شؤون آسيوية – القاهرة –
افتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمس (السبت) المتحف المصري الكبير قرب أهرامات الجيزة، وسط حضور دولي غير مسبوق.
وشارك في حفل الافتتاح 79 وفدا رسميا من دول العالم، من بينها 39 وفدا برئاسة ملوك وأمراء ورؤساء دول وحكومات، إلى جانب ممثلي عدد من المنظمات العربية والإقليمية والدولية.
— أكبر متحف في العالم لحضارة واحدة
وخلال الحفل رحب السيسي بالمشاركين في افتتاح المتحف على أرض مصر “أقدم دولة عرفها التاريخ، حيث خطت الحضارة أول حروفها وشهدت الدنيا ميلاد الفن والفكر والكتابة والعقيدة”.
وأضاف السيسي، في كلمته خلال الحفل الذي حظى بتغطية إعلامية عالمية، “لقد ألهمت مصر القديمة شعوب الأرض قاطبة، ومن ضفاف النيل انطلقت أنوار الحكمة لتضئ طريق الحضارة والتقدم الإنساني”.
وتابع “اليوم ونحن نحتفل معا بافتتاح المتحف المصري الكبير نكتب فصلا جديدا من تاريخ الحاضر والمستقبل في هذا الوطن العريق، فهذا أكبر متحف في العالم مخصص لحضارة واحدة، حضارة مصر التي لم ينقض بهاؤها”.
وأردف الرئيس المصري، أن “هذا الصرح العظيم ليس مجرد مكان لحفظ الآثار النفيسة، بل شهادة حية على عبقرية الإنسان المصري الذي شيد الأهرامات ونقش على الجدران سيرة الخلود، شهادة تروى للأجيال قصة وطن”.
ودعا إلى أن يكون “هذا المتحف منبرا للحوار ومقصدا للمعرفة وملتقى للإنسانية، ومنارة لكل من يحب الحياة ويؤمن بقيمة الإنسان”.
وفي بداية حفل الافتتاح، حملت طائرات “درونز” تحلق فوق سماء المتحف المصري الكبير لافتة مكتوب عليها، “أهلا بكم في أرض السلام” باللغة الإنجليزية.
وتضمن الحفل عروضا موسيقية وفنية ومجسمات ضوئية وألعاب نارية أضاءت سماء المتحف، وفي خلفيتها أهرامات الجيزة الشهيرة.
وفي مؤتمر صحفي قبيل حفل الافتتاح، أعرب رئيس الحكومة المصرية الدكتور مصطفى مدبولي عن سعادته وفخره بافتتاح المتحف المصري الكبير، الذي عده “حدثا فريدا واستثنائيا من نوعه”.
وقال مدبولي، إن “هذا الصرح العالمي هدية لكل العالم من دولة يعود تاريخها إلى أكثر من 7000 عام، دولة بها مزيج من جميع الحضارات التي مرت على تاريخ البشرية، لذا اليوم يمثل يوم فخر واعتزاز”.
— جوهرة الحضارة المصرية
ووصف الدكتور محمد إسماعيل خالد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، المتحف المصري الكبير بأنه “جوهرة الحضارة المصرية القديمة والتاريخ المصري القديم”.
وقال خالد، في مقابلة مع وكالة أنباء ((شينخوا))، “لدينا (في المتحف) صورة كاملة عن الحضارة المصرية القديمة منذ عصر ما قبل الأسرات وحتى العصرين اليوناني والروماني”، مشيرا إلى أن المتحف سيشكل “تجربة فريدة للزوار”.
وأضاف المسؤول المصري، أنه “لأول مرة منذ اكتشافها، نعرض مجموعة الملك توت عنخ آمون، فقد تم اكتشافها في الرابع من نوفمبر 1922، واليوم هو الأول من نوفمبر 2025، أي أنه بعد 103 أعوام تعرض مقتنيات الملك توت كاملة” في المتحف المصري الكبير.
وأشار إلى أن كل المصريين انتظروا لحظة افتتاح المتحف بفارغ الصبر، قبل أن يتابع أن “جميع المصريين سعداء برؤية هذه المعروضات التي تأسر قلوب الجميع، وتجذب الأنظار إلى مصر وحضارتها وتاريخها العريق”.
وأكد أن هذا المتحف “سيغير خريطة السياحة الثقافية في مصر تماما وسيفيد قطاع السياحة، ونحن سعداء أيضا بقربه من هضبة الجيزة (الأهرامات)، حيث سيسهم الموقعين معا في جذب الكثير من السياح من جميع أنحاء العالم”.
بدوره، قال الدكتور فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق وصاحب فكرة إنشاء المتحف المصري الكبير إن المتحف “مرآة التاريخ وملحمة وطنية تهديها مصر للعالم، تجسيدا لذاكرة أمة ورسالة حضارة خالدة تلهم الحاضر وتضئ المستقبل”.
— محتويات المتحف
ويقام المتحف الذي يضم 12 قاعة عرض على مساحة تتجاوز 500 ألف متر مربع، ليكون بذلك أكبر متحف في العالم خصص لحضارة واحدة، هي الحضارة المصرية القديمة.
ويتميز مبنى المتحف بتصميم مثلث الشكل يتجه نحو هرمي خوفو ومنقرع، وتغطي واجهته ألواح من الحجر الجيري الشفاف والألباستر المصري، ويتوسطه تمثال ضخم لرمسيس الثاني يبلغ ارتفاعه نحو 12 مترا ووزنه 83 طنا.
ويحتوي المتحف على نحو 100 ألف قطعة أثرية، تغطي التاريخ المصري القديم بداية من عصور ما قبل الأسرات إلى العصرين اليوناني والروماني.
ومن أبرز القطع الأثرية في المتحف كنوز الملك توت غنخ آمون، البالغة خمسة آلاف قطعة، والتي تعرض لأول مرة كاملة منذ اكتشاف مقبرته في نوفمبر 1922.
ومن القطع البارزة أيضا مجموعة الملكة حتب حرس أم الملك خوفو، الذي شيد الهرم الأكبر بالجيزة، ومركب الملك خوفو المعروف باسم “مركب
الشمس”، وهو أكبر وأقدم قطعة أثرية خشبية في تاريخ البشرية طولها 42 مترا ووزنها 20 طنا.
وبلغت التكلفة الإجمالية للمتحف، الذي استغرق بناؤه أكثر من 20 عاما، نحو 1.2 مليار دولار، حسبما قال الدكتور أحمد غنيم الرئيس التنفيذى لهيئة المتحف لوسائل إعلام محلية.
ويضم المتحف أكبر مركز لترميم الآثار بالشرق الأوسط، وممشى سياحيا بطول 1.27 كم يربط بينه وبين أهرامات الجيزة.
ويستقبل المتحف فى المتوسط حوالي 5 آلاف سائح يوميا منذ التشغيل التجريبي له في أكتوبر 2024، وسط توقعات رسمية بأن يصل عدد زائريه بعد الافتتاح الرسمي إلى 15 ألف يوميا، ما يزيد عن خمسة ملايين سائح سنويا.
ويعد المتحف المصري الكبير صرحا ثقافيا متكاملا حيث يضم بين جنباته أيضا أماكن خاصة بالأنشطة الثقافية والفعاليات مثل متحف للأطفال، ومركز تعليمي، وقاعات عرض مؤقتة، وسينما، ومركز للمؤتمرات، وكذلك العديد من المناطق التجارية.
وبدأت فكرة إنشاء المتحف في تسعينيات القرن الماضي، وفي عام 2002 تم وضع حجر الأساس في موقع متميز يطل على أهرامات الجيزة الخالدة، وفق الموقع الإلكتروني لوزارة السياحة والآثار.
وتعول مصر كثيرا على افتتاح المتحف لإنعاش الحركة السياحية الوافدة إليها، حيث تعد السياحة إحدى أهم مصادر العملة الصعبة للاقتصاد المصري.
وبلغت إيرادات مصر السياحية 15.3 مليار دولار خلال العام 2024، الذي زارها فيه 15.8 مليون سائح.
وتطمح مصر إلى جذب 30 مليون سائح بحلول 2030 عبر تنويع المنتجات السياحية فى المناطق المختلفة.
المصدر: شينخوا

