هذه هي اسباب تأجيل المفاوضات النووية في مسقط

طهران – خاص شؤون آسيوية- بقلم أمينة سليماني –

شهدت العاصمة العمانية مسقط تأجيلًا مفاجئًا للجولة الرابعة من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، والتي كانت مقررة في 3 مايو. جاء هذا القرار من وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي، الذي أعلن عبر حسابه في شبكة «إكس» (تويتر سابقًا) أن سبب التأجيل يعود إلى مسائل تنظيمية، مع تحديد موعد جديد للمفاوضات بعد الاتفاق بين الطرفين. يأتي هذا التأجيل في وقت حساس للغاية بالنسبة للعلاقات الإيرانية-الأمريكية، حيث تركز هذه المفاوضات على التوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية الأمريكية. وفي حين لم يقدم الطرفان أي تفسير رسمي لهذا التأجيل، أكدت مصادر أمريكية أن واشنطن بحاجة إلى مزيد من الوقت لتحضير نفسها ومراجعة القضايا التي سيتم طرحها.

التأجيل المفاجئ أثار موجة من ردود الفعل في الداخل الإيراني، حيث اعتبرت بعض الأوساط السياسية أن هذا التأجيل يأتي ضمن سياسة الضغط المستمر من قبل الولايات المتحدة. وقد استنكر المسؤولون الإيرانيون ما وصفوه بمحاولة أمريكية متعمدة لتغيير شروط المفاوضات، مما زاد من التوتر في العلاقات الثنائية. وصرح أحد المسؤولين الإيرانيين لوكالة «رويترز» بأن تحركات الولايات المتحدة تهدف إلى تعديل إطار المفاوضات الذي تم الاتفاق عليه مسبقًا، مشيرًا إلى أن واشنطن بحاجة إلى معالجة قضاياها الداخلية قبل أن تتمكن من إحراز تقدم في المفاوضات.

وفي هذا السياق، أشار الدكتور سيد محمد مرندي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة طهران، إلى أن تأجيل الجولة الجديدة من المفاوضات في مسقط يعكس ترددًا واضحًا من الجانب الأمريكي في مواجهة موقف إيران الثابت. وقال مرندي إن التأجيل لا يرتبط فقط بمسائل تنظيمية، بل هو نتيجة لمحاولات أمريكية متواصلة لإعادة صياغة إطار التفاوض بما يخدم مصالحها، دون تقديم ضمانات حقيقية لرفع العقوبات. وأضاف أن الولايات المتحدة تحاول استخدام سياسة العصا والجزرة، لكنها لم تدرك بعد أن إيران لن تتنازل عن حقوقها الوطنية تحت الضغط أو التهديد، مؤكدًا أن أي اتفاق مستقبلي يجب أن يتضمن ضمانات قانونية وميدانية تمنع تكرار انسحاب واشنطن من الاتفاق كما حصل في الماضي. وأوضح أن التجربة السابقة علمت طهران ضرورة التعامل بحذر مع الوعود الأمريكية.

وفي ظل تصاعد التوتر، جاءت تصريحات وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث التي حذّر فيها إيران بشأن دعمها للحوثيين في اليمن، ما اعتُبر من الجانب الإيراني تهديدًا مباشرًا ومحاولة لاستعراض القوة العسكرية. وقد ردّ إبراهيم عزیزی، رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، مؤكدًا أن أي تهديدات موجهة إلى إيران أثناء المفاوضات لن تؤدي إلا إلى تعقيد الأزمة وزيادة التوترات، مشددًا على أن الولايات المتحدة ستدفع الثمن في الوقت والمكان الذي تختاره إيران.

من جانب آخر، أثارت العقوبات الأمريكية الأخيرة على شركات إيرانية تعمل في قطاع النفط موجة استياء في طهران، ووصفتها الحكومة الإيرانية بأنها انتهاك صارخ للقانون الدولي وتهديد للسلام الإقليمي. وقد أكدت وزارة الخارجية الإيرانية أن طهران ستتخذ خطوات مناسبة ردًا على هذه العقوبات، محملةً واشنطن مسؤولية العواقب السلبية الناجمة عن هذه السياسات. ويُنظر في الأوساط السياسية الإيرانية إلى أن استمرار سياسة التصعيد وفرض العقوبات من قبل الولايات المتحدة لن يسهم إلا في تقوية الموقف الإيراني، الذي يصرّ على التمسك بحقوقه السيادية والدفاع عن مصالحه الوطنية في كل الظروف.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *