شؤون آسيوية – بيروت – إعداد: رغد خضور –
وسط أجواءٍ مشبعة بالحزن والعزة والافتخار، انطلقت مراسم تشييع الأمينين العامّين لحزب الله، السيد الأممي والقائد التاريخي السيد حسن نصر الله، والسيد هاشم صفي الدين، في مدينة “كميل شمعون” الرياضية في العاصمة اللبنانية بيروت.
ودخل نعشا السيدين الشهيدين إلى باحة المدينة الرياضية ليرفع المشيّعون أصواتهم بالهتاف: “لبيك يا نصر الله”، و”إنّا على العهد يا نصر الله”، و”هيات منّا الذلة”.
مئات الآلاف يشاركون في التشييع
ومع ساعات الصباح الأولى، غصّت طرقات العاصمة اللبنانية بوفود المشاركين من كل المناطق اللبنانية، فيما امتلأت مدينة “كميل شمعون” الرياضية، منذ السادسة صباحاً، بالمشاركين، الذين بات بعضهم ليلته تحت العراء.
ومنذ يوم أمس، تتوافد الحشود من مختلف المناطق اللبنانية نحو العاصمة بيروت، إذ شهدت الطرقات المؤدية إلى العاصمة، ولاسيما طريق صيدا – بيروت، وطريق البقاع – بيروت، زحمة سير خانقة. وكان لافتاً توجّه بعض المشاركين سيراً على الأقدام من محافظات، مثل الجنوب والبقاع، إلى بيروت، على الرغم من الطقس العاصف.
وبحسب تقديرات المنظمين يقدر عدد المشاركين في التشييع حوالي مليون و400 ألف شخص.
تجهيزات التشييع
يتسع مدرج الملعب الرياضي لأكثر من 50 ألف شخص، وتم تجهيز 23 ألف مقعد داخل الملعب، وفي الساحات الخارجية تم تخصيص 35 ألف مقعد للرجال و25 ألف مقعد للنساء.
من جانب أخر، أقيمت 70 مضافة عند الشوارع المؤدية لمكان التشييع والمسيرة، لتقديم الطعام والشراب وتوفير الراحة للمشاركين في مسير التشييع. وتم توفير هذه المضائف في مناطق متعددة، تشمل المداخل الشرقية والغربية للضاحية الجنوبية، وأيضاً عند مداخل الضاحية من الجنوب والبقاع والشمال وبيروت.
مراسم التشييع
المراسم التي بدأت عند الساعة الواحدة ظهراً بالتوقيت المحلي لبيروت (11 بتوقيت غرينتش)، انطلقت من مدينة كميل شمعون الرياضية، التي شهدت وصول نعشي السيدين الشهيدين على آلية مخصصة.
وبعد إلقاء الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، كلمة له، انطلقت مسيرة لتشييع، نحو موقع دفن الشهيد السيد نصر الله، على أطراف الضاحية الجنوبية لبيروت. فيما من المقرّر دفن السيد الشهيد صفي الدين، غداً الاثنين، في مسقط رأسه في بلدة دير قانون النهر في جنوبي لبنان.
إجراءات أمنية وصحية
وجرت مراسم التشييع ضمن تدابير أمنية مشدّدة اتخذها الحزب والأجهزة الأمنية اللبنانية، فيما حثّ منظّمو التشييع الكبير على عدم إطلاق النار وعدم التدافع حفاظاً على السلامة.
ورفعت قيادة الجيش اللبناني الجاهزية إلى 100%، وشكّلت غرفة عمليات للتنسيق مع الأجهزة الأمنية كافّةً لمواكبة يوم التشييع غداً، كما تم تسيير دوريات أمنية مكثفة في مختلف المناطق لضمان سلامة الحشود.
هذا ونشرت فرق صحية ومستشفيات نقّالة وفرق إنقاذ وإطفاء على الطرق المؤدية إلى التشييع، مع تخصيص مسارات خاصة للسيارات ومواقف للقادمين من خارج العاصمة، وطلب من الوافدين من الضاحية الجنوبية السير على الأقدام بسبب إغلاق بعض الطرق أمام المركبات.
في السياق، شارك الدفاع المدني في الهيئة الصحية الإسلامية بأكثر من 1500 متطوع بين مسعفين وأطباء وممرضين، موزعين على 60 خيمة طبية، بالإضافة إلى انتشار 100 سيارة إسعاف على طول مسار التشييع.
الشيخ قاسم: إنا على العهد يا نصر الله
وفي كلمته خلال مراسم التشييع، وجَّه الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم التعزية لعوائل السيديْن الجليليْن ومن استشهد برفقتهما وشهداء المقاومة وللمنتمين والمُحبّين.
وأضاف: “نودّع اليوم قائدًا تاريخيًا استثنائيًا، يمثل قبلة الأحرار في العالم، وحبيب المجاهدين والمستضعفين والمعذّبين في الأرض، رجل قاد المقاومة إلى الأمة، وقاد الأمة إلى المقاومة”، مشدداً على أن شعب لبنان لا يهزم، و”إنا على العهد يا نصرالله”.
وأكد الشيخ قاسم على استكمال طريق المقاومة “ولو قتلنا جميعاً ودُمرت بيوتنا على رؤوسنا”، وأن المقاومة مستمرة وقوية بحضورها وجهوزيتها، وهي حق لن يستطيع أحد سلبه.
حضور رسمي لبناني وخارجي
وأعلنت اللجنة المنظمة مشاركة شخصيات رسمية لبنانية وخارجية، فيما أحصت اللجنة العليا لمراسم التشييع مشاركة “نحو 79 دولة من مختلف أنحاء العالم، بين مشاركات شعبية ورسمية”. وأفاد المنظمون عن حضور شخصيات رفيعة المستوى من إيران والعراق، إلى جانب وفود من دول أخرى.
وعلى المستوى المحلي اللبناني حضر رئيس مجلس النواب نبيه بري، وتم تكليف وزير العمل محمد حيدر بتمثيل رئيس الوزراء نواف سلام لحضور مراسم التشييع.
ويُشارك آلاف المواطنين من دول عربية وإسلامية، مثل العراق، اليمن، إيران، البحرين، الكويت وتركيا، في التشييع، الذي سيكون حدثاً فارقاً في تاريخ لبنان والمنطقة.
وكانت شركات الطيران سجّلت زيادةً كبيرة في عدد الرحلات المتجهة إلى العاصمة بيروت. حيث وصل أكثر من 50 رحلة جوية إلى مطار بيروت الدولي، منذ يوم أمس، في إطار التوافد العالمي للمشاركة في هذا الحدث الكبير.
عراقتشي وقاليباف يشاركان بالتشييع
وصل وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقتشي، للمشاركة في تشييع سيد الأمة السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين، حيث ذكر أنه “جاء نيابة عن الجمهورية الإسلامية للمشاركة في التشييع المهيب للسيدين العظيمين”.
كذلك وصل، رئيس مجلس الشورى الإيراني، محمد باقر قاليباف، بطائرة ثانية تقلّه مع وفد إيراني رفيع المستوى. وصرّح رئيس البرلمان الإيراني، من مطار بيروت، قائلاً: “جئت إلى بيروت على رأس وفد من الممثلين في مجلس الشورى ومكتب قائد الثورة ومن السلطة القضائية وجمع من المؤسسات الحكومية الإيرانية ومن أسر الشهداء للمشاركة في تشييع الشهيدين السيدين”.
الرئيس الإيراني: الشهيدان دافعا عن شرف الأمة
شدّد الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، على حق الشعب اللبناني، الذي وصفه بالعظيم، بأنّ “يفخر بكل أبنائه الشجعان”، ولا سيّما بالأمينين العامين لحزب الله الشهيدين القائد التاريخي السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين.
ووصف بزشكيان الشهيدين، في منشور له على منصة “اكس” لمناسبة تشيعهما، بالسيدين القائدين العظيمين، وقال: “أبطال دافعوا عن شرف الأمة و بقوا على العهد والوعد حتى الشهادة في سبيل الله”.
تشييع رمزي للشهيدين السيدين في اليمن
وإلى جانب مشاركة وفد يمني بمراسم التشييع في لبنان، انطلقت فعّالية التأبين والتشييع الرمزي للشهيدين السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين في جامع الشعب في العاصمة اليمنية صنعاء، وسط حضور رسمي وعلمائي وسياسي.
وفي كلمةٍ خلال التأبين الرمزي، شدّد عضو المجلس السياسي الأعلى في اليمن عبد العزيز بن حبتور على أنّ خسارة الشهيدين فادحة، مُجدِّداً العزاء لكلّ الأمة الإسلامية لفقدهما. ولفت بن حبتور إلى أنّ “محور المقاومة هو الوحيد الذي سيقف في وجه محور الشر ومحور الصهاينة”.
بدوره، أعرب رئيس حكومة صنعاء، أحمد الرهوي، عن كلّ الإعزاز والإجلال للسيد الشهيد نصر الله، مؤكداً أنّه وقف إلى جانب الشعب اليمني خلال العدوان عليه، ومشيراً إلى أنّ “السيد نصر الله الرجل الصادق والأمين أمضى كل حياته في سبيل نصرة المستضعفين”.
تفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي
شهدت مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلًا واسعًا ومؤثرًا مع تشييع الأمين العام لحزب الله السيد الشهيد حسن نصر الله، حيث عبّر الناشطون عن مشاعر الحزن العميق والمواساة، وأكدوا تضامنهم الكامل مع المقاومة وحزب الله.
وانتشر وسم “#إنا_على_العهد” بشكل واسع على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تداول المستخدمون صورًا للسيد نصر الله وعبارات مؤثرة تؤكد تمسكهم بالنهج الذي خطه الأمين العام لحزب الله.
وفي سياق متصل، رافق التفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي تداول العديد من الفيديوهات والصور التي توثق لحظات الحزن والتأبين، حيث قام كثير من النشطاء بمشاركة لحظات تشييع السيد نصر الله، وعلقوا عليها بكلمات مؤثرة تعكس مشاعرهم تجاه قائد المقاومة.
الطيران الإسرائيلي يحلق فوق التشييع
حلقت أربع طائرات حربية إسرائيلية على علوّ منخفض فوق مراسم تشييع الشهيدين السيدين نصر الله وصفي الدين في المدينة الرياضية ببيروت.