شؤون آسيوية – بقلم : رفيا عبود –
لمواقع التواصل الاجتماعي دور كبير ووظائف في غاية الأهمية لما لها من انتشار واسع بين مختلف فئات
المجتمع يمکنها أن تکون وسيلة فعالة بل تعد الوسيلة الأفضل من بين وسائل الدعاية والترويج للأفکار والأشخاص والمؤسسات نظراً للاعتماد الکبير من کافة شرائح المجتمع على مواقع التواصل الاجتماعي ، من هنا بات من الواجب الاهتمام بها فهي تتيح على تنوعها مساحة تفاعلية عبر محتوى يجتمع فيه النص والصورة الثابتة والمتحركة وتختصر المسافات ليصل صوتها إلى نطاق عريض من الجمهور سواء داخل محيط عملها أو خارجه .
لكنزبالمقابل لكل شيء في هذا العالم حمال أوجه به طرفا نقيض خير وشر ، وهذا الكلام ينطبق على مواقع التواصل الاجتماعي فهي فضاء رحب لنشر الشائعات والأكاذيب وجمهورها متفاوت من العامة إلى النخبة ، وفي ظل انتشار مواقع التواصل الاجتماعي بين قطاع عريض من أفراد المجتمع وعلى مساحة كبيرة تشغلها تقريباً كل الفئات من مختلف الأعمار والشرائح الاجتماعية بات من الضروري الاستفادة من هذه المنصات للتواصل مع الفئات المستهدفة وإيصال رسائلها وأهدافها ، وعلينا أولاً أن ندرك إن وسائل التواصل الاجتماعي واقع موجود وأن الاستفادة الحقيقية من هذه المواقع يتوقف في الأساس على مدى الإدراك لأهميتها كوسيلة للتوعية .
أيضاً ثمة حقيقة أن الجمهور يعتمد بنسبة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي وأنها ذات أهمية واضحة في سرعة نشر الأنباء وأخبار النشاطات الاجتماعية. ونظراً إلى إقبال الجمهور على هذه المواقع فإنه يجدر بنا عدم تجاهلها والاستفادة من إمكاناتها في الانتشار والوصول إلى المتلقين .
يضاف إلى ذلك كله إن مواقع التواصل الاجتماعي تمثل نقلة نوعية في وسائل الإعلام وفي
صناعة الرسالة الإعلامية وباتت منافساً بل متفوقاً على الكثير من وسائل الإعلام الجماهيري والتفاعل معها يزداد يوماً بعد يوم الأمر الذي حدا بالكثير من الشركات إلى استثمار تلك المواقع في التعريف بها والتسويق لمنتجاتها .
لكن علينا أن نقر ان الإشكالية ليست في هذه المواقع والتقنيات التي تهدف إلى التواصل وتقديم المعلومة بشكل سريع ومباشر إنما الإشكالية تكمن في كيفية استخدامها والتعاطي معها وطغيان الجوانب السلبية وسيطرتها على الرواية المتداولة كما يريد ويشتهي البعض مستفيدين من غياب تنظيم وضبط هذه الوسائل وعدم توظيفها في خدمة المجتمع .
الأمر الآخر الذي يمكن استثمار أحسن استثمار عبر وسائل التواصل هو تفعيل ونشر بعض الثقافات التي تؤثر في حياتنا اليومية سواء الاجتماعية أو الاقتصادية ولعل أقرب مثال هو تعزيز ثقافة العمل التطوعي وأهميته ومجالاته وآلياته.
وتفعيل عمل قطاعات العمل الأهلي ليكون محرك اساسي للتنمية المحلية
و توحيد جهود عمل منظمات المجتمع المدني وتضافر الجهود وتوحيدها لتنسيق العمل في مؤسسات المجتمع المدني.
لا سيما أن الجمعيات الأهلية أصبحت شريکًا حقيقيًا مع باقي قطاعات المجتمع الأخرى في تحقيق التکافل الاجتماعي وأداء أدوار رعائية وتنموية ضرورية بالمجتمعات المحلية .
ولعل مواقع التواصل الاجتماعي لما لها من انتشار واسع بين مختلف فئات المجتمع يمکنها أن تکون وسيلة فعالة للحث على التطوع والتبرع والتکافل الاجتماعي بل تعد هى الوسيلة الأفضل من بين وسائل الدعاية والترويج للأفکار والأشخاص والمؤسسات الاجتماعية
ونظراً للاعتماد الکبير من کافة شرائح المجتمع على مواقع التواصل الاجتماعي بات من الواجب على الجمعيات الأهلية استخدام مثل هذه المواقع من أجل التسويق
الاجتماعي لمشروعاتها وخدماتها التطوعية .
وبالعودة إلى واقع الحال والممارسات السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي يبدو السؤال اكبير مشروعاُ : لماذا أصبحت خصوصيات الناس مستباحة في وسائل التواصل .؟
حالة فلتان في محتوى ما تبثه بعض المنصات والمواقع .. الدخول إلى بيوت الناس دون رخصة أو استئذان ، اختراق ليس للبيوت فقط وإنما للقيم والتقاليد ولخصوصية كل بيت وأسرة ، منصات بكاميرا تقول في العلن للناس هذا غني وهذا فقير ، كريم أو بخيل ، وأكثر من ذلك تحدد المناطق والمحافظات والأحياء لتفوح منها رائحة الفتنة سواء عن قصد أو غير قصد .
من المسؤول عن مراقبة ومنع ما يحدث ، ولماذا أصبح كل شيء مباحاً تحت ستار الفضاء المفتوح ؟ الأغرب والاخطر أن حالة الفلتان مستمرة وبثياب الخيرين .
من قال إن من حقكم اختبار حالة البخل والكرم عند الناس .؟ واختراق خصوصياتهم . وهل مساعدة الفقراء وتقديم العمل الخيري يكون بهذه الطريقة ؟
الحياة الاجتماعية لا تخضع للأمزجة الشخصية .. ووجود كاميرا لا يكفي أن يفعل حاملها ما يريد ويشتهي ؟ ومجرد أن تكون هناك وقائع تنشرها هذه المنصات وليس هناك من يراقب ويتدخل ويحاسب مشكلة حقيقية تؤكد كل يوم أن حالة الفلتان في وسائل التواصل الاجتماعي هي التي تسيطر وهي الأكثر حضوراً وتأثيراً مقابل الضعف الذي تعاني منه الجهات المعنية بالرقابة والمحاسبة وضبط هذا الفلتان .
عندما يرى البعض صورهم تظهر في مواقع التواصل الاجتماعي دون علمهم الأمر الذي يجعلهم يشعرون بأن وقتهم الخاص أصبح مستباحاً من قبل الآخرين. فهل نبقى جميعا أفراد ومؤسسات بمنأى عن أي تدخل لوضع حد لهذا الفلتان.

