
شؤون آسيوية – خاص –
في الثالث عشر من أكتوبر عام 2025، شهدت المنطقة واحدة من أكبر عمليات تبادل الأسرى في تاريخ الصراع الفلسطيني مع الاحتلال الإسرائيلي، وذلك ضمن اتفاق هدنة تم التوصل إليه بوساطة إقليمية ودولية.
فقد أفرجت المقاومة الفلسطينية عن جميع الرهائن الإسرائيليين الأحياء الذين كانوا محتجزين في قطاع غزة، مقابل إطلاق سراح نحو ألفي أسير ومعتقل فلسطيني من سجون الاحتلال.
العملية جاءت بعد مفاوضات مطوّلة شاركت فيها أطراف عدة، أبرزها مصر وقطر، وتولت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإشراف الإنساني واللوجستي على عملية التسليم والنقل.
بداية التنفيذ
بدأ تنفيذ الاتفاق في ساعات الصباح الأولى من ذلك اليوم، حين سلّمت المقاومة أولى دفعات الرهائن إلى فرق اللجنة الدولية داخل غزة في نقاط محددة مسبقاً، وتم نقلهم لاحقاً إلى جهة الاحتلال عبر قوافل تحت إشراف أمني وإنساني.
في المقابل، شرع الاحتلال في إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين من مراكز التوقيف المختلفة، حيث غادرت حافلات تقلّ المفرج عنهم باتجاه المعابر المؤدية إلى قطاع غزة والضفة الغربية والقدس المحتلة.
أعداد الأسرى والرهائن
بلغ عدد الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم قرابة ألفي شخص، بينهم نحو ألف وسبعمائة معتقل من أبناء غزة كانوا محتجزين خلال العمليات العسكرية، إلى جانب مئتين وخمسين أسيراً محكوماً بأحكام متفاوتة، وبعضهم بالسجن المؤبد.
كما شمل الاتفاق ترحيل نحو مئة وأربعة وخمسين شخصاً إلى الأراضي المصرية بشكل مؤقت ضمن ترتيبات إنسانية خاصة.
أما على الجانب الآخر، فقد جرى الإفراج عن عشرين رهينة إسرائيلية على قيد الحياة وتسليم جثامين عدد من القتلى إلى الصليب الأحمر لاستكمال نقلهم.
الدور الإنساني واللوجستي
اللجنة الدولية للصليب الأحمر أصدرت بياناً في اليوم نفسه أكدت فيه أن دورها في العملية إنساني بحت، وأنها أدت مهمة الوسيط المحايد لتسهيل إطلاق المحتجزين ونقلهم بأمان، مشيرة إلى أنها لا تشارك في المفاوضات السياسية لكنها تتدخل عندما يتم التوصل إلى اتفاق لتطبيق الجوانب الإنسانية منه.
كما شددت على أن عمليات النقل جرت بسرية ودقة حفاظاً على كرامة المفرج عنهم وسلامتهم، ورفضت نشر صور أو لقطات مباشرة لهم.
الإجراءات الطبية والاستقبال
في داخل الأراضي المحتلة، جرى استقبال الرهائن المفرج عنهم في مراكز طبية لتقييم أوضاعهم الصحية بعد فترة احتجاز طويلة، بينما خضع بعضهم لعلاج فوري من إصابات أو سوء تغذية.
أما في الجانب الفلسطيني، فقد عمّت مظاهر الفرح المدن والقرى التي عاد إليها الأسرى المحررون، وخرجت جموع المواطنين في استقبالهم رغم القيود الأمنية التي فرضتها سلطات الاحتلال لمنع التجمعات والاحتفالات العلنية.
الأبعاد السياسية والدولية
الصفقة لم تكن مجرد تبادل إنساني، بل حملت أبعاداً سياسية عميقة، إذ اعتُبرت ثمرة ضغوط إقليمية ووساطة دولية هدفت إلى تثبيت وقف إطلاق النار وتهيئة الأجواء لبحث تسويات أوسع.
وقد أكد الأمين العام للأمم المتحدة في تصريح له خلال جلسة في اليوم نفسه أن هذه العملية تمثل بارقة أمل في سبيل حماية المدنيين وضرورة استمرار الالتزام بالقانون الدولي الإنساني.
من الجانب الإسرائيلي، أعلن مكتب رئيس الوزراء في بيان رسمي أن تنفيذ المرحلة الأولى من الخطة يضمن إعادة جميع الرهائن إلى منازلهم، بينما عبّرت أوساط فلسطينية عن أن الإفراج عن الأسرى خطوة أولى في طريق طويل نحو إنهاء معاناة آلاف المعتقلين المتبقين في السجون.
الجدول الزمني والقيود الميدانية
كانت تلك العملية نتيجة مباشرة لاتفاق سلام مرحلي بدأ تطبيقه في الثامن من أكتوبر واستكمل في الثالث عشر منه، حيث تم تقسيم التنفيذ إلى مراحل لضمان التزام الأطراف بالجدول المتفق عليه.
ومع انتهاء العملية في المساء، أعلنت الجهات الراعية نجاحها الكامل رغم الصعوبات الميدانية والقيود الأمنية المعقدة التي أحاطت بها.
الخاتمة
شكل الثالث عشر من أكتوبر 2025 يوماً ذا طابع إنساني وإنجاز تفاوضي غير مسبوق، أعاد المئات من العائلات الفلسطينية أبناءها بعد سنوات من الاعتقال، وأنهى صفحة مؤلمة من معاناة الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة.
ومع أن التحديات لا تزال قائمة فيما يتعلق بملفات الأسرى الآخرين والجثامين التي لم تُسلّم بعد، فإن هذه الخطوة مثلت نقطة تحوّل في مسار الصراع، وأبرزت أهمية الدور الإنساني للمنظمات الدولية في النزاعات المسلحة.
تؤكد الوقائع الميدانية والتصريحات الرسمية أن العملية كانت نتيجة توافق نادر بين أطراف متنازعة، استند إلى وساطة فعالة وضمانات إنسانية، ما جعلها علامة فارقة في تاريخ الإفراجات المتبادلة بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي.