خاص شؤون ٱسيوية – دمشق
هبة الكل
خلال 96 ساعة، تمكنت الفصائل المسلحة الموحدة تحت اسم ” غرفة إدارة العمليات العسكرية” متمثلة ﺑ “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقا) وفصائل أخرى، من السيطرة بشكل مفاجئ وسريع على مناطق واسعة من محافظتي إدلب وحلب شمال غرب سوريا. وقد سيطرت السبت على مطار حلب الدولي بعد أن أوردت مصادر أنّ الجيش السوري كان قد سلّم المطار مع مواقع في حلب إلى قوات سوريا الديمقراطية قبل انسحابه منها.
وقد أعلنت الفصائل المسلحة سيطرتها على كامل الحدود الإدارية لمحافظة إدلب، وذلك بعدما سيطرت على مدينة معرة النعمان الإستراتيجية جنوبي المحافظة، وبدئها عملاً عسكرياً في محور جديد في ريف حماة، معلنة السيطرة كذلك على مدينتي مورك وطيبة الإمام.
وفي التفاصيل الميدانية ذكرت الجماعات المتطرفة المعارضة للحكومة السورية أنها سيطرت على مركز البحوث العلمية والكليتين العسكرية والمدفعية ومبنى الأمن العسكري وساحة سعد الله الجابري
في مركز مدينة حلب فضلا عن مبنى المحافظة ومراكز الشرطة ومقرات أمنية وعسكرية.
وأكدت أنّ مجموع ما سيطرت عليه من قرى في ريفي حلب الغربي والجنوبي بلغ 70 بلدة وقرية وموقعا عسكريا
وأعلنت المعارضة المسلحة سيطرة مقاتليها على الساحة الرئيسية وسط مدينة حلب، وعلى 14 حيا وعلى مقر قيادة الشرطة بالمدينة بالإضافة إلى مدينة سراقب الإستراتيجية في إدلب حيث يتقاطع طريق حلب-دمشق الدولي وطريق اللاذقية-حلب الدولي.
بالمقابل نفت وزارة الدفاع السورية صحة الأخبار التي تنشرها التنظيمات الإرهابية المسلحة حول انسحاب الجيش السوري من حماة، مؤكدة أن قواتها تتمركز في مواقعها في الريف الشمالي والشرقي لمحافظة حماة وهي على استعداد كامل لصد أي هجوم إرهابي محتمل، كما قام الطيران الحربي السوري والروسي الصديق باستهداف تجمعات المسلحين وتحركاتهم وخطوط إمدادهم.
ونقلت وزارة الدفاع عن مصدر عسكري قوله “تمكنت التنظيمات الإرهابية في الساعات الماضية من دخول أجزاء واسعة من أحياء مدينة حلب” بعدما نفذ الجيش عملية “إعادة انتشار هدفها تدعيم خطوط الدفاع والتحضير لهجوم مضاد”.
وجاء ذلك، بحسب المصدر، بعد “معارك شرسة… على شريط يتجاوز 100 كم لوقف تقدمها، وارتقى خلال المعارك عشرات من رجال قواتنا المسلحة”.
أصبحت “هيئة تحرير الشام” تسيطر على غالبية محافظة حلب، بعد أن فرضت اليوم حظر تجوال على المدنيين في المدينة حتى صباح الغد.
يأتي هذا التطور في اليوم الرابع لمعركة “ردع العدوان” التي أطلقتها الجماعات المسلحة، للردّ على ما أسمته ” اعتداءات متصاعدة وحشود للنظام لمهاجمة معاقلها” وفق قولها.
وقد سبق هذا التصعيد بأشهر معدودة، تحضيرات تكثيف الحشود العسكرية الإرهابية على خطوط التماس، واستمرار تدريب المقاتلين وتجهيز الأسلحة الثقيلة والطائرات المسيّرة.
حينها أفادت مصادر سورية خاصة في إدلب بوصول تعزيزات عسكرية ضخمة إلى محاور القتال في ريف حلب الغربي وريفي إدلب الجنوبي والشرقي من قبل هيئة تحرير الشام، والتي شملت آليات عسكرية، ودبابات، وعناصر إضافية.
ويأتي هذا التصعيد بعد أشهر من هدوء نسبي، كانت تتخلله عمليات متفرقة، وهو الهجوم الأول من نوعه منذ مارس/آذار 2020م إثر اتفاق خفض التصعيد بدعم روسي/ تركي، أدى إلى وقف المواجهات العسكرية في آخر معقل كبير للمعارضة في شمال غربي سوريا.
ردود دولية
أدانت وزارة الخارجية الإيرانية بشدة اعتداء الجماعات المسلحة على القنصلية الإيرانية في مدينة حلب، وقد صرح الوزير “عباس عراقتشي” أن التحركات الأخيرة للجماعات الإرهابية في سوريا هي جزء من مشروع الكيان الصهيوني والولايات المتحدة لزعزعة أمن منطقة غرب آسيا، وأنّ على إيران وروسيا وباقي دول المنطقة أن تعمل بمزيد من التنسيق واليقظة لإحباط هذه المؤامرة الخطرة .
وفي السياق أكّدت وزارة الخارجية الروسية لنظيرتها الإيرانية على ضرورة “أن نشهد تنسيقاً بين كل أطراف المنطقة لمواجهة الإرهاب”، وداعية إلى استمرار المشاورات بين البلدين في الظروف الراهنة.
بالمقابل قال وزير الخارجية اللبناني في اتصال مع نظيره السوري: “ندين هجوم المجموعات المسلحة التكفيرية على مدينة حلب ومحيطها.
وذكرت صحيفة “إزفيستيا الروسية” أن الهجوم الإرهابي الكبير على حلب هو تنسيق بين الاستخبارات التركية والاستخبارات الأوكرانية والاستخبارات الفرنسية وبدعم إسرائيلي وموافقة أمريكية”.
السيناريوهات المستقبلية
من الصعب بناء التوقعات بشأن تلك المعارك الدائرة بين قوات الجيش السوري وحلفائه من جهة وهيئة تحرير الشام ومن ورائها من جهة أخرى، ولكن قد يكون من ضمن التوقعات
1- تصعيد مضاد: مواصلة الجيش السوري جهوده لاستعادة ما خسر من الأراضي والقرى، وتجديد الهجمات وتصعيد أكبر ضد مواقع هيئة تحرير الشام، وهذه يعتمد على مدى الدعم الروسي/ الإيراني.
2- خفض التصعيد: العملية بدأت بأهداف لتوسيع مساحات السيطرة المحاذية لإدلب وإيقاف قصف النظام المتكرر وتأمين عودة قسم من المهجرين، بمعنى أن تبقى مساحات السيطرة ضمن مساحة مناطق خفض التصعيد، وبالتالي الحفاظ على آليات أستانا على المستوى الأمني والسياسي.
3- استمرار التصعيد وضم مناطق أخرى للفصائل المعارضة، وهذا الخيار تحدده الساعات والأيام المقبلة، وبالتالي العودة إلى 2016 مرة أخرى.
4- ضغوط دولية: قد تؤثر القوى الفاعلة الخارجية على الطرفين بالذهاب إلى تفاهمات وترجمة أسيتانا على الأرض.
وفي الختام
إن المخاوف الإنسانية التي يسببها أي تصعيد في القتال يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني المتدهور بالفعل في المنطقة، مما يؤدي إلى المزيد من النزوح والمعاناة للمدنيين.
ولكن التطورات الحالية وربطها بمعركتي غزة ولبنان ومحاولة كسر محور المقاومة، كل ذلك يدل على الانتقال إلى مرحلة جديدة تقوم على محاولة تخفيض النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.