Mikati on Friday accused Israel of rejecting efforts to reach a ceasefire as Israeli forces resumed bombing Beirut's southern suburbs and other areas in Lebanon at dawn on Friday. (Xinhua/Bilal Jawich)
إسرائيل تستعد لاستئناف الحروب على غزة ولبنان وإيران، وغير واثقة بأن الولايات المتحدة تدرك هشاشة
بقلم: إيتمار أيخنر – كاتب إسرائيلي –
إن إسرائيل في حالة وقف إطلاق نار مع “حماس” في قطاع غزة، ومع حزب الله في لبنان، لكن على الورق. وفي الواقع، شهدت هاتان الساحتان أيضاً ضربات مهمة، يوم السبت، بما في ذلك اغتيال مسؤول بارز في الذراع العسكرية لـ”حماس” وقصف على البقاع في عُمق لبنان. وفي موازاة ذلك، وعلى الجبهة الثالثة، الجبهة الإيرانية، يظهر أيضاً أن طهران تستعد للمعركة المقبلة، مع التخوف من اندلاع مواجهة إضافية مع الجمهورية الإسلامية، عاجلاً أم آجلاً.
جبهة لبنان
قررت إسرائيل، في الآونة الأخيرة، تصعيد الضربات ضد حزب الله، في مواجهة ما تعتبره تقاعساً من الجيش اللبناني والحكومة اللذين لا ينجحان في تنفيذ ما عليهما من اتفاق وقف إطلاق النار، ولا في نزع سلاح التنظيم. أساساً، تركّز إسرائيل الضربات على شمال الليطاني والبقاع، وكذلك على الجنوب اللبناني، في وقت يكون الأميركيون أقلّ تورّطاً مما كانوا عليه في السابق، وفي حين يوجّه المجتمع الدولي انتقادات إليهم، لأنهم لا يواكبون تنفيذ الاتفاق عن قُرب.
وفي ظل الانتقادات، عينت الولايات المتحدة سفيراً جديداً لها في لبنان، هو ميشيل عيسى، الذي من المتوقع أن يمارس ضغوطاً على الحكومة اللبنانية لأخذ الأمور بجدية. كذلك ألغت الولايات المتحدة زيارة قائد الجيش اللبناني لواشنطن، في ضوء تصريح له، قال فيه إن إسرائيل هي العدو. والمشكلة التي ترصدها إسرائيل هي أن جزءاً كبيراً من الجيش اللبناني لا يزال قائماً على مسلمين شيعة، وهو ما يجعل من الصعب مواجهتهم مع حزب الله الشيعي نفسه. وهناك مشكلة إضافية هي انخفاض رواتب جنود الجيش اللبناني، التي تبلغ نحو 200 دولار لكل جندي، في مقابل عناصر حزب الله الذين يتقاضون ثلاثة أضعاف، وهو ما يدفع الجنود إلى العمل في وظائف إضافية، ويقلل حافزهم على الاشتباك مع عناصر الحزب.
عموماً، يستمر الوضع الاقتصادي في لبنان في التدهور، ويعيق الخوف الدائم من الانهيار، ومن حرب أهلية، اتخاذ خطوات راديكالية؛ يستغل حزب الله هذا الضعف لتعزيز ترسّخه، ولا يزال ينجح في تهريب السلاح إلى لبنان، مع العلم أنه منذ سقوط نظام الأسد، حاولت سورية إحباط بعض عمليات التهريب، لكنها لا تزال ضعيفة؛ أمّا إسرائيل، فهي مصممة على عدم السماح بعودة الوضع إلى ما كان عليه عشية الحرب، وتعتمد سياسة الضربات الاستباقية. وفي الأيام الأخيرة، ولا سيما أمس (السبت)، نفّذت سلسلة ضربات واسعة شملت مواقع لحزب الله وقتل عنصرين مسلحين، بينما يهدد الحزب بعدم تحمُّل مزيد من الضربات من دون رد، في وقت يستعد الجيش الإسرائيلي لاحتمال خوض قتال يمتد عدة أيام.
جبهة غزة
تودّ إسرائيل اعتماد النموذج اللبناني في قطاع غزة، غير أن الوضع هناك أكثر تعقيداً؛ الولايات المتحدة ترغب في الانتقال إلى المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، لكن إسرائيل تتحفّظ، وخصوصاً لأن “حماس” لم تُعِد ثلاثة من الرهائن القتلى: درور أور، والرقيب أول ران غويلي، والمواطن التايلندي سونتيساك رينتالاك، وتقدّر إسرائيل أن “حماس” لا تبذل الجهود الكافية للعثور عليهم ونقلهم للدفن.
قررت إسرائيل اعتماد سياسة هجومية في مواجهة كل خرق، لمنع “حماس” من إعادة بناء قوتها، وبعد حوادث تخطّي الخط الأصفر وإطلاق النار، نفّذ الجيش الإسرائيلي ضربات واسعة، وقتل مسؤولاً بارزاً في الذراع العسكرية للحركة، هو أبو عبدالله الحديدي، وقتل، أو اعتقل، خلال الساعات الأخيرة، جميع المسلحين السبعة عشر الذين خرجوا من أنفاق رفح.
إن الانتقال إلى المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار سيفرض على إسرائيل خطوات تخفيفية، مثل فتح معبر رفح، وزيادة المساعدات الإنسانية، والسماح بحركة السكان، والانسحاب إلى خط جديد عند وجود جهة مسؤولة، وبعد إنشاء قوة الاستقرار الدولية والموافقة عليها في مجلس الأمن، يُتوقع وصول جنود أجانب خلال أسابيع، ويتضح أن القوة ستتألف من جنود عرب ومسلمين لتجنّب اعتبارها قوة احتلال غربية، لكن هناك دولاً عربية تتردد في المشاركة، خوفاً من المواجهة مع “حماس”، وقد ناقش المجلس الوزاري الإسرائيلي مسألة نزع سلاح “حماس”، وعرض تقديراً، مفاده بأن التنظيم لن يفعل ذلك طوعاً، وإذا فشلت الولايات المتحدة في ذلك، فإن إسرائيل ستقوم بالمهمة.
تستغل إسرائيل الوقت لفرض وقائع قبل وصول القوات الأجنبية، لأن الرد سيصبح صعباً أكثر لاحقاً، فضلاً عن إصابة عناصر القوة الدولية. وعلى الرغم من التصعيد الأخير، فإن إسرائيل تقدّر أنه كان موضعياً، وأن “حماس” لا مصلحة لها في نسف التفاهمات، وكذلك إسرائيل.
إيران
إن الجبهة الثالثة والأخطر تبقى إيران، التي تستعد لإعادة بناء برنامجها للصواريخ الباليستية، استعداداً لهجوم مُحتمل على العمق الإسرائيلي. ويتمحور القلق الدولي حول احتمال خطأ في الحسابات يؤدي إلى ضربة استباقية من أحد الطرفين، وتُبذل جهود دبلوماسية دولية لتجنُّب هذا السيناريو، لكن إيران لا تثق بإسرائيل، وتخشى من ضربة وقائية. وفي إسرائيل، يسود شعور بأن واشنطن لا تدرك تماماً مدى هشاشة الوضع، على الرغم من وجود القيادة المركزية الأميركية في كل الجبهات ووجود الأميركيين في غرفة العمليات المشتركة في كريات غات.
المصدر: صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

