الضربة الأمريكية على إيران: تحليلات الخبراء تكشف أبعاد المواجهة وتوقعات التصعيد

شؤون آسيوية –

فجر الأحد، اتخذت الأزمة المتصاعدة في الشرق الأوسط منعطفاً خطيراً بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تنفيذ هجوم استهدف ثلاثة من أبرز المواقع النووية الإيرانية: فوردو، نطنز، وأصفهان.

ردود الأفعال لم تتأخر، وتوالت تحليلات الخبراء من مختلف الدول حول دلالات الضربة، أبعادها السياسية والعسكرية، ومآلات الرد الإيراني المتوقع.
في هذا التقرير الموسع، نستعرض آراء وتحليلات نخبة من الخبراء الإيرانيين والعسكريين والدوليين كل على حدة، لنفهم كيف يرى كل منهم هذه اللحظة الحاسمة في تاريخ المنطقة.

رضا إيرفاني: “ترامب ارتكب خطأ استراتيجياً وغيّر قواعد الردع”

في تحليل سياسي معمق، تناول الخبير الإيراني رضا إيرفاني التداعيات النفسية والاستراتيجية للضربة الأمريكية، مشيراً إلى أنها تمثل لحظة مفصلية في إعادة تعريف الردع في المنطقة.
يرى إيرفاني أن الردع ليس مجرد توازن عسكري، بل هو “حالة نفسية قائمة على الخوف من الضربة الثانية”، حيث تمتنع الدول عن العدوان خشية الرد، ويرى أن ترامب بالغ في تقدير قدرة واشنطن على زرع الخوف في القيادة الإيرانية، وأخطأ حين اعتمد على عقلية ما قبل الحرب.
يصف الضربة بأنها محاولة نفسية فاشلة لفرض الهيمنة وخلق حالة من الردع الزائف، معتبراً أن إيران لم تعد تخشى التصعيد، بل قد تستخدم الضربة كذريعة لتوسيع أهدافها الإقليمية، بل و “جر أمريكا إلى لعبتها”.
إيرفاني يحذر من تجاهل الرد، ويرى أنه سيكون انتحاراً جيوسياسياً، ويقترح خارطة طريق للرد الإيراني تشمل:
1. ضرب الهيكل الإقليمي للهيمنة الأمريكية في الخليج.
2. توسيع الضربات نحو المصالح الأمريكية والإسرائيلية المباشرة.
3. تحويل الخطاب السياسي إلى أفعال واضحة داخل مؤسسات الدولة.
واختتم تحليله بجملة قوية تعبر عن عمق التحول في العقيدة الإيرانية:
“إيران لا تبني بالجراح فحسب، بل تصيب بالجراح أيضاً.”

العميد الركن حسن جوني: “إيران تستخدم صاروخ ‘خيبر’ لأول مرة وتستعد لمعادلة ردع جديدة”

يرى الخبير العسكري والإستراتيجي اللبناني، العميد الركن حسن جوني، أن إيران بدأت بالفعل في الرد على الضربة الأمريكية من خلال تصعيد صاروخي تجاه إسرائيل.
بحسب جوني، أطلقت إيران صباح الأحد دفعتين صاروخيتين على إسرائيل، استهدفتا مطار بن غوريون ومراكز أبحاث وقيادة عسكرية، باستخدام مزيج من الصواريخ المتطورة، من بينها صاروخ “خيبر” الذي يُستخدم لأول مرة في هذا السياق.
يعتقد جوني أن الهجوم الأمريكي ربما تم توقعه من قبل طهران، وربما كان القرار بالرد الصاروخي جزءاً من خطة مُعدة مسبقاً، ويرى أن استخدام صواريخ متطورة، وخاصة تلك القادرة على التحايل على الدفاعات الجوية، يؤشر على تحول في التكتيك الإيراني.
ويشير إلى احتمالين حول فشل صفارات الإنذار في إسرائيل:
1. إما أن الاستخبارات الإسرائيلية فشلت في رصد التحركات الإيرانية.
2. أو أن هناك خللاً تقنياً أو أمنياً داخلياً في آلية الإنذار.
تحليله يؤكد أن إيران تسعى لترسيخ معادلة ردع جديدة من خلال التصعيد المدروس.

