Sunday

01-06-2025 Vol 19

الصين ثابتة في دعم النظام الاقتصادي والتجاري الدولي

شؤون آسيوية – بكين –

 

بناء على طلب من الجانب الأمريكي، بدأت الصين والولايات المتحدة يوم أمس السبت اجتماعا رفيع المستوى بشأن الشؤون الاقتصادية والتجارية في جنيف بسويسرا. وقررت الصين التواصل مع الجانب الأمريكي بعد أن أخذت بعين الاعتبار بشكل كامل التطلعات العالمية ومصالحها الوطنية ونداءات الشركات والمستهلكين الأمريكيين.

وتتمتع الصين بمرونة قوية وأدوات سياساتية وافرة لحماية حقوقها ومصالحها المشروعة. وهي مستعدة للعمل مع المجتمع الدولي لمعارضة جميع أشكال الأحادية والحمائية والإكراه الاقتصادي.

وسواء كان الطريق إلى الأمام يتضمن التفاوض أو المواجهة، فإن أمرا واحدا يبقى واضحا: عزيمة الصين في حماية مصالحها التنموية لا تتزعزع وموقفها تجاه الحفاظ على النظام الاقتصادي والتجاري العالمي ثابت لا يتغير.

وشكل الاستخدام المتهور من جانب الولايات المتحدة للتعريفات الجمركية انتهاكا صارخا لقواعد منظمة التجارة العالمية، وزعزع استقرار النظام الاقتصادي العالمي. فبدلا من أن تخدم أية أغراض مشروعة، تمثل هذه الرسوم العقابية محاولة متعمدة لتقويض النظام التجاري متعددة الأطراف، مما ألحق الضرر بالمصالح المشروعة للدول حول العالم.

بالنسبة للولايات المتحدة نفسها، فإن هجومها باستخدام التعريفات الجمركية لا يعدو كونه إيذاء اقتصاديا للذات: وفي حين لا يستطيع معالجة المشكلات الهيكلية الكامنة، تسبب في تقلب الأسواق المالية، وأجج التضخم المحلي، وأضعف القدرة الصناعية، وزاد من خطر الركود.

وباعتبارهما أكبر اقتصادين في العالم، تتقاسم الصين والولايات المتحدة مصلحة عميقة في ضمان متانة واستقرار الروابط التجارية بينهما. وقد أكدت الأوساط التجارية والأكاديمية الأمريكية باستمرار أن التجارة الدولية ليست لعبة ذات محصلة صفرية، وإنما ينبغي أن تعزز المنفعة المتبادلة والنجاح المشترك. ويجب على صانعي السياسات في الولايات المتحدة أن يصغوا إلى هذه الأصوات الرشيدة والموضوعية، وأن يتخذوا خطوات ملموسة لإعادة العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة إلى مسار النمو الصحي والثابت.

وفي ظل تصاعد النداءات الداعية إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي، فإن قرار الجلوس إلى طاولة المفاوضات يمثل خطوة إيجابية وضرورية لحل الخلافات وتجنب المزيد من التصعيد. لكن كما تؤكد الصين باستمرار، لا يمكن أن يتم الحوار الهادف إلا على أساس الاحترام المتبادل والتشاور على قدم المساواة والمنفعة المتبادلة.

وإذا ما كانت واشنطن ملتزمة فعلا بحل الاحتكاكات التجارية عبر الحوار، فيجب عليها أولا مواجهة الأضرار التي تسببت بها سياساتها القائمة على التعريفات الجمركية، ليس فقط للنظام التجاري العالمي، ولكن أيضا لاقتصادها ومواطنيها.

ويجب عليها احترام قواعد التجارة الدولية الراسخة والتمسك بمبادئ العدالة والإنصاف. وينبغي ألا تكون المحادثات ذريعة لمواصلة الإكراه أو الابتزاز، وسترفض الصين بحزم أي مقترح يمس المبادئ الأساسية أو يقوض القضية الأوسع للعدالة العالمية.

وفي مواجهة الحمائية والبلطجة الاقتصادية من جانب الولايات المتحدة، اتخذت الصين إجراءات مضادة حاسمة وحشدت الدعم متعدد الأطراف من خلال الأمم المتحدة وغيرها من المحافل العالمية لتعزيز الدعوة إلى العدالة. ولا تدافع تصرفات الصين عن حقوقها التنموية المشروعة فقط، بل أيضا عن المصالح المشتركة للمجتمع الدولي الأوسع، وخصوصا الدول الصغيرة والنامية.

وقد لاحظت الصين أن بعض الاقتصادات تشارك أيضا في مفاوضات مع الولايات المتحدة. ومن المهم التأكيد على أن الاسترضاء لا يجلب السلام، ولا يمكن للتنازل أن يأتي بالاحترام. يبقى التمسك بالمواقف المبدئية والدفاع عن الإنصاف والعدالة هو السبيل الصحيح لحماية المصالح المشروعة.

في جوهر الأمر، هذا ليس مجرد نزاع تجاري – بل مواجهة بين رؤيتين متباينتين جذريا في عصر العولمة الاقتصادية: واحدة قائمة على الانفتاح والتعاون والنمو المشترك؛ وأخرى مدفوعة بالمواجهة والإقصاء وعقلية المحصلة الصفرية.

وتمثل المحادثات في سويسرا خطوة بالغة الأهمية نحو تسوية القضية. ومع ذلك، فإن الحل النهائي يتطلب صبرا إستراتيجيا كافيا ومثابرة، فضلاً عن دعم المجتمع الدولي الثابت للعدالة.

ودخلت الصين محادثات جنيف وهي واثقة من متانة أسسها الاقتصادية. فقد نما اقتصادها بنسبة 5.4 في المائة على أساس سنوي في الربع الأول من عام 2025؛ وفي عام 2024، تجاوز إجمالي وارداتها وصادراتها من السلع 43 تريليون يوان (نحو 5.94 تريليون دولار أمريكي)، مع مجموعة أكثر تنوعا من الشركاء التجاريين وتحسن في تركيبة الصادرات.

وفي هذه الأثناء، تعمل الابتكارات في السياسات والنشاط الحيوي في السوق جنبا إلى جنب: فقد ساهمت تدابير مالية ونقدية جديدة، تراوحت بين خفض أسعار الفائدة إلى الدعم المستهدف للابتكار والرفاه الاجتماعي، في تعزيز آفاق النمو وتقوية قدرة الصين على مواجهة الصدمات الخارجية.

وفي وقت تعاني فيه العولمة من الضغوط وتزداد فيه الحمائية، اختارت الصين عدم الانغلاق على نفسها. وبدلا من ذلك، ضاعفت التزامها بالانفتاح وتعزيز تحرير التجارة والاستثمار بعزيمة متجددة وخلق فرص للتنمية المشتركة في جميع أنحاء العالم.

موقف الصين واضح: مهما تغيرت ملامح المشهد العالمي، ستظل متمسكة بالانفتاح، مستخدمة موثوقية تنميتها الخاصة للمساعدة في التخفيف من حالة عدم اليقين التي يواجهها العالم بأسره.

وحروب التجارة ومعارك التعريفات لا تسفر عن أي منتصرين. إن وجود علاقة مستقرة وبناءة بين الصين والولايات المتحدة يخدم مصلحة كلا البلدين والعالم بأكمله. ومن خلال الحوار المستمر والإدارة المسؤولة للخلافات والتعاون الأعمق القائم على الكسب المتكافئ بين أكبر اقتصاديين في العالم، يمكن للاقتصاد العالمي أن يستعيد الثقة ويكتسب الزخم الذي هو في أمس الحاجة إليه.

 

المصدر: شينخوا

Shuun Asyawiya

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *