شؤون آسيوية – تشونغتشينغ –
خلال استراحة بعد الغذاء، تتوجه لي تشينغ الموظفة البالغة 28 عاما مباشرة إلى مركز للعناية بالصحة في مركز تجاري مزدحم في بلدية تشونغتشينغ بجنوب غربي الصين للحصول على خدمات تدليك وعلاج بالكي لمكافحة التعب الناتج عن العمل.
في غرف العلاج القريبة، يسترخي العملاء وسط رائحة الأعشاب الغنية للكي الممتزج مع رائحة القهوة الطازجة المنبعثة من الطابق الأسفل، ما يقدم لمحة عن موجة العناية بالصحة للصينيين الحضريين.
ومن الشاي العشبي إلى الساعات الذكية، يقود الشباب الصينيون ثورة “الصحة الرقيقة” التي تمزج بين العلم والتخصيص وأسلوب الحياة. وعلى عكس الأفكار التقليدية بعض الشيء لأجيال كبار السن مثل شرب الماء الساخن أو تناول المكملات الغذائية، يرى الشباب الصينيون أن العناية بالصحة فعل يومي للتحسين في جميع جوانب الحياة.
ووفقا لتقرير صادر عن “شينخوانت” حول اتجاهات استهلاك التغذية للجيل “زد” (الجيل الذي يتكون عموما من مواليد منتصف تسعينيات القرن الماضي إلى منتصف العقد الأول من الألفية)، يتحول الشباب إلى القوة الرئيسية في الاستهلاك الصحي حيث يمثل الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و35 عاما نسبة 83.7 في المائة من المستهلكين الصحيين في الصين.
وفي هذا السياق، قال ليو جيون كانغ المدير العام لشركة “جينآيتانغ” المحدودة للإدارة الصحية إن الشباب على استعداد لدفع الأموال للحصول على منتجات صحية عالية الجودة ويفضلون الخدمات الشخصية.
وفي متجر لشاي الحليب العشبي أمام إحدى المشافي، يمكن رؤية حشود تصطف للحصول على مشروبات مبتكرة مثل حليب البرقوق المدخن ومشروب منشط من الأنجليكا والقرفة، قالت لياو تشانغ يينغ مديرة قسم التغذية بمستشفى تشونغتشينغ جيانغباي للطب الصيني التقليدي “إن وصفاتنا تجمع بين حكمة الطب الصيني التقليدي وتكنولوجيا الطهي الحديثة”.
وطوّر فريق لياو أكثر من 40 طعاما صحيا تضم العلكة الطبية والمعجنات الغنية بالبروتين وغيرها. ومع احتضان المستهلكين الشباب للطب الصيني التقليدي، ارتفعت أسعار الاستشارات السريرية بنسبة تتراوح ما بين 30 إلى 35 في المائة سنويا في قسم التغذية في المستشفى المذكور.
تتفحص ليو شي تينغ العاشقة للياقة البدنية وتبلغ من العمر 25 عاما مكونات لبن زبادي باستخدام ثلاثة تطبيقات تغذية في سوبرماركت بمدينة فوتشو حاضرة مقاطعة فوجيان بجنوب شرقي الصين. وقد ساعد المستهلكون “المهووسون بالمكونات” مثل ليو في رعاية قطاع الوجبات الخفيفة الصحية المتميزة التي تمتلك الآن حصة كبيرة في السوق.
كما تعمل التكنولوجيا أيضا على إعادة تشكيل نموذج العناية بالصحة. فعندما تهتز الساعة الذكية للمبرمج تشانغ يانغ بعد 90 دقيقة من الجلوس ينهض من مكتبه للقيام بجولة من “بادوانجين” الذي يعتبر من التمارين الهوائية الصينية التقليدية، بينما يسجل تطبيقه الصحي تمارينه في الوقت الفعلي.
وارتفعت شحنات الأجهزة القابلة للارتداء في الصين بنسبة 36.2 في المائة على أساس سنوي إلى 33.67 مليون وحدة في الربع الأول من عام 2024، حيث أصبح التتبع الصحي المتقدم أمرا ضروريا للشباب. وتوفر الساعات الذكية حاليا ميزات مثل مراقبة معدل ضربات القلب وقياس الأكسجين في الدم وتتبع تخطيط القلب الكهربائي ما يجعل إدارة الصحة على مدار 24 ساعة طوال أيام الأسبوع أكثر سهولة.
وأضاف ليو جيون كانغ: “لم تعد الصحة مجرد نصيحة تُقدّم من كبار السن، بل جزء قابل للقياس في الحياة اليومية”، مشيرا إلى ثلاثة اتجاهات رئيسية بين المستهلكين الشباب تتمثل باستخدام البيانات لتعديل روتينهم الصحي حسب احتياجاتهم، وإبداع العلاجات التقليدية بطريقة حديثة، وإعطاء الأولوية لتجارب الصحة الممتعة والعملية.
ومع تحول محور صناعة الصحة في الصين من خدمات صحية موحدة إلى حلول مخصصة للغاية، يعيد جيل جديد يحتضن التعديل البيولوجي والطب الصيني التقليدي كتابة قواعد الرعاية بالصحة، ما يتمثل في كوب من شاي الحليب العشبي في اليد وتنبيه الساعة الذكية على المعصم في آن واحد.
المصدر: شينخوا