أفشون أوستوفار: “إيران لن تستسلم وستعمل على إطالة أمد الصراع مع إسرائيل”

الخبير الأمني الأمريكي، أفشون أوستوفار، أستاذ مشارك في كلية الدراسات العليا البحرية بكاليفورنيا، يرى أن إيران لن تتراجع بسهولة.
يعتقد أوستوفار أن طهران لا تسعى لتحقيق انتصار سريع، بل تعمل على جعل الحرب مكلفة وطويلة الأمد بالنسبة لإسرائيل.
ويضيف أن “البرنامج النووي الإيراني قد انتهى فعلياً”، وبالتالي فإن إيران ترى أن لا شيء تخسره، مما يمنحها مساحة أكبر للمناورة العسكرية.
ويرى أن استمرار القصف الإسرائيلي سيقابل باستمرار الرد الإيراني، مما يحوّل الصراع إلى حرب استنزاف.
من وجهة نظره، فإن إيران قد تجد في هذه المواجهة وسيلة ضغط أخيرة لإعادة صياغة المشهد الجيوسياسي لصالحها، عبر استثمار زمن الحرب لإضعاف إسرائيل عسكرياً ونفسياً.

محمد مخلوف: “ضربة ترامب حماقة وبلطجة.. والرد الإيراني قادم”

الخبير المصري في شؤون الأمن القومي، محمد مخلوف، وصف الضربة الأمريكية بأنها “عمل أحمق وبلطجة سياسية”، محذراً من تداعياتها الخطيرة على الأمن والسلم الدوليين.
يؤكد مخلوف أن إسرائيل دفعت أمريكا إلى هذا التصعيد بعد فشلها في القضاء على المشروع النووي الإيراني، لافتاً إلى أن ترامب اتبع أسلوب المفاجأة لتغيير قواعد اللعبة، وخدع إيران مرة أخرى بعد أن منحها مهلة لم تكتمل.
ويُبرز الدور الدعائي للسلاح الأمريكي، حيث وصف ترامب الضربة بأنها “إعلان تجاري” لقدرات بلاده التسليحية، لكنه في المقابل يرى أن طهران لن تصمت، وأن الرد لن يقتصر على الصواريخ، بل قد يمتد إلى استهداف المصالح والقواعد الأمريكية في المنطقة، مع مشاركة محتملة من الأذرع العسكرية الإيرانية.
مخلوف حذر من أن استمرار التصعيد سيقود إلى “فوضى كبرى” قد تطال كامل الشرق الأوسط.

باراك رافيد: “القلق الإسرائيلي من الرد الإيراني في تصاعد.. ومضيق هرمز على المحك”

المحلل السياسي الإسرائيلي باراك رافيد أكد أن تحذير ترامب من ضربات إضافية يعكس القلق الأمريكي والإسرائيلي من الرد الإيراني.
يُذكّر رافيد بتصريحات إيران السابقة التي أكدت أن أي تدخل أمريكي مباشر سيقابل برد على المصالح الأمريكية في الخليج، حيث تنتشر القواعد الأمريكية في مرمى صواريخ قصيرة المدى إيرانية.
ويرى أن الأسئلة الحاسمة الآن هي:
1. هل ستقوم إيران بالرد الانتقامي الواسع؟
2. وهل ستغلق مضيق هرمز؟ وهو أسوأ السيناريوهات
إغلاق المضيق، وفقاً له، سيكون بمثابة الزلزال الاقتصادي العالمي، حيث تمر عبره 30% من صادرات النفط البحرية.
وحذر أيضاً من أن طهران قد تلجأ لأساليب غير مباشرة مثل زرع الألغام أو استهداف الناقلات.

الضربة الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية قد تكون فتحت فصلاً جديداً في الصراع الإقليمي، حيث تتقاطع الأبعاد النفسية، والعسكرية، والسياسية في مشهد معقد تتعدد فيه السيناريوهات.
وبين دعوات التهدئة من بعض الأطراف، وإصرار إيران على الرد، يترقب العالم لحظة الانفجار الكبرى التي قد تعيد رسم خريطة التوازنات في الشرق الأوسط من جديد.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *