Sunday

01-06-2025 Vol 19

على العالم أن يتحد.. كرة الهدم الأمريكية تهدد النظام التجاري متعدد الأطراف

شؤون آسيوية – بكين –

 

من خلال قيامها بشكل أحادي بفرض ما يسمى بـ”الرسوم الجمركية المتبادلة”، قوضت واشنطن روح النظام التجاري متعدد الأطراف القائم على القواعد وأسهمت في تصاعد التوترات في التجارة العالمية.

ولعل اللحظة الأكثر دلالة على الإطلاق كانت تحذيرا وجهه وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت إلى شركاء بلاده التجاريين وقال فيه إن “القيام بأي عمل متهور ليس الأمر الحكيم”. فقد كشف عن إيمان واشنطن الراسخ بأنها تمتلك تفوقا لا ينازعها فيه أحد، وهو وهم أصبح غير متوافق على نحو متزايد مع عالم متعدد الأقطاب.

وبالنسبة للمجتمع الدولي، صار الدفاع عن سلطة منظمة التجارة العالمية مسألة تُشكل ضرورة ملحة.

وعلى الرغم من التخريب المستمر الذي تمارسه الولايات المتحدة، لا يزال النظام التجاري متعدد الأطراف يشكل العمود الفقري للتجارة العالمية، حيث يشرف على حوالي 98 في المائة من التجارة الدولية للسلع. ولكن استمراريته بعيدة عن أن تكون مضمونة. فقد عملت واشنطن لسنوات على تقويض آلية تسوية المنازعات التابعة لمنظمة التجارة العالمية، لا سيما من خلال عرقلة تعيين قضاة جدد في محكمة الاستئناف التابعة لها، الأمر الذي أضعف بشدة قدرتها على فرض القواعد التجارية.

ولم تعد استعادة الأداء الوظيفي الكامل لمنظمة التجارة العالمية مسألة إصلاح بيروقراطي — بل مسألة وجودية للحفاظ على التجارة العالمية المفتوحة والقائمة على القواعد.

لقد كان هجوم الرسوم الجمركية الأخير من جانب واشنطن أشد وطأة على دول الجنوب العالمي، الأمر الذي كشف عن قلقها العميق إزاء تحول العالم نحو التعددية القطبية.

ولطالما بررت واشنطن هيمنتها الاقتصادية تحت ستار الزعامة العالمية. ولكن مع تزايد قوة الاقتصادات الناشئة، تضعف سيطرة واشنطن على النظام الاقتصادي العالمي. وبدلا من التكيف مع هذا الواقع الجديد، اختارت الهجوم وإقامة الحواجز في محاولة يائسة للحفاظ على نفوذها المتآكل.

والمفارقة العجيبة هنا هي أن التجارة العالمية لم تكن مصممة قط لكي تتحول إلى لعبة صفرية. فمنذ إنشاء النظام متعدد الأطراف، كانت بنيته تعمل على سد الفجوات التنموية، إذ تسمح للاقتصادات الناشئة باستخدام رسوم جمركية أعلى لرعاية صناعاتها، فيما تستفيد الاقتصادات المتقدمة من الحواجز التجارية المنخفضة التي تعزز الكفاءة والمنافسة.

لقد كانت واشنطن في يوم من الأيام مناصرا لهذا النظام، إدراكا منها أن النمو العالمي المستدام يعود بالنفع في النهاية على الجميع. ولكن الآن، وفي سعيها وراء الهيمنة المطلقة، يبدو أن واشنطن على استعداد لهدم هذا النظام كله.

حتى الحلفاء التقليديين لم يسلموا من ذلك. فالآن يجد الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية أنفسهم في مرمى ما يسمى بـ”الرسوم الجمركية المتبادلة”.

والرسالة التي تبثها من واشنطن واضحة ومفادها أن التحالفات هي عبارة عن صفقات، والولاء لا يوفر أي حصانة من العدوان الاقتصادي.

في الواقع، لا يمكن للمجتمع الدولي أن يتحمل استرضاء واشنطن. وإن استعادة آليات تسوية المنازعات التابعة لمنظمة التجارة العالمية، وتسريع الإصلاحات المؤسسية، وتعزيز التعاون متعدد الأطراف، هي أمور تشكل أهمية بالغة في مواجهة الإكراه الأحادي من جانب واشنطن.

وإنه فقط من خلال التضامن، يمكن للعالم صد كرة الهدم التي تمثل ما يسمى بـ”الاستثنائية الأمريكية” وحماية النظام الذي دعم عقودا من الازدهار العالمي.

 

المصدر: شينخوا

Shuun Asyawiya

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *