
شؤون آسيوية – طهران – أمينة سليماني –
فجر الجمعة 13 يونيو 2025م، شنّ الكيان الصهيوني عدواناً إرهابياً غير مسبوق، استهدف العاصمة الإيرانية طهران بصواريخ دقيقة وطائرات مسيّرة هجومية. ووفقاً لوكالة فارس للأنباء، فقد هزّت الانفجارات المتتالية مناطق في شمال وغرب طهران، حيث استُهدفت مراكز عسكرية وأمنية وعلمية حساسة، إضافة إلى منازل كبار المسؤولين العسكريين والأمنيين.
وقد أعلنت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية (صدا وسيما) عن تفعيل غرف الطوارئ في طهران ومحافظات كرمانشاه وألبرز ولرستان، في أعقاب العدوان الصهيوني الذي وصفته المصادر الرسمية بأنه “الأعنف منذ عقود”.
ووفقاً لما أوردته وكالة تسنيم الدولية للأنباء، فقد ارتقى إلى مرتبة الشهادة اللواء حسين سلامي، القائد العام السابق للحرس الثوري الإيراني، بعد استهداف مباشر لمقرّ سكنه بصاروخ دقيق. ويُعدّ سلامي من أبرز قادة الثورة ومن الشخصيات الاستراتيجية في مواجهة التهديدات الإقليمية والدولية.
وفي السياق ذاته، أكّدت وكالة مهر للأنباء استشهاد اللواء غلامعلي رشيد، قائد مقر خاتم الأنبياء المركزي، ونجله، نتيجة قصف استهدف مقرّ إقامتهما في إحدى المناطق السكنية غرب العاصمة.
قناة “العالم” الإخبارية أشارت إلى إصابة الأميرال علي شمخاني، المستشار الأعلى للقائد العام للقوات المسلحة، بجروح خطيرة، حيث نُقل إلى أحد المستشفيات المتخصصة في طهران. وأفادت مصادر طبية للقناة بأن حالته “حرجة وغير مستقرة”، وأنه يخضع لمراقبة طبية مشدّدة.
وفي تطور بالغ الخطورة، ذكرت مصادر مطلعة أن اللواء محمد باقري، رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة، أصيب إصابة حرجة في العدوان، وهناك مؤشرات قوية على استشهاده، إلا أن السلطات الإيرانية تختار الإعلان عن ذلك بشكل تدريجي ومدروس لأسباب استراتيجية، تحسباً للتداعيات الداخلية والخارجية. ورغم ذلك، يشرف باقري شخصياً على غرفة العمليات المركزية منذ بداية الهجوم، في محاولة لإبقاء الروح المعنوية مرتفعة لدى القوات المسلحة وللتمويه على وضعه الصحي الحقيقي.
وفي تطوّر خطير، أكدت قناة “برس تيفي” الناطقة بالإنجليزية استشهاد عدد من الشخصيات العلمية والأكاديمية، من بينهم الدكتور عبدالحميد مينوتشهر، عميد كلية الهندسة النووية بجامعة الشهيد بهشتي، الذي استُهدف في منزله. كما نعت وكالة تسنيم كلاً من الدكتور فريدون عباسي، الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية، والدكتور محمد مهدي طهرانجي، رئيس جامعة آزاد الإسلامية، الذين ارتقوا شهداء إثر القصف الإسرائيلي.
وبحسب مراسل هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية (صدا وسيما)، فإنّ جميع الشهداء كانوا متواجدين داخل مبانٍ مدنية وغير عسكرية، مما يكشف عن الطبيعة الإرهابية السافرة للعدوان الإسرائيلي، ويوثّق استهدافاً متعمداً للأكاديميين والعناصر غير القتالية.
عقب الهجوم، أصدر قائد الثورة الإسلامية، السيد علي الخامنئي، بياناً رسمياً جاء فيه: “لقد امتدّت يد الكيان الصهيوني الملطّخة بالدماء في فجر اليوم، لترتكب جريمة شنيعة في بلدنا الحبيب، كاشفة عن خُبثها عبر استهداف مناطق سكنية. عليهم أن ينتظروا ردّاً موجعاً. يد القوات المسلحة الإيرانية القوية لن تترك هذا الكيان دون عقاب، بإذن الله تعالى.”
وتابع سماحته: “استشهاد القادة والعلماء لن يُثني عزيمتنا، فرفاقهم سيواصلون الطريق دون تردد.”
العميد أبو الفضل شُكارجي، المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية، قال في تصريح لقناة “الانباء”: “نُطمئن الشعب الإيراني بأنّ لا داعي للقلق. الكيان الصهيوني وراعيه الأميركي في انتظار ردّ صلب وشامل. هذا الردّ لن يقتصر على جريمة اليوم، بل سيشمل سلسلة جرائمهم السابقة أيضاً.”
وأضاف: “لقد تمّ استهداف منازل عدد من المسؤولين والقادة بشكل مباشر، والوضع على الأرض معقّد، لكن القوات المسلحة بكامل جهوزيتها للردّ الحاسم.”
وفقاً للبيانات الرسمية من الجيش والحرس الثوري ووزارة الخارجية، فإن الرد الإيراني على العدوان الإسرائيلي سيكون عسكرياً حاسماً وشاملاً. الجيش والحرس يؤكدان على «رد قاسٍ وموجع» يهدف إلى استعادة الردع الاستراتيجي، مع استخدام أساليب متعددة تشمل العمليات المباشرة، الهجمات عبر الوكلاء، والهجمات الإلكترونية.
يُنتظر أن يكون الرد مفاجئاً وغير متوقع من حيث الزمان والمكان، ليصيب أهدافاً استراتيجية بعيدة عن دائرة التوقعات، ما يعكس تصعيداً نوعياً في طبيعة الصراع. كما أن الإدارة الإيرانية تسعى لاستغلال هذا الرد لإظهار قوة البلاد داخلياً وإقليمياً، مع تعزيز وحدة الشعب حول القيادة في ظل فقدان قادة كبار.
من ناحية أخرى، يظل الغموض حول مصير اللواء محمد باقري عاملاً يؤثر على توقيت وشكل الرد، إذ قد تستخدم إيران هذه الحالة لخلق حالة من عدم اليقين والتشويش في صفوف العدو.
باختصار، الرد الإيراني العسكري سيكون مدروساً، متعدّد الأبعاد، وقوياً، هدفه إعادة التوازن ورفع كلفة الاعتداءات الإسرائيلية إلى أقصى حد