شؤون آسيوية – ديما دعبول
شهد منتدى الاستثمار الأميركي-السعودي في مركز كينيدي بواشنطن طرحاً موسعاً من إيلون ماسك حول مستقبل الاقتصاد والعمل في ظل التطور المتسارع للذكاء الاصطناعي والروبوتات.
أكد ماسك أن الروبوت البشري “أوبتيموس” الذي تطوّره شركة تسلا سيقود إلى القضاء على الفقر خلال السنوات المقبلة، مشيراً إلى أن البشر سيصلون إلى مرحلة يصبح فيها العمل اختيارياً، فيما تفقد العملة النقدية أهميتها تدريجياً مع توسع تقنيات الأتمتة.
شارك في الجلسة جنسن هوانغ المدير التنفيذي لإنفيديا، الذي علّق على حديث ماسك بقوله إنه يرغب بالحصول على تنبيه مسبق قبل أن تختفي العملات نهائياً، في إشارة إلى النقاش المتركز حول مستقبل الاقتصاد الرقمي والروبوتي.
الروبوت أوبتيموس ودوره المتوقع في المرحلة المقبلة
أوضح ماسك أن قدرات الروبوت البشري أوبتيموس ستتوسع خلال الأعوام القادمة لتشمل مجموعة واسعة من المهام اليومية والمهنية.
ووفقاً لتصريحاته فإن الروبوتات البشرية ستوفر يد عاملة غير محدودة بكلفة منخفضة وقدرة تشغيل مستمرة، ما يتيح تلبية احتياجات الإنتاج والخدمات على نطاق واسع.
أشار ماسك إلى أن تسلا تعمل على تطوير أوبتيموس ليكون قادراً على أداء المهام الشائعة في المصانع والمستودعات والمكاتب والبيئات المنزلية، مع إمكان سحبه إلى السوق بنسخ متعددة وبأسعار قادرة على منافسة تكلفة العمالة التقليدية.
كما ذكر أن شركات أخرى ستدخل هذا المجال مع تزايد الاهتمام العالمي بتصميم روبوتات بشرية قادرة على التفاعل الطبيعي مع البيئة المحيطة.
تقنيات الذكاء الاصطناعي ودورها في إعادة تشكيل الاقتصاد
قال ماسك إن الذكاء الاصطناعي المتقدم سيقود إلى نقل العديد من العمليات الإنتاجية والخدمية إلى أنظمة تعمل دون تدخل بشري مباشر.
وأشار إلى أن المنصات الذكية ستتمكن من اتخاذ القرارات التشغيلية بكفاءة عالية، مما يسمح بانتقال الاقتصاد نحو مستويات إنتاجية غير مسبوقة.
في هذا السياق أكد أن الذكاء الاصطناعي لن يقتصر دوره على المهام التقنية، بل سيمتد إلى إدارة عمليات معقدة تشمل قطاعات الصناعة والنقل والخدمات اللوجستية والرعاية الصحية.
وبحسب تقديره فإن تداخل الذكاء الاصطناعي مع الروبوتات سيُسرّع عملية التحول الاقتصادي خلال العقدين القادمين.
العمل البشري بين الضرورة والاختيار
ذكر ماسك أن العالم سيتجه إلى مرحلة يصبح فيها العمل البشري اختيارياً، مشيراً إلى أن الفترة الزمنية المتوقعة لتحقيق ذلك تتراوح بين 10 و20 عاماً.
ووفقاً لتصريحاته فإن الروبوتات ستتولى معظم المهام الضرورية، في حين سيحتفظ البشر بالقدرة على اختيار العمل الذي يرغبون بممارسته بعيداً عن عنصر الضرورة الاقتصادية.
أوضح أن الوظائف التي تُعد أساسية اليوم ستنتقل إلى أنظمة روبوتية بالكامل، ما يقلل من الحاجة إلى العمالة البشرية في القطاعات المختلفة.
وفي المقابل تبرز وظائف أخرى مرتبطة بالإبداع والبحث العلمي والابتكار، لكنها ليست مرتبطة بكسب الدخل بقدر ارتباطها بالتطوير المعرفي والثقافي.
تأثير وفرة الإنتاج على هيكل الاقتصاد العالمي
ركز ماسك على مفهوم “اقتصاد ما بعد الندرة”، وهو نظام اقتصادي يعتمد على وفرة السلع والخدمات نتيجة ارتفاع الإنتاج وانخفاض التكاليف عبر الروبوتات والذكاء الاصطناعي.
وأشار إلى أن تكاليف الإنتاج ستتراجع بشكل حاد بفضل قدرة الروبوتات على العمل المستمر دون تكلفة تشغيلية تقليدية.
وفق هذا الطرح، تتحول السلع الأساسية من منتجات تعتمد على تكلفة العمل البشري إلى منتجات متاحة بسهولة، مما يغيّر أسلوب الاستهلاك وأسعار المنتجات وتوزيع الموارد.
وقال ماسك إن هذه المرحلة ستعيد تشكيل طبيعة الأسواق، إذ تتجه المنتجات والخدمات لتصبح وفيرة لدرجة تقلل الحاجة إلى شراء السلع ضمن المنظومة الاقتصادية الحالية.
المال في عالم ذكي: تراجع تدريجي في الأهمية
أشار ماسك إلى أن المال سيخسر أهميته التقليدية مع تطور الذكاء الاصطناعي والروبوتات البشرية.
وذكر أن الوصول إلى السلع والخدمات سيصبح أسهل من أي وقت مضى، ما يقلل الحاجة إلى تراكم رأس المال.
واستشهد بسلسلة “كالتشر” للكاتب إيان بانكس، التي تتخيل مجتمعاً متطوراً لا تستخدم فيه النقود نتيجة وفرة الموارد.
وأوضح ماسك أن استمرار التقدم التكنولوجي قد ينقل الاقتصاد إلى مرحلة تصبح فيها القيمة الاقتصادية غير مرتبطة بالعملة، بل بقدرة الأنظمة الذكية على توفير الاحتياجات دون تكلفة مالية مباشرة للمستخدم.
خاتمة:
قدّم ماسك في المنتدى تصوراً مستقبلياً يعتمد على انتشار الروبوتات البشرية والذكاء الاصطناعي باعتبارهما عناصر رئيسية في تشكيل الاقتصاد العالمي.
وتضمنت تصريحاته معالم واضحة لعصر جديد يتسم بوفرة الإنتاج وتراجع دور العمل البشري وانخفاض قيمة المال نتيجة التوسع في الأتمتة.
ويركّز الطرح على أن التقدم التقني سيقود إلى تغييرات واسعة تمتد من شكل الاقتصاد إلى طبيعة الحياة اليومية، مع توسّع دور الروبوتات في أداء المهام التي يقوم بها البشر الآن وتحول نمط العمل والدخل والاستهلاك في العقود القادمة.

