شؤون آسيوية – عواصم عالمية –
فيما تتصاعد حدة التوتر في الشرق الأوسط بين إسرائيل وإيران، تشهد الساحة الدولية تحرّكات دبلوماسية مكثفة، وتصريحات متباينة تعكس تباين المواقف بين العواصم الغربية والإقليمية حول سبل احتواء الأزمة ومنع انزلاقها إلى مواجهة شاملة. وفي ظل هذا المشهد المعقّد، جاءت التصريحات الأخيرة لقادة غربيين وإيرانيين لتوضح عمق الهوة، ومحاولات بناء جسور للحوار وسط دخان الحرب.
ماكرون: تسريع المفاوضات مع إيران لتفادي حرب أوسع
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعلن بوضوح أن بلاده، ومعها الدول الأوروبية، ستسرّع المفاوضات مع إيران، محذّرًا من “مخاطر إقليمية متزايدة” بسبب التصعيد العسكري المستمر. وأكد خلال اتصاله بنظيره الإيراني مسعود بزشكيان، أن الهدف من هذه الخطوة هو “الخروج من الحرب”، مجددًا قلقه من البرنامج النووي الإيراني. ماكرون شدد على رفض باريس حصول طهران على السلاح النووي، مشيرًا إلى ضرورة تقديم ضمانات تؤكد سلمية البرنامج.
ورغم نبرة التهدئة التي تبناها ماكرون، أكدت مصادر مطلعة على محادثات جنيف التي جمعت إيران والدول الأوروبية الثلاث (فرنسا، بريطانيا، وألمانيا) وممثلة الاتحاد الأوروبي، أن الأوروبيين لم يقدموا عروضًا ملموسة خلال المفاوضات، ما دفع الوفد الإيراني بقيادة عباس عراقجي لاقتراح مقاربة “خطوة بخطوة” تبدأ بوقف العدوان الإسرائيلي.
عراقجي: لا ثقة بواشنطن ما دام العدوان مستمرًا
من جانبه، أوضح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن طهران لا تستطيع الوثوق بالولايات المتحدة طالما استمرت الهجمات الإسرائيلية، رافضًا بشكل قاطع فكرة بدء مفاوضات نووية في ظل “العدوان”. وفي بيانه الصادر عقب محادثات جنيف، جدد عراقجي تمسك إيران بحقها في الدفاع عن النفس، وشدد على سلمية برنامجها النووي، ورفض أي تفاوض حول قدراتها الدفاعية، بما فيها برنامج الصواريخ الباليستية.
كما انتقد عراقجي عدم إدانة الأوروبيين للهجمات الإسرائيلية، واصفًا استهداف المنشآت النووية الإيرانية بـ”الجريمة الكبرى” والانتهاك الفاضح للقانون الدولي.
ترامب: لا نية لوقف إسرائيل
في الجهة المقابلة، تبنّى الرئيس الأميركي دونالد ترامب موقفًا أكثر تشددًا، مشيرًا إلى أنه “من الصعب وقف طرف يحقق الانتصارات”، في إشارة إلى إسرائيل. وأكد أنه يمنح إيران “مهلة أسبوعين” للرد على مقترحات غير محددة، مشددًا على أنه “لن يسمح” لطهران بامتلاك سلاح نووي، ومشككًا في الوقت ذاته بتقارير الاستخبارات الأمريكية التي تقول إن إيران لم تبدأ بعد في تصنيع السلاح النووي.
كما انتقد ترامب مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد، متهمًا الإعلام بتحريف أقوالها، رغم تأكيدها لاحقًا امتلاك إيران القدرة التقنية لتجميع سلاح نووي خلال أشهر إذا قررت ذلك. تصريحات غابارد جاءت متناقضة مع تقييم سابق منها يؤكد عدم وجود نية واضحة لدى طهران لتصنيع قنبلة نووية، مما زاد من غموض الموقف الاستخباراتي الأمريكي.
كلينتون يحذر من حرب للبقاء يقودها نتنياهو
وفي موقف أكثر انتقادًا لإسرائيل، اعتبر الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى للحرب مع إيران “للبقاء في منصبه”، داعيًا ترامب إلى تهدئة الأوضاع وعدم الانجرار إلى صراع يذهب ضحيته المدنيون. وأضاف كلينتون أن “اختيار الحروب التي يذهب ضحيتها الأبرياء ليس حلاً”.
إدانة سعودية ودعوة للتهدئة
من جانبه، شدد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان على أن الاعتداءات الإسرائيلية على إيران تمثل “انتهاكًا صريحًا للقانون الدولي وتهدد أمن المنطقة”، داعيًا إلى وقف العمليات العسكرية فورًا والعودة إلى مسار المفاوضات.
بريطانيا تدعو لبنان للنأي بالنفس
وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي حذّر بدوره من أن تورط لبنان في الحرب بين إيران وإسرائيل سيجلب تداعيات خطيرة، داعيًا إلى تجنيب لبنان أي مواجهة عسكرية، ومشددًا على ضرورة التزام إيران بالقرارات الدولية المتعلقة ببرنامجها النووي.
الحوثيون يهددون واشنطن
في تطور ميداني لافت، هدد الحوثيون باستهداف السفن الأمريكية في البحر الأحمر إذا شاركت واشنطن في هجمات ضد إيران، في مؤشر على اتساع رقعة النزاع. ويأتي ذلك في وقت تؤكد فيه طهران مواصلة الرد على الضربات الإسرائيلية، والتي أسفرت عن مقتل عدد من القادة والعلماء الإيرانيين.