نتنياهو وترامب
شؤون آسيوية –
افتتاحية صحيفة هآرتس الإسرائيلية
يبدو كأن إسرائيل تعمل على تهيئة الأرضية لاستئناف الحرب على لبنان وغزة، بهدف عرقلة تنفيذ خطة النقاط العشرين التي طرحها دونالد ترامب. فهذه الخطة، التي يعلن ترامب أنها “مسار للسلام في الشرق الأوسط”، لا تحظى بتطبيق أميركي كافٍ، وإسرائيل تستغل هذا الفراغ لخلق واقع يمنع تقدُّمها.
أعلن الجيش الإسرائيلي أمس (السبت) أنه هاجم أهدافاً تابعة لـ”حماس” في غزة، وذكرت وكالات الأنباء مقتل 24 شخصاً في الهجمات. في موازاة ذلك، هاجم الجيش الإسرائيلي منصات إطلاق ومواقع عسكرية لحزب الله في لبنان، وليس للمرة الأولى، ففي الأيام الأخيرة، سُجّلت هجمات إسرائيلية واسعة على غزة، إلى جانب توسيع “الخط الأصفر” غرباً.
وبحسب جهات غير تابعة لـ”حماس”، يدور الحديث حول “اختبار محسوب” يهدف إلى فحص حدود الاتفاق وقدرة الوسطاء على الاستيعاب، وهذا لا يُعَد مجرد تغيير طوبوغرافي، بل يُعتبر تغييراً استراتيجياً: خلق ظروف يمكن بواسطتها الادّعاء أن الاتفاق استنفد نفسه، وبالتالي يمكن استئناف القتال “بسبب الاستفزازات”. وفي الوقت عينه، تخلق الهجمات على حزب الله في لبنان أجواء حرب وشيكة في الشمال، وتُعرَض كضرورة أمنية لا مفرّ منها.
لقد ازدادت الحاجة إلى يقظة أمنية بشكل مأساوي بعد أحداث 7 أكتوبر، لكن هذه الصدمة بالذات قد يستغلها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزراؤه المتعطشون إلى الدماء، وتحويل الحرب إلى واقع دائم يرافق إسرائيل والمنطقة أعواماً طويلة.
إن عودة جميع الأسرى الأحياء إلى إسرائيل، فضلاً عن معظم جثامين القتلى منهم، تمنح نتنياهو حرية كبيرة في رفع مستوى التوتر، أو خفضه، حسبما يشاء. ومع اقتراب الانتخابات، قد يستخدم نتنياهو هذه الحرية لإقناع قاعدته الانتخابية والمترددين بأنه “سيد الأمن” الذي يضرب أعداء إسرائيل بلا هوادة. و حقيقة أن “سيد الأمن” هذا مسؤول عن أكبر إخفاق في تاريخ إسرائيل لا تجعله يشعر بالخجل، بل تدفعه إلى محو العار، عبر تشديد قبضته العسكرية.
إن مفتاح وقف التدهور هو في يد الرئيس ترامب الذي يجب عليه أن يوضح لنتنياهو الخطوط الحمراء؛ ففي لبنان، يجب مساعدة الحكومة اللبنانية في مواجهتها مع حزب الله، وليس إضعافها من خلال قصف كثيف يجعلها تبدو كأنها عاجزة؛ وفي غزة، يجب مواصلة التقدم، وفق خطة ترامب، من دون محاولة إشعال الساحة. ولا يجوز أن يتسبب خوف الحكومة الإسرائيلية من تنفيذ أجزاء من الخطة التي تتطلب انسحابات إقليمية وتدويل السيطرة على القطاع في عرقلة تنفيذها.
على ترامب أن يوضح لنتنياهو أن محاولة تقويض الاتفاق ستُقابَل بردّ أميركي حاد، وأن رصيد الثقة الذي منحه إياه قبل عدة أشهر قد ينفد.
المصدر: صحيفة هآرتس الإسرائيلية – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

