شؤون آسيوية –
بعض الدول أعربت عن مخاوفها من قرار دونالد ترمب تعيين رئيس الوزراء البريطاني الأسبق في “مجلس السلام”
حضر رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير “قمة السلام” في شرم الشيخ بمصر في وقت سابق من هذا الشهر
أندرو إنغلاند وجيم بيكارد في لندن وجيمس شوتِر في القدس
أثار قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعيين السير توني بلير في دور رئيسي للإشراف على غزة ردود فعل معارضة بين عدد من الدول العربية والإسلامية، في إشارة إلى التحديات التي تواجه الخطط المدعومة أميركياً لإدارة القطاع بعد انتهاء الحرب.
ثلاثة دبلوماسيين قالوا لصحيفة فايننشال تايمز إن بعض الدول العربية والإسلامية أعربت عن قلقها من خطط إشراك بلير في “مجلس السلام” المخصص للإشراف على مرحلة الانتقال بعد الحرب في القطاع المدمَّر، بسبب دعمه للغزو الأميركي للعراق عام 2003.
كما أشار الدبلوماسيون إلى مخاوف من أن المسودات التي أعدها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق كانت ستهمّش دور الفلسطينيين في إدارة غزة.
تشمل الدول التي تشاور معها ترمب بشأن مستقبل غزة كلاً من السعودية والإمارات ومصر والأردن وقطر وتركيا وإندونيسيا.
ورفض الدبلوماسيون تسمية الدول التي عارضت تعيين بلير بسبب حساسية الموضوع.
قال دبلوماسي عربي: “بعض الدول لديها تحفظات عليه بسبب رؤيته أو ماضيه، ودول أخرى ترى أن الفلسطينيين سيرفضونه مما قد يبطئ أو يعقّد تنفيذ الاتفاق نفسه”.
وأضاف دبلوماسي آخر: “سمعته ودوره في العراق يُنظر إليهما بشكل سلبي عموماً. لذا فالأمر يعتمد على الشكل النهائي للخطة”.
وتابع: “حالياً هناك آلية عربية-إسلامية لمناقشة المواقف، وخلال المداولات ظهرت بعض ردود الفعل السلبية”، في إشارة إلى مجموعة الدول ذات الأغلبية المسلمة والعربية.
وقال دبلوماسي ثالث إن بلير “يتمتع بعلاقات جيدة مع النخب، خصوصاً في الخليج”،
“لكن على المستوى الشعبي، الوضع سيئ جداً بالنسبة لغزة، لأنه منذ اليوم الأول إذا ظهرت مشكلات فسيُحمّله الناس المسؤولية ويقولون إنه بريطاني ويتصرف كقوة استعمارية… إنها مهمة صعبة جداً وقد تفشل، فلماذا نضع شخصاً قد يجعلها أصعب؟”.
شغل بلير منصب مبعوث للشرق الأوسط بعد مغادرته رئاسة الوزراء عام 2007، وكان الشخص الوحيد المسمّى في “مجلس السلام” ضمن خطة ترمب ذات النقاط العشرين لإنهاء الحرب المستمرة منذ عامين بين إسرائيل وحماس.
تنص خطة ترمب على أن المجلس سيضم “رؤساء دول آخرين” وسيتولى “وضع الإطار العام وتمويل إعادة إعمار غزة”.
وسيشرف المجلس على القطاع إلى حين إصلاح السلطة الفلسطينية، التي تدير أجزاء محدودة من الضفة الغربية المحتلة، لتتمكن من “السيطرة الفعّالة” على غزة.
كما سيشرف على لجنة من التكنوقراط الفلسطينيين لإدارة الخدمات العامة في القطاع الذي تسيطر عليه حماس منذ عام 2007.
لكن ترمب، الذي سيترأس المجلس، أقر هذا الشهر بوجود مقاومة لتعيين بلير قائلاً:
“أريد أن أتحقق ما إذا كان توني سيكون مقبولاً لدى الجميع، لأنني لست متأكداً من ذلك”.
تعمل إدارة ترمب بشكل وثيق مع الدول العربية والإسلامية في صياغة وتنفيذ الخطة، وتتوقع واشنطن منها أن توفر الجزء الأكبر من القوات المشاركة في قوة الاستقرار الدولية التي ستُنشر في غزة، بالإضافة إلى تمويل إعادة إعمار القطاع بشكل واسع، إلا أن العديد من التفاصيل ما تزال غير محسومة.
قال دبلوماسي رابع: “لا أحد يعرف بعد ماهية مجلس السلام، ومن سيكون أعضاؤه، وماذا سيفعل بالضبط”.
وأضاف آخر أن الدول العربية “مشكوكة عموماً في جدوى وجود مجلس سلام من الأساس”.
عمل بلير لأكثر من عام على خطط لغزة بصفته الشخصية عبر “معهد توني بلير”، واضعاً أفكاراً قبل أن يعلن ترمب مبادرته الخاصة. وكان من أبرز محاور مقترحاته إنشاء وصاية دولية على القطاع المحاصر، ونسّق في ذلك مع صهر ترمب ومبعوثه للشرق الأوسط جاريد كوشنر خلال الولاية الأولى للرئيس.
وحضر الاثنان اجتماعاً في البيت الأبيض في أغسطس مع ترمب وكبار المسؤولين لمناقشة غزة، ومنذ ذلك الحين أصبح كوشنر يلعب دوراً أكثر بروزاً بعد أن نجحت خطة ترمب ذات النقاط العشرين في تحقيق وقف إطلاق النار هذا الشهر.
وقال أحد المقربين من بلير: “من الطبيعي أن يواجه بعض الاعتراض، لكن آخرين يرون أنه لعب دوراً محورياً في صياغة الخطة التي أنهت الحرب، وأنه يحظى بدعم قوي من قيادات المنطقة”.
ومع ذلك، عبّر مسؤولون عرب وأوروبيون عن قلقهم من أن تركّز خطط بلير بشكل مفرط على المخاوف الإسرائيلية وتهمّش الفلسطينيين وتفتقر إلى الشرعية، إذ دعا لأن تُدار غزة عبر وصاية دولية تُعرف باسم GITA، وفقاً للدبلوماسيين.
وجاء في مسودة خطة بلير أن المجلس الدولي لـGITA سيمارس “السلطة الاستراتيجية والسياسية العليا”.
لكن المقرب من بلير قال إن “الحديث عن تهميشه للفلسطينيين غير منطقي”، مضيفاً:
“على العكس، لقد ضغط بشدة من أجل إشراكهم، وبالتحديد لكي تُوحَّد غزة والضفة الغربية تحت قيادة السلطة الفلسطينية بعد المرحلة الانتقالية”.
بعد إعلان خطة ترمب، وصف بلير المبادرة بأنها “جريئة وذكية”، وأبدى استعداده للعمل في “مجلس السلام”.
تسعى معظم الدول العربية إلى تعزيز دور السلطة الفلسطينية في غزة، وتشعر بالقلق من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عدّل الخطة لتقليص الإشارات إلى السلطة، إذ يرفض بشدة أي مشاركة لها في إدارة غزة.
وبعد لقائه بلير هذا الشهر، قال حسين الشيخ، نائب الرئيس الفلسطيني: “أكدنا استعدادنا للعمل مع ترمب وبلير لترسيخ وقف إطلاق النار”، مضيفاً:
“وشددنا على ضرورة وقف تقويض السلطة الفلسطينية، وبخاصة إعادة العائدات الفلسطينية المحتجزة [من قبل إسرائيل] ومنع تقويض حل الدولتين تمهيداً لسلام شامل ودائم”.
