خيار أمام إيران والولايات المتحدة سوى التفاوض والتوصل إلى اتفاق، مشددًا على أن المنطقة لا تتحمل حربًا جديدة، فيما لا تبدو واشنطن مستعدة لإشعال نزاع في الشرق الأوسط.
وفي مقال نشرته صحيفة ستاره صبح الإصلاحية، أشار بيكدلي إلى أن فشل الجولة الخامسة من المحادثات بين طهران وواشنطن يعود إلى الخلاف حول قضية تخصيب اليورانيوم، والتي أصبحت العقدة الأساسية في مسار المفاوضات، خصوصًا بعد زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخيرة للمنطقة. واعتبر أن الجولة السادسة ستكون مفصلية، حيث من المتوقع أن يطرح خلالها الطرفان مواقفهما السياسية الكبرى. وحذر من أن استمرار الفشل سيؤدي إلى مزيد من التعقيد، ويهدد استقرار المنطقة ويعرض الاستثمارات الغربية للخطر.
وبيّن بيكدلي أن الصفقات الاقتصادية الضخمة التي عقدها ترامب مؤخرًا مع ثلاث دول عربية تجعل من الحفاظ على الاستقرار الإقليمي أولوية قصوى بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها. كما أشار إلى أن إيران، من جهتها، لا ترى بديلاً عن التفاوض نظرًا لأوضاعها الاقتصادية الصعبة، حيث يعوّل ملايين الإيرانيين على نتائج المفاوضات لتحسين أوضاعهم المعيشية، في ظل عزلة سياسية تُنذر بأزمات داخلية خطيرة.
وأضاف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحاول دفع الولايات المتحدة نحو صدام مباشر مع إيران، غير أن الجانبين لا يرغبان حاليًا في خوض حرب. وختم بيكدلي بأن الواقع الإقليمي والداخلي الإيراني لا يسمح بالتفكير في خيار الحرب، مرجّحًا أن تُستأنف المفاوضات لاحقًا بمرونة أكبر تقود إلى تفاهم مشترك.
من جانبه، اعتبر أستاذ الجغرافيا السياسية عبد الرضا فرجي راد أن التحديات التي تواجهها واشنطن بعد الجولة الخامسة من المفاوضات النووية تفوق تلك التي تواجه طهران. وأوضح، في مقابلة مع صحيفة ستاره صبح، أن أبرز هذه التحديات تتمثل في الانقسامات داخل إدارة ترامب، والضغوط الداخلية، إضافة إلى تأثير اللوبي الإسرائيلي والإعلام اليميني المعارض لأي اتفاق.
وأكد فرجي راد أن إيران اتخذت قرارًا استراتيجيًا بالمضي قدمًا في المفاوضات من أعلى مستويات القيادة، ما يمنحها تماسكًا أكبر مقارنة بالطرف الأميركي، مشيرًا إلى أن ترامب يسعى لتحقيق اتفاق أفضل من الاتفاق النووي السابق لتقديمه كإنجاز سياسي داخلي.
كما رأى أن هناك إمكانية للتوصل إلى اتفاق يضمن مصالح الطرفين، عبر السماح باستمرار التخصيب مقابل رفع العقوبات. وأشاد بدور سلطنة عمان كوسيط نزيه وفعّال، مؤكدًا أن طهران تثق بها أكثر من جيرانها الآخرين. وذكر أن مفاوضات روما وصلت إلى طريق مسدود، لكن مسقط، بعد إدراكها لمواقف الطرفين، قامت بإطلاق مبادرات جديدة لاستمرار الحوار وأدارت الجولة الخامسة بحكمة، مما هيأ الأجواء لجولة سادسة أكثر انفتاحًا.
أما محلل الشؤون الدولية حسن بهشتي بور، فأكد أن تصريحات وزيري خارجية عُمان وإيطاليا بعد الجولة الخامسة أوضحت أن المفاوضات شهدت تقدّمًا، رغم غياب نتائج حاسمة. واعتبر أن ما يُعلن إعلاميًا من الجانب الأميركي لا يعكس بالضرورة ما يُناقش فعليًا على طاولة الحوار.
وأوضح بهشتي بور أن الأميركيين لم يطرحوا مطلب “وقف التخصيب” بشكل مباشر، لأن ذلك كان سيؤدي إلى انهيار المفاوضات فورًا، مشيرًا إلى أن المعلومات المتوفرة عن مجريات الجولة تُظهر أن واشنطن تتبع نهجًا مزدوجًا: خطاب إعلامي موجه لإرضاء اللوبي الصهيوني، ومواقف أكثر مرونة في المفاوضات.
ورأى أن إسرائيل تسعى بكل الوسائل الدبلوماسية والإعلامية لإفشال أي اتفاق محتمل، معتبرًا أن نتنياهو يرى في افتعال مواجهة محدودة مع إيران وسيلة لضمان بقاء حكومته. ومع ذلك، أكد بهشتي بور أن إسرائيل غير قادرة على شن هجوم على إيران دون تنسيق كامل مع الولايات المتحدة، داعيًا إلى البقاء في حالة تأهب لأي مغامرة إسرائيلية تهدف إلى زعزعة الاستقرار وفرض واقع جديد يخدم مصالح حكومة نتنياهو.