spot_img

ذات صلة

جمع

مكالمة قد تغير التاريخ: لحظة ترامب وبيزشكيان لإحلال السلام

شؤون آسيوية - بقلم سيد حسين موسويان*/ أعربت إدارة ترامب...

هل يُخيّب ترامب آمال نتنياهو؟

د. هيثم مزاحم ** يقول الكاتب الإسرائيلي إيتان غلبواع...

عيد الربيع الصيني.. رمز للفرح والتقاليد

شؤون آسيوية - بقلم تشو شيوان ** مع اقتراب موعد...

ترامب مهتم بزيارة الصين والهند قريباً

شؤون آسيوية – واشنطن - أبلغ الرئيس...

من الرماد ….. ما مستقبل غزة؟

خاص شؤون آسيوية، مقالة: أوليفر ماك تيرنن، ترجمة: معهد...

جريح الوطن .. فتى السماء

رفيا عبود _

” الاهتمام بكلّ من ضحىّ ، سواء كان مقاتلاً ، أو من يقف مع هذا المقاتل ..ليس فقط واجباً ..وإنّما هو اهتمام بالوطن ، فليس من المعقول أن نحبّ الوطن دون أن نحب من يدافع عنه.. أن نكون حريصين على الوطن وألا نكون حريصين على من يقفون مع الوطن عندما يحتاجهم . ”
القائد العام للجيش والقوات المسلحة السيّد الرئيس بشار الأسد 2016
لم يكن هذا البلد أن يقف على أقدامه ويعيد بعثه من جديد كطائر الفينيق لولا تضحيات جرحى الحرب الذين سطروا أروع الملاحم البطولية وقدموا أجود ما عندهم ليحيا الوطن ويبقى شامخاً فإنّ كنا نكتب عنهم فلن نصلّ إلى ما صنعوه بدمائهم لنا.

-إنّ لكل إنسان في هذا الكون وطن ينتمي إليه ولا يسعنا إلا أن نقدّم إليه الحب الدائم والإخلاص الأبدي.. بهذه الكلمات بدأ الجريح مجد كلامه معنا ليعبر بأجمل العبارات عمّ يشعر فيه حيث بدت الطمأنينة تسيطر عليه وهو يروي كيف خاض معارك كثيرة ولم ينهزم أو يستكين رغم الإصابات التي أثرت عليه وتركت توقيعها على جسده حيث اعتبر أنّ ما قدمه هو الواجب وعند سؤالنا له إن عاد الزمن إلى ما قبل إلتحاقك فهل ستعيد الكرة من جديد ؟
بعزيمة وثقة بالنفس أجاب .. نحن لا نساوم على الوطن لا أحد يعلم كم من الوجع يحتل قلوبنا عندما يصبح الوطن جريحاً وقد طعنته الأيادي الغادرة وجعلت منه مقبرة لأبنائه بعدما كان ملاذهم الآمن كحضن الأم ولن أبالغ إن قلت لكم إنّ بعض الناس لا يعرفون قيمة أوطانهم إلا عند فقدانها ، خبز وطني أفضل من طعام الاجنبي في أرضٍ لا أنتمي لها.

-إنّ الجمال الحقيقي يتجلى في وجه الوطن دعونا نحافظ على جماله كي نحافظ على كرامتنا .. هذه العبارة خرجت بحبِّ من الجريح أحمد الذي تكلم بإسهاب عن عشقه الذي لا ينتهي لوطنه رغم أنّه قدّم قدمه وعينه إلا أنّ ابتسامته لم تنطفئ من وجهه ..تحدث عن مواقف كثيرة وكان جلّ كلامه عن شركاء الدّرب من أقرانه الذين ينتمون إلى غالبية المحافظات السورية كيف كانوا يتناوبون فيما بينهم على حماية بعضهم البعض تذكر عندما تعرضوا لكمين من قبل المجموعات التكفيرية الذين لم يستثنوا أي صنفٍ من أصناف الأسلحة حتى يتمكنوا من اختراق المبنى الذي كنا فيه بقي الحصار لساعات وكان الشهيد تلو الأخر حتى وصلت المؤازرة أخيراً وفكوا الحصار عنا ..لم أشعر بجسدي عندها ولم أدرك حجم الإصابة كل ما أذكره جيداً رائحة المسك التي كانت تفوح من أجساد رفاقي .. الفكرة الوحيدة التي كانت تسيطر على كل كياني أن أصمد مهما كانت التضحية فالخراب هو عنوان أعداء الإنسانية والوطن أمانة في اعناقنا.

-إننا ننتمي إلى أوطاننا مثلما ننتمي إلى أمهاتنا ..هذه العبارة تجسد كلّ ما سيقال أو ما سيفعل في سبيل أن يحيا الوطن ..بهذه الجمل الدافئة استقبلنا الجريح عمار الذي خسر يده في معارك الشرف .. رغم أنني ابتعدت عن البلاد لفترة بعد أن خدمت لعدة سنوات إلا أنّ وطني يعيش في كل كياني ، دائماً ما أتنفس ذكرياتي وأشعر بالاشتياق إليه ..سأروي لكم حديثاً دار بيني وبين أحدهم في المغترب تكلم بعبارات لا تنمّ عن معرفةٍ أو دراية في كل ما كان حاصلاً في ربوعنا ، انتظرته حتى ينهي حديثه وبعدها قمت بالردِّ عليه ..بتجربة صغيرة أمام الملأ حيث وجهت سؤالاً واحداً لهم قلت فيه ” من منكم يعرّف لي الوطن ” وانتظرت الإجابة فكانت تتنوع بين أنّه المكان الذي نعيش فيه ..الطمأنينة التي تسكن أرواحنا .. والعديد من التعاريف التي لم تصب ما أردته…
فقلت لهم بصوت عالٍ
” الوطن هو الشهادة وكفى ” .

جريح الوطن منارة دائمة لكلَّ أنّ الكرامة هي هويته ومن يوقنانّ الحرية فعلٌ لا قول وأن التضحية لا تقارن بكنوز الأرض وإنّ اجتماع السواعد يبني الأوطان واجتماع القلوب يخفف المحن.

*كاتبة سورية

spot_imgspot_img