شؤون آسيوية – جنوب لبنان –
في العديد من البلدات الحدودية في جنوب لبنان، يعيش السكان الذين غامروا وعادوا إلى ديارهم المدمرة تحت وطأة الخوف والقلق مع تواصل الغارات والقصف الإسرائيلي رغم وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل.
فلا يزال جيش الاحتلال الإسرائيلي مع مرور عام على الهدنة ينفذ ضربات في لبنان يقول إنها لإزالة “تهديدات” حزب الله، وبجانب وجود قواته في خمس نقاط رئيسية في المنطقة الحدودية، لا تفارق مسيراته، وفق السكان، أجواء الحدود اللبنانية.
ووفق مصادر أمنية ورسمية لبنانية، بلغت “الخروقات” الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار حتى 26 نوفمبر الجاري، 2223 خرقاً برياً، 3033 خرقاً جوياً، و171 خرقا بحرياً.
فيما قتل نحو 339 شخصا، وأصيب 978 آخرون بجروح خلال وقف إطلاق النار، بحسب بيانات وزارة الصحة اللبنانية.
وترى الخمسينية فايزة نصرالله في اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل “هدنة على الورق فقط”.
وتقول السيدة اللبنانية بينما كانت جالسة بحسرة فوق ركام منزلها المدمر في بلدة الخيام شرق جنوب لبنان، لوكالة أنباء ((شينخوا)) “إن المناطق الجنوبية غير آمنة وغير مستقرة، الناس يعملون بنصف طاقتهم، الطرقات فارغة في ساعات المساء، المزارعون يترددون في دخول أراضيهم خوفاً من التصعيد أو من أي استهداف جوي مفاجئ”.
وتضيف “ننام ونحن خائفون، ونستيقظ على الخوف نفسه، اتفاق وقف إطلاق النار موجود على الورق فقط، والأرض هنا تحكي واقعاً مختلفاً”.
وتستأجر عائلة نصرالله شقة صغيرة على مسافة قريبة من منزلها المهدم على أمل أن تتمكن من إعادة بناء ولو جانب صغير منه، “لكن ذلك يبدو مستحيلا في الوقت الحاضر”، وفق السيدة فايزة.
وتشير إلى “أن الجيش الإسرائيلي يستهدف الحفارات وكافة معدات إعادة تأهيل البنية التحتية، والمنازل المتضررة والمهدمة”.
وتقول “لا شيء يطمئن هنا، حقائبنا جاهزة للرحيل السريع مع أول إنذار إسرائيلي، فالآلة العسكرية الإسرائيلية لا ترحم”.
وقبل أربعة أيام، قتل القيادي في حزب الله هيثم علي الطبطبائي، مع أربعة مقاتلين في غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية، وفق ما أعلن حزب الله.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل “قائد أركان حزب الله” هيثم علي الطبطبائي، في الغارة على ضاحية بيروت الجنوبية.
فيما هدد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الأربعاء بأن لبنان لن ينعم بالهدوء والاستقرار دون ضمان أمن إسرائيل، وذلك في ظل تصعيد الهجمات الإسرائيلية على لبنان.
وتأتي هذه التهديدات رغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل برعاية أمريكية وفرنسية منذ 27 نوفمبر 2024.
ويصف الشاب حسان داوود (26 عاما) وقف النار بـ”غير المستقر”، مضيفا “أن أي احتكاك ميداني قد يشعل الحدود والجنوب بشكل عام سريعاً دون أي ضوابط”.
ويتابع داوود، الذي يقصد بلدته ميس الجبل بين فترة وأخرى في زيارات سريعة “أن هذا الاتفاق يشبه مظلة مثقوبة، خاصة وأنه خال من أية ضمانة دولية حقيقية”.
ويشير إلى أنه “أمام هذا الواقع لسنا على قناعة بأن هناك اتفاقا لوقف النار، فالجيش الإسرائيلي يخرقه يوميا دون حسيب أو رقيب”.
وبجانب الغارات الإسرائيلية ينتشر الجيش في مساحات ونقاط حاكمة في المنطقة الحدودية.
وأظهرت مسوحات فريق طوبوغرافي تابع للجيش اللبناني “أن المساحات التي يحتلها الجيش الإسرائيلي في المنطقة الحدودية بجنوب لبنان تبلغ حوالي 11391862 مترا مربعا”، وفق مصدر في مخابرات الجيش اللبناني.
ويقف “احتلال” الجيش الإسرائيلي لهذه المساحات عائقا أمام انتشار نظيره اللبناني حتى حدود الخط الأزرق الفاصل بين لبنان وإسرائيل، وفق مصادر أمنية لبنانية.
وعزز الجيش اللبناني منذ 27 نوفمبر 2024، وجوده على طول الحدود لوجستياً وبشريّاً، بحيث تجاوز مجموع مراكزه العسكرية مئتي مركز.
وقالت المصادر إنه خلال هذه الفترة “ارتفع عديد الجيش المنتشر على الحدود من حوالى أربعة آلاف وخمسمائة عسكري إلى حوالى عشرة آلاف”.
واعتبرت المصادر “أن العائق الأساسي في إكمال الجيش اللبناني انتشاره حتى حدود الخط الأزرق هو احتلال الجيش الإسرائيلي 5 نقاط حاكمة ومنعه بالنار أي كان من الاقتراب إلى الخط الحدودي”.
وبالنسبة للمحلل السياسي الدكتور نضال عيسى، “لم يتغير شيء على الجيش الإسرائيلي الذي تضرب آلته العسكرية أهدافا كيفما شاءت” بعد مرور عام على وقف إطلاق النار.
ويقول عيسى لـ((شينخوا)) “إن إسرائيل استغلت الغطاء الأمريكي، وعدم اتخاد أي موقف رادع من قبل الأمم المتحدة ولجنة الميكانيزم التي يرأسها أمريكي في وقف الاعتداءات اليومية على لبنان تحت حجة ضرب تحركات لحزب الله رغم التزام الأخير بجميع مندرجات بنود وقف إطلاق النار”.
ويحذر من “أن الوضع يبقى متجها نحو عملية عسكرية إسرائيلية ربما تتجاوز المناطق الجنوبية إلى الضاحية الجنوبية في بيروت وإلى شمال وشرق لبنان” في ظل “اصطدام جهود دبلوماسية مكثفة تقوم بها دول عربية وأجنبية للجم أي تصعيد عسكري بالتعنت الإسرائيلي المدعوم أمريكيا”.
ويؤكد أن الوضع بشكل عام “أبعد ما يكون عن الاستقرار”.
ويوضح “أن إسرائيل تستخدم سياسة الضغط المستمر لمنع أي عودة طبيعية للحياة في الجنوب وإبقاء هذه المنطقة الجنوبية عازلة وغير مأهولة”.
وهكذا يبقى الجنوب معلّقاً بين هدنة تحاول الصمود وواقع يخشى سكانه أن يتحول في أي لحظة إلى مواجهة جديدة لا تحمد عقباها، وفق عيسى.
المصدر: شينخوا

