شؤون آسيوية –
في ظل التصعيد العسكري الحاد بين إيران وإسرائيل، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف إطلاق النار بعد 12 يوماً من الحرب التي اندلعت إثر العدوان الإسرائيلي على إيران.
هذا الإعلان جاء في وقت تظهر فيه المعادلات الميدانية تغيّرات جوهرية لصالح طهران، التي أثبتت قدرتها على الرد القوي والمباشر رغم الضغوط الدولية، ما دفع إسرائيل إلى قبول التهدئة مؤقتاً.
في هذا السياق، نستعرض آراء عدد من الخبراء والباحثين حول أسباب وقف النار وتداعياته المستقبلية.
ضغط إسرائيلي أميركي على ترامب لإنهاء الحرب
يرى الباحث العسكري ميخائيل عوض أن القرار الأميركي جاء تحت ضغط “الدولة العميقة” ونتنياهو، إذ أن إسرائيل استنزفت دفاعاتها بشكل كبير نتيجة الضربات الإيرانية الدقيقة.
هذه الضربات التي استهدفت عمق الكيان الإسرائيلي أظهرت أن طهران لا تزال تملك القدرة على الصمود والرد دون الحاجة لدعم الحلفاء.
ووقف إطلاق النار فرصة لإيران لإعادة ترتيب أوراقها مع استمرار تماسك نظامها وبرنامجها النووي.
الغموض حول شروط وقف النار واستمرار القتال
يركز الدكتور خالد شنيكات على غموض شروط وقف إطلاق النار، مؤكداً أن العمليات الإيرانية استمرت حتى اللحظة الأخيرة، مما يعكس رغبة الطرفين في تحقيق مكاسب ميدانية قبل الهدنة، ويدل على أن الاتفاق قد لا يكون شاملاً أو نهائياً.
الرسائل السياسية والتنسيق غير المباشر
يشير الدكتور محمد ربيع الديهي إلى أن الضربات الإيرانية الأخيرة حملت رسائل سياسية واضحة، وأن استمرار العمليات حتى آخر لحظة يعكس رغبة الطرفين في تثبيت المعادلات الميدانية.
ويرجح وجود تنسيق غير مباشر بين إيران والولايات المتحدة عبر وسطاء لتجنب توسع الصراع في المنطقة.
الهدنة إعلامية واستمرار العمليات السرية
يؤكد اللواء محمد زكي الألفي أن تصريحات وقف إطلاق النار إعلامية فقط، وأن القتال مستمر خلف الكواليس عبر عمليات استخباراتية وضربات جوية، حيث تواصل إسرائيل استهداف المنشآت النووية الإيرانية في إطار استراتيجية طويلة الأمد لإضعاف قدرات إيران.
التهدئة المتدرجة والحاجة لتطوير الدفاعات الإيرانية
يرى الدكتور مصطفى عبد الرحمن أن وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه ترامب هو وقف متدرج وليس فورياً، ويشير إلى أن التطور النوعي في الضربات أجبر إسرائيل على قبول التهدئة مؤقتاً.
كما يؤكد ضرورة تطوير إيران لمنظوماتها الدفاعية لمواجهة التهديدات المستقبلية وتعقيدات المشهد الأمني في المنطقة.
يبقى وقف إطلاق النار خطوة مؤقتة في صراع معقد بين إيران وإسرائيل، حيث أثبتت إيران قدرتها على الصمود والتأثير الاستراتيجي في الميدان رغم كل الضغوط.
وإن كانت التهدئة تمنح فرصة لإعادة ترتيب الأوراق، فإن المعادلات على الأرض لا تزال مرهونة بتطورات مستقبلية قد تعيد تصعيد الصراع أو تدفع نحو تفاهمات أعمق.
في نهاية المطاف، يبقى التوازن العسكري والسياسي في المنطقة متقلباً، وتبقى إيران قوة فاعلة لا يمكن تجاهلها في معادلات الشرق الأوسط القادمة.