غزة
بقلم إيتمار أيخنر – كاتب إسرائيلي –
- لا تزال خطة المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في قطاع غزة في قيد التشكّل، حتى لدى الأميركيين، وحتى الآن، لم يُحسَم شيء فعلياً، فإسرائيل والولايات المتحدة بلورَتا معاً خطة النقاط العشرين الأصلية، والتي شملت اتفاقاً واضحاً، مفاده بأن تفكيك سلاح “حماس” أمرٌ حتمي، إلّا إن إسرائيل تحذّر الآن من أن قطر وتركيا، اللتين ساعدتا في صفقة تحرير الرهائن، تعملان في هذه المرحلة على إنقاذ “حماس” من فكرة نزع سلاحها.
- ربما ستكون مسألة المرحلة الثانية الموضوع المركزي الذي سيُطرح على طاولة اللقاء بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب في نهاية الشهر. من المتوقع أن يمكث نتنياهو في منتجع ترامب في مار – ألاغو ما بين 28 كانون الأول/ديسمبر و1 كانون الثاني/يناير، وخلال هذه الأيام، من المخطط عقد اجتماعَين على الأقل مع ترامب، إلى جانب اجتماعات أُخرى مع نائب الرئيس جي دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ووزير الدفاع بيت هيغست. وفي الأمس، قال نتنياهو في مؤتمر صحافي مشترك مع المستشار الألماني فريدرش ميرتس: “إننا أنهينا المرحلة الأولى تقريباً، وبقيت لنا رهينة واحدة أخيرة يجب إعادتها.” ولاحقاً، أضاف في مناسبة أُخرى أن “هناك مهمات لن تتمكن القوة الدولية التي ستُنشر في غزة من تنفيذها، وفي الواقع، الجزء الأساسي (تفكيك سلاح “حماس”) لن تقدر على تنفيذه”.
- لكن، حتى استعادة جثمان الرهينة الإسرائيلية الأخيرة، تتصاعد الضغوط من قطر وتركيا بشأن المرحلة الثانية. وترى إسرائيل إن الهدف هو منعها من إعلان هزيمة “حماس” نهائياً. لذلك، تعمل قطر وتركيا على خلق وضع يتيح لـ”حماس” البقاء في غزة مع السلاح، وتطرحان خلال نقاشاتهما مع الأميركيين إمكانات متعددة، على سبيل المثال، أن تسلّم “حماس” سلاحها للسلطة الفلسطينية، أو تنقله إلى مخزن تحت إشراف معيّن. لكن الخلاصة: تجنُّب السيناريو الذي يقضي بتسليم “حماس” سلاحها، وبالتالي يزول دورها، كجهة مؤثرة في غزة.
- إن موقف إسرائيل ثابت، لا يمكن لـ”حماس” الاحتفاظ بسلاحها، والتقدير في القدس أن الموضوع سيُحسم خلال اللقاء بين ترامب ونتنياهو.
- أيضاً هناك خلاف بشأن الجدول الزمني لنزع السلاح: فقطر وتركيا تقترحان فترة زمنية تبلغ عامين، تبقى خلالهما “حماس” محتفظة بسلاحها، بينما ترفض إسرائيل ذلك بشدة، وتصرّ على أشهر قليلة فقط، ورسالتها للأميركيين هي: إذا لم يتم نزع سلاح ” حماس”، فإن إسرائيل ستتدخل بنفسها لتفكيكه بالقوة.
- عندما تتحدث إسرائيل عن “نزع السلاح”، فهي تعني تفكيكاً كاملاً (Disarmament) ، بينما يتحدث الأميركيون عن “إخراج السلاح من الخدمة” (Decommission)، وهو مصطلح استُخدم في عملية نزع سلاح الجيش الجمهوري الأيرلندي (IRA)، حين سلّم الأيرلنديون سلاحهم، أو وضعوه في مخازن تحت إشراف بريطاني؛ إن إخراج السلاح من الخدمة يعني أن “حماس” لا تستخدم السلاح، لكنها قد تضعه في مخازن؛ وإسرائيل تخشى من أن يكون في الأمر خدعة، وتريد التأكد من أن “حماس” لن يكون لديها إمكانات الوصول إلى السلاح، لأن هذا لن يكون “تفكيكاً” فعلياً.
ليونة حيال السلطة الفلسطينية
- تعارض إسرائيل الوجود التركي في قطاع غزة بشدة. لكن هناك شخصيات في الإدارة الأميركية، مثل مبعوث الرئيس ترامب توم برّاك، تضغط من أجل أن تكون تركيا جزءاً من الحل في غزة، وأن يكون لها حضور هناك، ويصرّ برّاك أيضاً على دور تركي في سورية، خلافاً للموقف الإسرائيلي، وفي القدس، يقولون إن برّاك لا يراعي حاجات إسرائيل.
- في غضون ذلك، يعاني الأميركيون جرّاء صعوبات في تشكيل قوة الاستقرار للقطاع (ISF)، وطالما لا توجد اتفاقية بشأن كيفية تفكيك سلاح “حماس” وما هو الجدول الزمني، فإن الدول العربية والإسلامية لا تبدي استعداداً لإرسال قوات. من ناحية أُخرى، أبدت إسرائيل بعض الليونة حيال مشاركة السلطة الفلسطينية في إعادة إعمار غزة؛ لقد أوضحت أنه إذا كان المقصود شخصية كانت في السلطة سابقاً، ولا علاقة لها بـ”الإرهاب”، مثل سلام فياض، ولا تتلقى تعليمات من قيادات السلطة، فإن إسرائيل ستكون أكثر انفتاحاً على انخراطها مع القوات الدولية، لكن نتنياهو يواجه مشكلة سياسية بهذا الخصوص، لأن وزيرَين، مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش سيعارضان بشدة أي دور للسلطة في غزة.
- فيما يتعلق بالخطوات العملية لإعادة الإعمار، يريد الأميركيون البدء بمشروع تجريبي في رفح، يشمل إزالة الركام وبناء نموذج مدينة خالية من “حماس”؛ إسرائيل أوضحت أنها لا تمانع من إجراء هذا بالتزامن مع نزع سلاح “حماس”، لكن ليس على حساب معالجة ملف السلاح. وتطرح إسرائيل نموذج لبنان: يمكن إجراء محادثات مع الحكومة اللبنانية بشأن قضايا مدنية، لكن هذا لا يغني عن تفكيك سلاح حزب الله.
- وتقدّر إسرائيل أن نحو 75% من سكان غزة لم يعودوا من المؤيدين لـ”حماس”، ويرغبون في بديل، بينما هناك 25% منهم يؤيدون “حماس”، وأن بناء “حيّ نموذجي” لن يجذبهم؛ وتدعم إسرائيل الخطة الأميركية بشأن إنشاء مساحة داخل “المنطقة الصفراء” في رفح، تمثل بديلاً من “حماس”، بشرط ألّا يكون ذلك على حساب تفكيك سلاحها.
- هناك ملفات إضافية ستُطرح في لقاء نتنياهو – ترامب، ولن يقتصر اللقاء على ملف غزة، فقبيل عملية “شعب كالأسد”، تحدثت التقارير عن أن الولايات المتحدة لن تسمح لإسرائيل بضرب إيران، لكن في ذلك الوقت، كان الجيش الأميركي والجيش الإسرائيلي يعملان معاً على الخطط بعمق، وفي النهاية، كان هناك تعاوُن غير مسبوق.
- هناك توجهات مختلفة في داخل الإدارة الأميركية، ويحتاج الأميركيون إلى أداء رقصة تانغو مزدوجة؛ من جهة، مع إسرائيل، ومن جهة ثانية، مع الأتراك وقطر. واستناداً إلى نائب الرئيس الأميركي فانس، تُعتبر إسرائيل نموذجاً للحليف والشريك الأقدم للولايات المتحدة، ولا يطلق فانس على تركيا وقطر هذا التوصيف؛ ثمة إدراك في إسرائيل، مفاده بأنه على الرغم من الخلافات، فإن الولايات المتحدة لن تعرّض أمن إسرائيل للخطر، وإذا قررت إسرائيل منع وجود جهاديين على حدودها، سواء في غزة، أو في مرتفعات الجولان، فإن الأميركيين سيوافقون على ذلك.
تشديد العقوبات
- تعارض إسرائيل بيع طائرات F-35 لتركيا بشدة، ورسالتها للأميركيين أن الرئيس رجب طيب أردوغان يحاول أن يكون العدو الأكبر لإسرائيل، بدلاً من إيران؛ مؤخراً، استضاف مؤتمراً للأئمة في إستانبول، دعوا فيه إلى تدمير إسرائيل، وألقى خطاباً يوحي بأن الأموال التي تصل إلى حزب الله و”حماس” تمرّ عبر إستانبول، ويمكنه إيقافها، لكنه لا يفعل، وتقول إسرائيل إن هذا السلوك يتعارض مع المصالح الأميركية، وتتساءل: كيف تُخرج الولايات المتحدة جماعة الإخوان المسلمين على القانون، بينما هناك عضو في الناتو يدعمها وينتمي إليها؟
- أمّا ملف إيران، فسيحتل مكاناً رئيسياً في الاجتماعات؛ ستعرض إسرائيل معلومات تفيد بأن إيران تسعى لاستئناف برنامجها النووي، وكذلك برنامج الصواريخ البالستية الذي تسعى لتسريعه، ويدرك الإسرائيليون أن الأميركيين يفرضون عقوبات اقتصادية على طهران، لكنهم يعتبرونها غير كافية، وسيطلبون تشديدها.
المصدر: صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

