شؤون آسيوية – بقلم هبة الكل*/
تعتقد “إسرائيل” أن السقوط الدرامي لنظام بشار الأسد بعد أكثر من خمسة عقود فرصة جيوسياسية لتأمين أمنها الحدودي. ويظن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي أن الوقت قد حان لتصفية النفوذ الإيراني في سوريا بعد لبنان، تمهيداً للوصول إلى صراع آخر مع طهران.
قامت إسرلئيل بالتوغل البري داخل سوريا وبالقصف الجوي لإنهاء كافة المقدرات العسكرية السورية، والذريعة “بناء سد منيع أمام طهران من تهريب الأسلحة إلى حزب الله عبر سوريا”، ومنع وقوع الأسلحة السورية الاستراتيجية في أيدٍ فصائل سورية جهادية تشكل تهديداً للكيان المحتل.
كما قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي باحتلال المنطقة المنزوعة السلاح في سوريا عقب سقوط نظام الأسد كسابقة اختراق لاتفاق فض الاشتباك ووقف إطلاق النار بين سوريا والكيان الموقع عام 1974.
“إسرائيل” التي سيطرت على مرتفعات الجولان خلال حرب 1967م، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي، تشدّ ظهرها اليوم بالرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، صاحب “صفقة القرن”، الذي اعترف يوم 25 آذار/ مارس 2019 بسيادة الاحتلال الإسرائيلي على الجولان، في خطوة ضربت بقرارات الأمم المتحدة بعرض الحائط.
وقد أعلن بنيامين نتنياهو أن ” الجولان سيبقى إسرائيلياً للأبد”، وقال من على مرتفعات الجولان السوري المحتل: “انهارت الاتفاقية بترك الجنود السوريين لمواقعهم، ولن نسمح لأي قوة معادية بالتموضع على حدودنا”.
وإن أضفنا لذلك التوغل العسكري لجيش الاحتلال في سوريا والذي وصل إلى حوالي 25 كيلومترا إلى الجنوب الغربي من دمشق، مع تلك القرى السورية الجنوبية التي تأتيها تهديدات إسرائيلية بالإخلاء، ينسف ذلك زعم النتنياهو والكثير من قادة الاحتلال أن الهدف من السيطرة على المنطقة العازلة هو خطوة مؤقتة للتأكد من الحفاظ على الاستقرار على الحدود.
وليست هذه المرة الأولى التي تخترق فيها دولة الاحتلال المنطقة العازلة هذا العام، ففي الشهر الماضي، كشف تقرير لوكالة “أسوشيتد برس” عن فحص صور الأقمار الصناعية أن إسرائيل كانت تعمل على مشروع بناء، ربما طريق جديد، على طول الحدود مع سوريا منذ أوائل يوليو/تموز الماضي، وفي بعض الحالات دخلت المنطقة العازلة أثناء البناء. وفي أعقاب تقرير وكالة أسوشيتد برس، حذرت قوات الأمم المتحدة من أن الجيش الإسرائيلي ارتكب “انتهاكات خطيرة” لاتفاق وقف إطلاق النار مع سوريا.
نفذت دولة الاحتلال الإسرائيلي نحو 500 غارة على أغلب الأراضي السورية، ودمرت قرابة 80% من مقدرات الجيش السوري تحت ذريعة “ألا تقع في أيدي الجهاديين”، علماَ أنّ ما دُمّر يحتاج ترميماً لجيل كامل وبميزانية مئات مليارات الدولارات.
قد يكون اليوم لدى دولة الاحتلال قلق من أن تتخذ المعارضة السورية مواقف معادية لها، لكن هدف إسرائيل هو جعل سوريا دولة منزوعة السلاح بلا أي سلاح استراتيجي قد يهدد يوماً كيان الاحتلال.
*كاتبة سورية.