شؤون آسيوية – مسقط –
شارك رئيس مركز الدراسات الآسيوية والصينية في لبنان الدكتور هيثم مزاحم في فعالية ثقافية في العاصمة العمانية مسقط أقامتها وزارة التربية والتعليم العمانية بالتعاون مع السفارة الصينية في مسقط بمناسبة اليوم العالمي للغة الصينية وذلك في 27 مايو الماضي في مقر فرقة الكشافة الموسيقية في مسقط.
وقد حضر الحفل ورعاه كل من وكيل وزارة التربية والتعليم للشؤون الإدارية والمالية سعادة ماجد بن سعيد البحري والسفير الصيني لدى سلطنة عمان سعادة السفير لو جيان.
بداية الاحتفال كانت مع كلمة وزارة التربية والتعليم العمانية ألقتها الدكتورة سناء بنت سالم السنانية المدرسة العامة المساعدة لشؤون المناهج وقالت فيها إن “اليوم العالمي للغة الصينية يرمز إلى التراث الثقافي اللغوي الصيني حيث تعطينا هذه المناسبة فرصة لتكريم اللغة الصينية وتعزيز التعاون الثنائي المزدهر بين الصين وسلطنة عمان.”
وأضافت: “بينما نحتفل معا اليوم باليوم العالمي للغة الصينية، يمكن لضيوفنا وطلبتنا الكرام زيارة المعرض المصاحب لهذا الحدث حيث يمكنهم التعرف على العناصر المختلفة التي تعكس وتميز الثقافة الصينية. يشمل ذلك تذوق الأطباق الصينية الشهيرة والتعرف على الأزياء التقليدية الصينية والغوص في تاريخ الصين العريق”.
وأشارت السنانية إلى أنه “تاريخيا، تعود العلاقة بين عمان وجمهورية الصين الشعبية إلى زمن طريق الحرير وهو شبكة من الطرق التجارية التي ربطت بين الشرق والغرب حيث لعب البحارة والتجار العمانيون دورا محوريا في هذه الشبكة التجارية القديمة حيث كانوا يبحرون يقواربهم المحملة بالسلع الثمينة كالنحاس واللبان والتمور التي كانت تحظى بتقدير كبير في الأسواق الصينية. وضعت هذه الصلة التاريخية الأساس لشراكة عميقة الجذور مبنية على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة حيث تركت التبادلات الثقافية والاقتصادية التي ازدهرت خلال عصر طريق الحرير، إرثا دائما يستمر في تعزيز العلاقات بين سلطنة عمان وجمهورية الصين الشعبية في العصر الحديث. يمكن لسلطنة عمان تعزيز علاقاتها التجارية وتطوير السياحة وتنويع القوى العاملة وتعزيز التفاهم الثقافي المتبادل مع الصين من خلال تزويد طلابنا بمهارات اللغة الصينية، الأمر الذي يتوافق مع أهداف رؤية عمان 2040 للتنوع الثقافي والاقتصادي”.
وأعلنت المسؤولة العمانية أن وزارة التربية والتعليم في عمان قد قررت تطبيق تعليم اللغة الصينية في المدارس الحكومية، حيث سيبدأ التطبيق في العام الدراسي القادم 2025 2026 بدءا من الصف الحادي عشر كمادة اختيارية والانتقال في العام التالي إلى الصف الثاني عشر. وأضافت: قد أبدى عدد كبير من طلبة الصف العاشر اهتماما كبيرا بدراسة اللغة الصينية حيث يعد تبني تعليم اللغة الصينية خطوة حيوية في بناء أمة أكثر تنوعا وجهوزية وازدهارا، إذ سيضمن تطبيق برامج تعليم اللغة الصينية المدعومة بتطوير للمناهج وتدريب المعلمين ودمج التكنولوجيا في التعليم، أن تكون سلطنة عمان مستعدة جيدا لاغتنام فرص المستقبل”.
من جهته شكر السفير الصيتي لو جيان = وزارة التربية والتعليم في سلطنة عمان على دعمها الكبير لهذا الحدث، ولا سيما حضور سعادة ماجد البحري. كما رحب بالطلبة وأولياء الأمور من عدة مدارس، خاصة القادمين من نزوى.
وقال: بصفتي سفير الصين لدى سلطنة عُمان، أؤمن بشدة أن نشر تعليم اللغة الصينية في سلطنة عُمان له أهمية خاصة في تعزيز الصداقة التاريخية بين البلدين، ودعم التعاون الصيني العُماني في العصر الحديث . اللغة أداة تواصل مهمة، واللغة الصينية هي الوحيدة من بين اللغات الثلاث القديمة التي لا تزال تُستخدم حتى اليوم، وتمتاز بسحر فريد. إنها إحدى اللغات الرسمية الست في الأمم المتحدة، وأكثر اللغات استخدامًا في العالم.
وأضاف: في عام 2010، أطلقت الأمم المتحدة “أيام اللغات”، وتم تخصيص 20 أبريل، يوم “谷雨” حسب التقويم الصيني، ليكون “يوم اللغة الصينية” تخليدًا لمخترع الحروف الصينية “تسانغ جيه”. “اليوم العالمي للغة الصينية” مستوحى من هذا اليوم، وقد أصبح فعالية دولية تقام منذ خمس سنوات. في عام 2023، طرح فخامة الرئيس شي جين بينج “مبادرة الحضارة العالمية”، داعياً إلى تعزيز التبادل والتعاون الثقافي الدولي، وكان تعزيز التعليم الصيني في الخارج أحد التدابير المهمة.
وتابع السفير: يوجد الآن أكثر من 180 دولة ومنطقة تُدرّس اللغة الصينية، و85 دولة أدرجتها ضمن مناهجها الوطنية. تجاوز عدد الدارسين والمتحدثين باللغة الصينية حول العالم 200 مليون شخص. في الخليج، أصبح تعلم الصينية منتشرة؛ ففي الإمارات، تُدرّس الصينية في 171 مدرسة حكومية لأكثر من 71 ألف طالب، وفي السعودية، بدأ تدريسها في 6 مناطق بمشاركة 170 معلمًا صينيًا.
وأوضح السفير لو جيان أنه منذ وصوله إلى سلطنة عُمان نهاية العام الماضي 2024، عبّر له “الكثير من الأصدقاء العُمانيين عن رغبتهم الشديدة في تعلم الصينية. بفضل التعاون الصيني العُماني في تنفيذ مخرجات قمة الصين-دول الخليج الأولى، حيث تم تحقيق تقدم كبير في التعاون الثقافي”.
وأعلن أنه في سبتمبر المقبل، ستُدرّس اللغة الصينية في الصفين 11 و12 في أربع مدارس حكومية ولاحقا ستشمل الصفين 9 و10 في مدارس في مسقط ونزوى.
وأضاف: أشجع الطلبة الحاضرين على دراسة اللغة الصينية بجد، وأن يصبحوا سفراء للصداقة والتعاون بين الصين وعُمان. وستبدأ أيضًا جامعة ظفار في صلالة تدريس الصينية في سبتمبر المقبل. وستوفر السفارة المزيد من المنصات للتعلم والتبادل الثقافي.
ورأى أن “تعلم الصينية هو المفتاح لفهم الصين وثقافتها. فالحروف الصينية ليست مجرد وسيلة كتابة، بل تعبّر عن القيم الروحية وطريقة التفكير الصينية.
وأشار سعادته إلى أنه على مدى العقود الماضية، حققت الصين بقيادة الحزب الشيوعي نهضة شاملة، حيث أصبحت ثاني أكبر اقتصاد عالمي، وحققت “معجزتين” في النمو السريع والاستقرار طويل الأمد.
وقال إن الصين وعُمان تربطهما علاقات تمتد لآلاف السنين، والصين هي الشريك التجاري الأكبر لعُمان، وعُمان هي رابع أكبر شريك للصين في الوطن العربي. كما يتزايد التعاون التجاري والسياحي والتعليمي بين البلدين بسرعة. وفي قمة الصين-دول الخليج 2022، أعلن الرئيس شي جين بينغ عن مبادرات تعاون لغوي وثقافي تشمل:
التعاون مع 300 مدرسة وجامعة في دول الخليج،
إنشاء 300 فصل ذكي للغة الصينية،
توفير 3000 مقعد في برامج التبادل الصيفية والشتوية “جسر اللغة الصينية”.
والعام الماضي، شارك عشرات الطلبة العُمانيين في هذه البرامج، وسيسافر عدد آخر هذا الصيف.
وخلص متوجهاً إلى الطلاب وأهاليهم بالقول إن “إتقان اللغة الصينية يعني فرص عمل أفضل، وحياة أجمل، ومستقبل أوسع. أتمنى انضمام المزيد من الأصدقاء العُمانيين إلى رحلة تعلم اللغة الصينية، لنبني معًا مستقبلًا مشتركًا للعلاقات الصينية العُمانية.”
وقد اشتملت الفعالية على جلسة نقاش بين مسؤول في وزارة التربية وطالبتين تعلمتا اللغة الصينية تحدثتا عن تجربتهما وكيف وفرت لهما اللغة فرصة عمل كبيرة وتلقي طلبات كثيرة للعمل بين التعليم والترجمة والإرشاد السياحي, كما سأل عدد من الطلاب عن الفرص التي يوفرها تعلم اللغة الصينية في المستقبل.
ورافق الاحتفال معرض صور للعلاقات الصينية العمانية ومعرض للخط الصيني والأزياء التقليدية الصينية وتذوق لبعض الأطباق الصينية.