شؤون آسيوية – طهران –
سلّطت صحيفة “هم ميهن” الإصلاحية الضوء الضوء على التناقض في مواقف المسؤولين الأميركيين مقارنةً بثبات الموقف الإيراني، وتساءلت عما إذا كانت تصريحاتهم المتناقضة ناتجة عن خلاف داخلي أو مجرّد تكتيك تفاوضي محسوب.
وفي افتتاحيتها، لاحظت الصحيفة أنّ الموقف الإيراني اتسم بالوضوح والدعوة الصريحة لخفض التوتر والتوصل إلى اتفاق منذ بداية المحادثات، في مقابل ازدواجية أميركية، خاصة من وزارة الخارجية التي تبنّت لهجة متشددة.
واعتبرت “هم ميهن” أنّ الخلاف الجوهري لم يعد عن الأهداف الكبرى، كالسلاح النووي، لأن إيران تنفي سعيها لتطويره وتقبل الرقابة الدولية، بل باتت المسائل الفنية هي محور التفاوض، داعيةً إلى واقعية في التوقعات وعدم ربط مصير البلاد بنتائج المفاوضات.
وختمت الصحيفة بأنّ استطلاعًا أظهر أنّ الرأي العام ينظر إلى التجاوزات الأميركية كأبرز عقبة أمام التقدم، يليها التطرّف المحلي وإسرائيل، مشجّعةً على الحفاظ على الوحدة الوطنية وتأييد النهج الرسمي في إيران.
من جهته، انتقد العضو السابق في البرلمان الإيراني علي محمد نمازي الطرح الأميركي الداعي إلى “صفر تخصيب” في إيران، والذي وصفه بغير الواقعي ويهدد بإفشال المفاوضات.
وفي افتتاحية صحيفة “آرمان ملي” الإصلاحية، أضاف الكاتب أنّ هذا المطلب الأميركي يعكس تحوّلًا في التكتيكات لا في الأهداف، وأنّ واشنطن لم تعد تسعى لحرب مباشرة، بل لتسوية عبر ضغوط قصوى.
وفق نمازي فإنّ المواجهة الحالية لم تعد تقنية فقط، بل أصبحت سياسية وتمسّ الكرامة والسيادة الوطنيتين، كما عرض الكاتب سيناريوهين ممكنين للخروج من هذا المأزق: الأول، اتفاق استراتيجي كبير يشمل رفعًا شاملًا للعقوبات واستثمارات غربية في إيران مقابل وقف التخصيب، وهو ما سيكون مكسبًا للطرفين؛ والثاني، اتفاق مؤقت يتم فيه تجميد التخصيب مقابل تخفيف جزئي للعقوبات، بما يحفظ ماء وجه الطرفين ويمنع التصعيد.
وأشار نمازي إلى أن المفاوضات لم تعد تركّز فقط على اليورانيوم، بل هناك رغبة بأن تشمل أيضًا القدرات الصاروخية الإيرانية والتهديد المفترض لإسرائيل، وهو ملف ترفض طهران التفاوض عليه.
وختم الكاتب بأنّ صنع القرار في إيران يحتاج إلى عملية تسريع، حيث اقترح قدوم الوفد الأميركي إلى طهران لتحفيز هذا التسريع، محذًرًا من أنّ الفشل في التوصل إلى اتفاق قد يؤدي إلى تصعيد خطير يشمل عقوبات إضافية وعمليّات تخريب وربما مواجهة عسكرية.
وفي السياق، شدّد مدير صحيفة “جوان” الأصولية محمد جواد إخوان على أنّ قضية تخصيب اليورانيوم تمثّل جوهر الخلاف بين إيران والغرب منذ عقدين، منوّهًا إلى أنّ التخصيب هو العمود الفقري للطاقة النووية السيادية وأداة مركزية في دورة إنتاج الوقود النووي.
وفي افتتاحية الصحيفة، أضاف اخوان أنّ امتلاك القدرة على التخصيب ليس فقط حقًا طبيعيًا لكل دولة، بل ضرورة استراتيجية لدولة مستقلة مثل إيران، التي قد تُحرم سياسيًا من الحصول على الوقود النووي من الخارج.
ولفت الكاتب إلى أنّ التخصيب بتقنياته المختلفة، يُستخدم في أغراض سلمية، مثل توليد الطاقة والطب والزراعة، بالإضافة إلى أهميته كأداة ردع استراتيجية، متّهمًا الولايات المتحدة بالسعي لمنع إيران من التخصيب لتجريدها من وسيلة فعّالة في مواجهة الضغوط والعقوبات.
وختم اخوان بأنّ تجربة انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي أظهرت أهمية التخصيب كوسيلة لضمان التوازن والاستمرارية في أي اتفاق مستقبلي، مشيدًا بقانون “الإجراء الاستراتيجي لرفع العقوبات وصون حقوق الشعب الإيراني” الذي أعاد فرض التوازن عبر رفع التخصيب وتنظيم التعاون مع الوكالة الدولية.