وقف إطلاق نار في السويداء واحتجاجات تنديداً بالعدوان الاسرائيلي.. الشرع: نرفض التقسيم

شؤون آسيوية – دمشق – خاص –

 

تنفيذًا لاتفاق تهدئة تم التوصل إليه بين الدولة السورية ومشايخ العقل في محافظة السويداء، بدأت وحدات من الجيش السوري الانسحاب من المدينة، بحسب ما أعلنت وكالة الأنباء السورية سانا.

الاتفاق أسفر عن وقف كامل لإطلاق النار، وفق ما أكده مصدر في وزارة الداخلية السورية، ووفقًا للبيانات الرسمية، نص الاتفاق على إيقاف جميع العمليات العسكرية فوراً، ونشر حواجز أمنية مشتركة من عناصر الشرطة وقوى الأمن الداخلي من أبناء السويداء، بالإضافة إلى تشكيل لجنة مراقبة تضم ممثلين عن الدولة ومشايخ العقل للإشراف على التنفيذ.

 

مواقف متباينة داخل السويداء

في وقت أعلن فيه الشيخ يوسف جربوع، أحد مشايخ العقل في السويداء، أن الاتفاق يهدف إلى إعادة دمج السويداء ضمن الدولة السورية، أبدت حركة “رجال الكرامة” رفضها لذلك، مؤكدةً استمرارها في القتال حتى خروج كامل القوات الحكومية من قرى وبلدات المحافظة، ووصفت ما جرى بحق الأهالي بأنه يرقى إلى جرائم حرب، متهماً القوات الحكومية باستخدام “القوة المفرطة”.

وفي السياق نفسه، شدّد الشيخ حكمت الهجري، أحد أبرز المرجعيات الروحية الدرزية، على أن الدفاع عن المدينة يمثل “واجباً وطنياً وأخلاقياً”، مؤكداً رفضه التام لأي تفاوض مع من وصفهم بـ”العصابات المسلحة التي تدّعي تمثيل الحكومة”، ومعلناً عدم وجود أي تواصل أو حوار مع هذه الجهات.

 

الشرع: نرفض التقسيم ونختار حماية الوطن

وفي خطاب لافت ألقاه فجر الخميس، عبّر رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع عن موقف القيادة من التطورات في الجنوب، مؤكداً رفض بلاده القاطع لمشاريع التقسيم والتفتيت، ومشدّداً على أن السوريين ظلوا عبر تاريخهم سداً منيعاً في وجه محاولات تمزيق الوطن.

وأوضح أن القيادة اختارت منح المجتمع الدرزي فرصة للحوار بدلاً من الانزلاق إلى مواجهة عسكرية مفتوحة، معتبرًا أن حماية وحدة الوطن كانت الدافع وراء القرارات المتخذة.

كما لفت إلى أن “الكيان الإسرائيلي يسعى، منذ سقوط النظام السابق، إلى تحويل الأرض السورية إلى ساحة دائمة للنزاع”، ملوّحًا بأن الدولة لن تسمح بمزيد من العبث بوحدة الشعب والهوية. كما أعلن عن تكليف مشايخ العقل وفصائل محلية باستعادة الأمن، مؤكدًا أن الدروز جزء أصيل من نسيج سوريا.

 

تصعيد إسرائيلي واتهامات بعرقلة الهدنة

بالتزامن مع المساعي الداخلية للتهدئة، صعّدت إسرائيل بشكل غير مسبوق من قصفها للأراضي السورية، مستهدفة مواقع استراتيجية شملت وزارة الدفاع، هيئة الأركان، ومحيط القصر الرئاسي في دمشق.

كما طالت الغارات بلدات في درعا والسويداء وريف اللاذقية، حيث قُصف مقر اللواءين 107 و132 في قرية بزامل بريف اللاذقية شمال غربي سوريا.

وأعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية أن هذه الضربات جاءت في سياق “رسائل الردع” ضد دمشق، في حين توعد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بما سماها “ضربات موجعة”، مؤكداً أن ما وصفه بـ”التحذير انتهى”.

القيادة السورية، من جانبها، اتهمت إسرائيل بمحاولة تقويض اتفاق التهدئة في السويداء، وأكدت أن الطيران الإسرائيلي استهدف حتى قوافل طبية كانت متوجهة إلى المحافظة، مما تسبب في عرقلة وصول المساعدات الإنسانية.

 

حصيلة ثقيلة وانتهاكات قيد التحقيق

في خضم الأحداث، أعلنت وزارة الصحة السورية العثور على عشرات الجثث في المستشفى الوطني بالسويداء، من بينها جثث لعناصر أمن ومدنيين.

ووفق الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فقد قُتل منذ 13 يوليو ما لا يقل عن 169 شخصًا بينهم 5 أطفال و6 نساء، فيما أصيب أكثر من 200 آخرين.

من جهتها، شددت الرئاسة السورية على التزامها بمحاسبة المسؤولين عن “الانتهاكات المؤسفة”، مؤكدة أن هذه الأفعال لا تمثل الدولة السورية وتتنافى مع مبادئها. كما أعلنت فتح تحقيق رسمي واسع في كل ما جرى خلال المواجهات الأخيرة.

 

احتجاجات شعبية واسعة

تصاعد الأحداث في سوريا رافقه رد فعل شعبي واسع، إذ خرج آلاف السوريين في مظاهرات حاشدة بمدن عدة، منها دمشق، حلب، حماة، إدلب، واللاذقية، للتنديد بالقصف الإسرائيلي والتدخلات الأجنبية.

المتظاهرون رفعوا لافتات تؤكد دعمهم للجيش السوري، وتمسكهم بوحدة البلاد ورفضهم للطائفية، كما رُفعت شعارات مثل “لا للعدوان الإسرائيلي” و”نعم للتعايش السلمي”.

 

سوريا تطالب بجلسة طارئة

على المستوى الدبلوماسي، قدّمت سوريا طلباً رسمياً لعقد جلسة طارئة في مجلس الأمن الدولي لبحث التصعيد الإسرائيلي، ومن المتوقع أن تُعقد الجلسة يوم الخميس.

في الوقت ذاته، دان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بشدة الغارات الإسرائيلية، ودعا إلى وقف فوري لجميع انتهاكات السيادة السورية.

غوتيريش شدد على ضرورة خفض التصعيد، وحذر من أن التوترات المتصاعدة تهدد بإشعال نزاعات طائفية وتحرم السوريين من فرص السلام. كما أعربت الأمم المتحدة عن قلق بالغ بشأن تدهور الوضع الإنساني، خاصة مع تعذّر وصول المساعدات وبلوغ المستشفيات طاقتها الاستيعابية القصوى، خصوصًا في درعا والجنوب السوري.

كما أعلنت الأمم المتحدة عن نيتها إرسال وفد إنساني لتقييم الوضع في السويداء، وسط تقارير عن نزوح واسع وتدمير للبنى التحتية الحيوية، فيما حذرت منظمة الصحة العالمية من انهيار الخدمات الطبية في درعا والجنوب السوري.

 

في ظل هذا المشهد المعقد، تبقى الأنظار متجهة نحو تنفيذ الاتفاق في السويداء، وضمان استقرار الجنوب السوري، وسط توتر إقليمي متزايد وتحديات داخلية هائلة تهدد بفتح جبهات جديدة في صراع لم تُطفأ نيرانه بعد.

More From Author

الصين تعزز تحولها الأخضر في قطاع الشحن وتؤكد التزامها بالتنمية المستدامة

رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع يكلف فصائل محلية بمسؤولية الأمن، ويندد بالتدخل الإسرائيلي

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *